أخيراً أُعلنت رؤية للإنقاذ الوطني من قبل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني.. وصار لدى اليمنيين مشروعاً نظرياً متكاملاً لتحاليل الأزمة التي تمر بها بلادهم، وتشخيص مظاهرها، ومقاربة الحلول والمعالجات الناجعة لتلك الأزمة ولتلك المظاهر، وأخيراً تضمنت الرؤية مشروعاً أولياً للآليات التي يمكن العمل من خلالها.. عندما نتساءل عن البديل للأوضاع والسياسات الراهنة يمكن القول الآن، إن هذا البديل صار مطروحاً بأوضح وأجلى الصور، وأن البلد يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، يشكل التغيير مضمونها، إذ يرتبط إنقاذ اليمن بتحرك سياسي واجتماعي شامل، وبكامل الفعالية، وبمشاركة جادة من كافة القوى صاحبة المصلحة بتغيير هذه الأوضاع الفاسدة المتهالكة المسببة للأزمة، ولمظاهرها الوطنية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية.. ولأن قوى التغيير موجودة، وأقدامها راسخة على أرض الواقع، فإن مشروع التغيير، والبدء في العمل من أجل تنفيذه ظل مرهوناً بامتلاك رؤية نظرية توضح ماهية هذا التغيير، وتحديد مهامه وموضوعاته، وهو الأمر الذي تحقق من خلال إصدار لجنة الحوار الوطني برئاسة الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوة الأسبوع الماضي للوثيقة التاريخية الموسومة ب"مشروع رؤية للإنقاذ الوطني" وهي الوثيقة التي جاءت ثمرة حوارات جادة بين عشرات القادة الممثلين لأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، وشرائح وفئات المجتمع المختلفة مستلهمين التراث السياسي الوطني في المراحل المختلفة، ومستوعبين حقيقة المشكلات التي تعاني منها البلاد.. وتعبيراً عن جدية مشروع التغيير والإنقاذ، لم تغلق اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الرؤية الصادرة عنها، ولم تّدع أنها تمثل الوصفة النهائية لحل ومعالجة مشكلات اليمن، وإنما تركتها مفتوحة لاستيعاب المزيد من الرؤى والتوجهات المحتمل بروزها خلال مسيرة العمل القادمة، بما يسمح لأن تكون هذه الرؤية قادرة على تمثيل مصالح وتوجهات قوى المجتمع كافة المناهضة للاستبداد والتسلط الفردي، ولقوى الفساد والفوضى والمصالح غير المشروعة، وكذلك أداتها الكاشفة لإنجاز مهام التغيير ولإنقاذ، ومن ثم الشروع في بناء الدولة اليمنية اللامركزية بنظامها السياسي الديمقراطي، وبمضامينها الوطنية والديمقراطية. لقد استقبلت سلطة الأزمة والفساد وثيقة "ومشروع رؤية للإنقاذ الوطني" بنوع من الهستيرية، وراحت تؤلف وتوزع الشتائم والسباب، وتستذكر أحقادها ضد الجميع بدون استثناء، وصار واضحاً أن هذه السلطة لا تمتلك غير هذا الجواب على أزمة البلد ومشاكلها، بذاءة اللسان فقط هي كل ما تبقى لديها لتقوله في هذه اللحظة الاستثنائية، حيث البلد ينتظر تحركاً فعلياً للإنقاذ، استناداً إلى رؤية قادرة على مقاربة الواقع، وسبر أغواره ودروبه.. لا ينبغي بأي حال من الأحوال التجاوب مع سفاهات السلطة وبذاءاتها، لأن ذلك سيشغل قوى التغيير والإنقاذ عن إنجاز المهمة المناطة بها.. إن الوقت هو وقت للعمل، فلندع الكلاب تنبح والقافلة تسير.. صحيفة الناس