عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الاثنين، جلسة خاصة في جنيف لاستعراض تقرير بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في اليمن والتي زارت صنعاء مطلع يوليو الفائت. وانتقد مجلس حقوق الإنسان في جلسته الأولى استخدام الحكومة اليمنية المفرط للقوة ضد المحتجين، ومن المفترض أن يواصل المجلس عقد جلسة ثانية اليوم الثلاثاء قبل أن يصدر قراره في تاريخ 27 من الشهر الجاري. وكانت لجنة من المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد زارت عدة محافظات يمنية واطلعت على أوضاع حقوق الإنسان لا سيما القمع الذي تعرض له المتظاهرون على إثر اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام صالح. وطبقاً لمصادر يمنية حضرت المناقشة، وتحدثت إلى المصدر أونلاين، فقد أكدت عدد من الدول الغربية على عدة توصيات في تقرير اللجنة أهمها أن يكون هناك تحقيقات دولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وأن يتم إرسال بعثة لتقصي الحقائق، كما أدانت بشكل واضح ما يجري، وتحدث مندوبي بعض الدول كالتشيك وامريكا والمانيا بلهجة عالية النبرة وصلت حد إشارة بعضهم إلى جرائم ضد الإنسانية ترتكب في اليمن على يد القوات الموالية لصالح. ووزعت المجموعة اليمنية غير الرسمية التي شاركت في المناقشة تقريراً عن الانتهاكات التي حدثت أمس الأحد واليوم الاثنين، على أعضاء المجلس والمشاركين في الجلسات. والتقى وفد منظمات المجتمع المدني اليمني المكون من النائبين علي عشال وعلي المعمري والناشط الحقوقي عز الدين الأصبحي برؤساء البعثات الدبلوماسية للبرازيل وهولندا الاتحاد الأوروبي ويواصل لقاءاته بكل من امريكا وفرنسا والدنمارك وألمانيا، وذلك لعرض تقرير حالة حقوق الانسان في اليمن ولتعزيز الموقف الدولي في حماية المتظاهرين السلميين، كما يسعى الوفد إلى أن يصدر القرار الدولي كتوصية ملزمة لليمن. وألقى الأصبحى رئيس مركز المعلومات والتأهيل كلمة عن الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان قدم فيها مطالب تتلخص في تعزيز المطلب الخاص بضرورة أن تكون التحقيقات بإشراف دولي وضمن المعايير الدولية لضمان العدالة والإنصاف، والإفراج الفوري عن سجناء الرأي والمعتقلين، وإلغاء التضييق على الاعلاميين. وطالب بالوقف الفوري للانتهاكات القائمة للمواطنين وعدم التعرض للمدنيين والمتظاهرين السلميين، والغاء حالة الحصار الجماعي التي تعاني منها مدن اليمن والتي تشمل انعدام الخدمات الأساسية التي تصل إلى مستوى جرائم ضد الانسانية، كما شدد على أهمية ان يكون لمفوضية الاممالمتحدة مكتب مقيم في اليمن وله كامل الصلاحيات. وقالت المصادر اليمنية ل«المصدر أونلاين» إن المواقف العربية اتسمت بنوع من المجاملة الدبلوماسية بخلاف موقف الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية الذي كان واضحاً. أما الجانب اليمني الرسمي فقد اعتبر التقرير متوازناً لكنه رفض أي تحقيق دولي أو إرسال لجنة لتقصي الحقائق.
وطالب أبو بكر القربي بإعادة النظر في التوصية التي أصدرها مجلس حقوق الإنسان بخصوص تشكيل لجنة دولية لإجراء تحقيقات دولية مستقلة وحيادية، لكونها لا تتفق مع فحوى الدعوة للحوار بين الأطراف اليمنية، حسب وصفه. وطبقاً للمصادر فقد طلب الجانب الرسمي من الأعضاء عدم إصدار قرار بتحقيق دولي بتحقيق دولي أو ارسال بعثة لتقصي الحقائق لأنه سيعمل على عرقلة مساعي الحوار الداخلي، بحسبما قال القربي. لكن الوفد المدني اليمني رد بأن التحقيقات الدولية هي من أجل العدالة وإنصاف الضحايا وهذا أمر لا يعرقل أي حوار سياسي ممكن. وأكد القربي "أن الحكومة اليمنية ستقوم بالتحقيق في المجزرة التي وقعت يوم أمس ومحاسبة المسئولين عنها" معربا عن الأسف لأن هذا الحادث "جاء في الوقت الذي بدأت بوادر حل الأزمة السياسية وفقا للمبادرة الخليجية". وطبقاً لوكالات فقد قالت نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان كيونغ وا كانغ، أثناء طرح التقرير بأنه "لا يجب على المجتمع الدولي أن يبقى غير مبالٍ بالأزمة التي يواجهها الشعب اليمني". وأضافت: "ندعو الحكومة إلى وقف الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية وذلك بموجب التزامات اليمن في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والإطلاق غير المشروط لجميع الأشخاص الذين اعتقلوا لممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع بشكل سلمي، والامتناع عن الاعتقالات العشوائية". ودعت الحكومة اليمنية أيضاً إلى "الإسراع في إجراء تحقيقات مستقلة في اتهامات ذات مصداقية في وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها القوات الحكومية الأمنية وتأمين تعويضات للضحايا وعائلاتهم". وحثت كانغ المجلس على دعم تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن. وقالت إن بعثة مجلس حقوق الإنسان التي توجهت إلى اليمن في مهمة استغرقت نحو أسبوع، لم تتمكن من التنقل خارج المدن الرئيسية، صنعاءوعدن وتعز، وذلك نظراً لعنصر الوقت والاعتبارات الأمنية. وأشارت إلى أن "اليمن تتميز بتعقيد دينامكيته الداخلية وعدم استقرار الوضع في ظل العديد من التطورات الموازية في العديد من مناطق البلاد. ففي العاصمة صنعاء والمراكز الحضرية الرئيسية، نشهد مظاهرات جماعية سلمية متواصلة، كما نرى في أجزاء أخرى من المنطقة، تطالب بالكرامة والحرية والتغيير". يذكر ان الوفد اليمني غير الرسمي مكون من النائبين علي عشال وعلي المعمري، والناشطين الحقوقيين أمل الباشا وعز الدين الأصبحي وعبد الرحمن الولي عن شباب الثورة، فيما ارسل النظام وفداً رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية ابو بكر القربي، ومعه كل من وزير الشئون القانونية رشاد الرصاص بالإضافة إلى السفير اليمني المقيم ومندوبين للرئاسة والحكومة ومنظمات مجتمع مدني موالية للنظام.
كما شارك ممثلاً عن شباب الثور عثمان الحدي والبروفسور هلال الأشول مقيمين في المهجر، وأسهما في توضيح حقيقة ما يجري من انتهاكات في اليمن. الجدير ذكره أيضا ان تقرير بعثة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان اليمن الذي تتم مناقشته كان قد دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين واحترام الحق في التظاهر السلمي ومواجهة ما وصفه التقرير بالوضع الإنساني المتدهور في البلاد. وشدد التقرير على الحاجة الى "تحقيقات دولية مستقلة ومحايدة" في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بحركة الاحتجاج السلمي في اليمن منذ بداية هذا العام. واستند التقرير إلى زيارة وفد من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان الى كل من عدنوصنعاء وتعز في الفترة بين 28 يونيو حزيران و6 يوليو تموز الماضي التقى خلالها بالعديد من كبار المسؤولين بمن فيهم نائب الرئيس وقادة الأحزاب السياسية وأعضاء البرلمان وكذلك ممثلي المنظمات غير الحكومية والمحامين والصحافيين والأطباء والمدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا الانتهاكات وأقاربهم. وجاء في التقرير "أن البعثة لاحظت وضعا عاما يدعو فيه العديد من اليمنيين سلميا لمزيد من الحريات ووضع حد للفساد واحترام سيادة القانون في مقابل استخدام مفرط وغير متناسب للقوة المميتة من قبل الدولة حيث تم قتل المئات وتعرض الآلاف لإصابات بما في ذلك فقدان الأطراف". وأشار التقرير الى "مزاعم ذات مصداقية بشأن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن الحكومية بما في ذلك قتل المدنيين والاستخدام المفرط للقوة والاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة". وأضاف أنه في عدد من الحالات منعت قوات الأمن الحكومية المتظاهرين من الوصول إلى الجرحى أو المستشفيات أو الأطباء الى جانب تقارير تفيد بأن قوات الأمن أطلقت النيران على سيارات الإسعاف في أكثر من مناسبة. يذكر أن من صلاحيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان وخاصة الانتهاكات الجسيمة والمنتظمة التكرار وتقديم التوصيات اللازمة لوقف مثل هذه الانتهاكات أو الحد منها.