مرَّ أكثر من أسبوع على إعلان فوز الأستاذة توكل عبد السلام كرمان بجائزة نوبل للسلام وهي فترة لعلها كافية لمحاولة طرح رؤيةٍ مغايرةٍ بعد أن خفَّت الموجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت هذا الحدث الكبير. يمكن قراءة اختيار توكل للجائزة من جانبين: أحدهما ينطلق من نظرية المؤامرة، والآخر على خلاف ذلك ينطلق من منظور التفاؤل وإحسان الظن بالآخر. أما الجانب الأول فهو يتعلق بالكلام الذي يُثار حول جائزة نوبل الذي يتلخَّص في أن الجائزة - في الغالب - تحمل أهدافاً ومرامٍ سياسية، قد لا تكون بالضرورة عدائية ولكنها تخدم المصلحة الغربية . وإذا انطلقنا من هذا المنظور (المؤامراتي) فإنه يمكننا أن نقرأ إعلان فوز توكل بالجائزة على أنه يرمي إلى إحداث شرخ في الصف الأول لقيادة الثورة الشبابية بين شباب الثورة وقيادة المشترك التي استطاعت بحكمة عالية - من خلال تعاطيها السياسي المرن مع النظام المتصلب - إبقاء جذوة الثورة متوهجة هذه الفترة الطويلة (10 أشهر)، ويتم إحداث هذا الشرخ بإبراز توكل إلى الواجهة بعد أن كانت قد توارت قليلاً – ربما – بسبب حماستها الزائدة وغير المدروسة التي سبَّبت كثيراً من المشاكل للثورة الشبابية، وبالتالي فإن إعادة إبرازها إلى الواجهة قد يؤدي إلى قرارات عاطفية غير مدروسة قد تلحق الضرر بالثورة الشبابية. أما المنظور التفاؤلي فهو يمكن أن يُقرَأ على نحوٍ مغاير وهو أن اختيار توكل للجائزة لم يكن بسبب تاريخها النضالي في مجال السلام – وهو تاريخ حافل ورائع – ولكنْ بوصفها رمزاً مناسباً للإسلام السياسي بحجابها الذي يمثل رمزاً وسطياً للاعتدال وبمرجعيتها السياسية والفكرية لكونها قيادية في التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين). لعل الغرب قد أدرك مبكراً أن المرحلة القادمة في العالم العربي هي مرحلة الإسلاميين، وقد ظهر هذا جليًّا في تصريحاتهم سواء عبر وزيرة الخارجية الأمريكية التي لا ترى مشكلةً في أن يحكم الإخوان المسلمون مصر طالما التزموا بالديمقراطية، أو في تصريح السفير البريطاني في اليمن الذي يتضمن أنه ليس لدى بريطانيا مشكلة في أن يصل الإسلاميون في اليمن إلى السلطة. إذن فمن المناسب إرسال رسالة إلى هذا التيار العريض من خلال تكريم أحد رموزه بأعظم جائزة عالمية إثباتاً لحسن النوايا لدى الغرب وأنه ليس لديه مشكلة تجاه الإسلام السياسي.