لم تجد الضغوط الدولية والإقليمية على أطراف الأزمة في اليمن من اجل التوقيع على المبادرة الخليجية نفعا حتى الآن، بسبب ما وصفته الأممالمتحدة ب"الخلافات العميقة" بين هذه الأطراف وفي ظل حديث عن رغبة الرئيس علي عبدالله صالح في إجراء "تعديلات جوهرية" على المبادرة، الأمر الذي ترفضه المعارضة بشدة. ورغم مرور اشهر على طرح المبادرة الخليجية، التي تلقى قبولا دوليا ويدعمها مبعوث الاممالمتحدة لليمن جمال بن عمر المتواجد حاليا بصنعاء، لم تتفق أطراف الأزمة في اليمن على موعد محدد للتوقيع على الآلية الزمنية لتنفيذ المبادرة. وقال فتحي العزب رئيس الدائرة الإعلامية بحزب (التجمع اليمني للإصلاح)، اكبر أحزاب المعارضة، لوكالة انباء (شينخوا)، اليوم (السبت) ، إن عرقلة التوقيع على المبادرة الخليجية بآليتها المزمنة للتنفيذ جاء نتيجة طلب الرئيس صالح اجراء تعديلات جوهرية على المبادرة. وأوضح العزب ان الرئيس صالح يريد تعديل في بند إجراء الانتخابات بالمبادرة، بحيث يظل رئيسا للبلاد حتى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة ومن دون تسليم كامل صلاحياته لنائبه عبدربه منصور هادي كما نصت على ذلك المبادرة. وتابع ان صالح يريد كذلك تعديلات في نصوص المبادرة بما يخص الضمانات القانونية له ولعائلته ولأركان نظامه. واعتبر ان ذلك "يعد مخالفا نصا وروحا لكافة بنود المبادرة الخليجية بصيغتها الأخيرة"، والتي وقعت عليها المعارضة في مايو الماضي. وشدد العزب على ان المعارضة اليمنية لا يمكن ان تقبل بأي تعديلات جديدة في نصوص المبادرة الخليجية، مؤكدا انهم متمسكون بالصيغة الأخيرة التي وقعت عليها المعارضة. وتقضي المبادرة الخليجية في صيغتها الأخيرة بتسليم الرئيس صالح كامل صلاحياته لنائبه عبدربه منصور هادي على ان يقوم الأخير بالدعوة لإجراء انتخابات رئاسية خلال 60 يوما، بالإضافة إلى عدم ملاحقة الرئيس وكافة أركان نظامه قانونيا. ورأى العزب ان التعنت الذي يبديه الرئيس اليمني بشأن عرقلة التوقيع على المبادرة الخليجية بآليتها المزمنة يهدف الى التهرب من اي خيارات سلمية ومحاولة تفجير الاوضاع عسكريا كما هو قائم في كل من مدينة تعز ومنطقة ارحب شمال صنعاء. ودعا مجلس التعاون الخليجي الى الدفاع عن المبادرة التي تقدم بها لحلحلة الأوضاع في اليمن. كما دعا المجتمع الدولي الذي دعم تلك المبادرة من خلال قرار مجلس الامن رقم (2014) الى الوقوف بحزم وقوة ضد من يعرقل التوقيع على المبادرة، لان الشعب اليمني لا يزال ينظر وبأمل كبير الى موقف حازم من قبل المجتمع الدولي والخليجي ضد الرئيس صالح. ونفى الحزب الحاكم في اليمن ان يكون والرئيس صالح قد طلبا تعديلات على المبادرة الخليجية. وقال طارق الشامي رئيس الدائرة الإعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام، "لا توجد أي اشتراطات جديدة من قبل حزبه او من قبل الرئيس" بشأن المبادرة الخليجية. وتابع "هناك آلية مزمنة لتنفيذ المبادرة وتم الاتفاق عليها أثناء زيارة مبعوث الأممالمتحدة لليمن جمال بن عمر السابقة". وأوضح إن أهم البنود التي تشملها الآلية المزمنة لتنفيذ المبادرة الخليجية والتي تم الاتفاق على حوالي 80 بالمائة منها مع المعارضة تتمثل في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بحث يظل الرئيس علي عبدالله صالح رئيسا للبلاد حتى إجراء تلك الانتخابات. وتابع الشامي "نحن الآن ننتظر عودة قيادات المعارضة من خارج البلاد للتفاهم حول باقي التفاصيل ثم التوقيع على الآلية والمبادرة في نفس التوقيت". وكان الحزب الحاكم في اليمن قد اعلن الجمعة ان التوقيع على الآلية الزمنية لتنفيذ المبادرة الخليجية بات وشيكا. وقال احمد عبيد بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام في خطاب بميدان السبعين أمام حشد جماهيري، إن موعد التوصل إلى اتفاق مع المعارضة البرلمانية حول الآلية الزمنية للمبادرة الخليجية "اقترب". لكن الاممالمتحدة ترى ان توقيع المبادرة الخليجية تواجهه خلافات عميقة.
وقال مصدر في مكتب الأممالمتحدةبصنعاء، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة انباء (شينخوا)، إن خلافات حادة وكبيرة لا تزال قائمة بين أطراف الأزمة في اليمن بشأن التوقيع على الآلية الزمنية لتنفيذ المبادرة الخليجية لحل هذه الازمة. وتابع "هناك نقاط خلافية عميقة حول تحديد موعد الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى". وكان سلطان البركاني الأمين العام المساعد للحزب الحاكم في اليمن قد اكد ل(شينخوا) مؤخرا، ان أهم النقاط الخلافية التي عرقلت توقيع الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تمثلت في موعد إجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والقضية الجنوبية، وهي "مشكلة المحافظات الجنوبية في اليمن التي تنادي بالانفصال عن الشمال". وأضاف المصدر الاممي انه "لا يوجد حتى الآن أي موعد محدد للتوقيع على الآلية الزمنية لتنفيذ المبادرة الخليجية، خاصة في ظل استمرار تمترس الأطراف اليمنية وراء اشتراطات جديدة". وأكد ان المبعوث الاممي لليمن جمال بن عمر "لا يزال يقوم بإجراء حوارات بين أطراف الأزمة للتوقيع على المبادرة الخليجية بآليتها المزمنة"، متمنيا ان يتم حلحلة كافة القضايا والنقاط الخلافية بتفاصيلها في القريب. ووصل المبعوث الاممي لليمن الخميس الى صنعاء لمتابعة قرار مجلس الأمن بشأن اليمن (2014)، والذي دعا إلى وقف أعمال العنف والتوقيع على المبادرة التي تقدمت بها دول الخليج في ابريل الماضي لحل الأزمة في اليمن. وكانت المعارضة اليمنية قد وقعت هذه المبادرة في مايو الماضي، فيما رفض الرئيس صالح حينذاك التوقيع واشترط "توقيعا مشتركا" في دار الرئاسة بصنعاء. ويرى نشطاء ان الرئيس صالح هو من يعرقل التوقيع على المبادرة الخليجية. وقال الصحفي والناشط الشبابي فؤاد الحصري "ان السبب الرئيسي في عرقلة توقيع المبادرة الخليجية بآليتها الزمنية وكذا عرقلة الجهود والمساعي التي يبذلها المبعوث الخاص للامم المتحدة لليمن هو علي عبدالله صالح، الذي عرقل جهود هذه المبادرة أكثر من مرة". وأوضح الحصري ان "المبادرة حاليا لا تستطيع المضي قدما لتحقيق أهدافها المنشودة لتجنب اليمن من الانزلاق نحو الفوضى والدمار (..) من قتل وتنكيل وتدمير للممتلكات العامة والخاصة وقتل النساء والأطفال كما هو قائم في تعز وأرحب شمال صنعاء بسبب التعنت المستمر من قبل النظام". والجمعة سقط في مدينة تعز (256 كم جنوبصنعاء) 13 قتيلا، بينهم ثلاث نساء وطفل وأكثر من 40 جريحا في قصف لقوات الحرس الجمهوري، على الأحياء المجاورة لساحة الحرية، حسب مصدر طبي.