لم يغير توقيع المبادرة الخليجية لنقل السلطة من لغة الثورة وشبابها، وحاضر الحركة الاحتجاجية، إذ واصل شباب الثورة في مسيراتهم الرافضة للتسويات السياسية. وأكدوا على استمرارهم في الانتفاضة حتى محاكمة علي عبدالله صالح ورموز نظامه، وتحقيق كامل الأهداف التي خرجوا من أجلها في الديمقراطية والحرية. ويبدوا أن اتفاقية نقل السلطة التي وقعت مساء أمس فشلت في إيقاف نزيف الدم، حيث قتل مسلحون موالون لصالح في صنعاء خمسة متظاهرين وجرحوا 34 آخرين أثناء اعتراض مسيرة حاشدة خرجت من ساحة التغيير. وكانت مسيرة اليوم قد أكدت على رفضها للمبادرة الخليجية، وأن طريق الحسم سيكون عبر النهج الثوري لا السياسي. وفيما يعتبره البعض «انفراجاً على الأقل سياسياً» وتحقيقاً لأول أهداف الثورة، بدا الكثير من شباب الثورة في بُعد تام عما حدث، وغير آبهين بما حصل. وقال عدد من شباب الثورة في تصريحات متفرقة ل«المصدر أونلاين» ان المبادرة الخليجية لم تنجز أهداف الثورة الحقيقية في التمهيد لمحاكمة صالح ومعاونيه بعد ارتكابهم جرائم بالجملة وضد الإنسانية وهو ما يتعارض مع أهم أهداف الثورة. واعتبروا أن انجاز توقيع المبادرة لا يخصهم ولا تمثل إلا الموقعين عليها. ووصف أحد شباب ساحة التغيير بصنعاء يدعى فواز الحمادي وهو طالب جامعي المبادرة الخليجية ب«المؤامرة» معتبراً إياها محاولة «لوأد الثورة». وقال إن توقيع المبادرة هي اتفاق لإنهاء الخلاف بين حزب المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة، وليس لهم كشباب للثورة أي علاقة بها لا من قريب أو من بعيد، مؤكداً على مضيهم واستمرارهم في خيارات الثورة حتى النهاية. واتفق الشاب وائل العبسي وهو مصور وإعلامي في ساحة الحرية بتعز مع رأي فواز بعدم اهتمامهم بما دار في الرياض من توقيع للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، مؤكداً على عدم تلبيتها لمطالب شباب الثورة. وقال في حديث ل«المصدر أونلاين» إن «الشباب يقتل بشكل يومي فيما كانت الأطراف السياسية أبرزها اللقاء المشترك يقبلون للتحاور مع النظام».
وحاز في حديثه إلى التذكير بعهد شباب الثورة للشهداء والجرحى الذين سقطوا من أجل اكتمال هدف الثورة بعيداً عن التسويات السياسية، واصفاً الأحزاب الموقعة ب«الهزيلة والعاجزة». وأكد على بقائهم في الساحات حتى يبنون الدولة المدنية الحديثة وتحقيق «حلم الشهيد» في محاكمة المجرمين وقاتلي الأطفال والنساء، وكل من اصدر فتوى لقتل أبناء الوطن، وبناء دولة بعيداً عن القبيلة والعسكرة والشخصنة. كما أكد على ضرورة إعادة الاعتبار لأبناء الجنوب باستردادهم لأملاكهم التي سلبت إبان حرب صيف 94م. لكن الشاب أحمد أبو سالم وهو خريج جامعي يعتصم في ساحة التغيير بصنعاء منذ بدء الانتفاضة يخالف أقرانه الرأي. ويعتقد ان الإجراءات الدولية التي سبقت التوقيع على المبادرة ومنها قرار مجلس الأمن «حشرت صالح وعائلته في زاوية ضيقة». وأضاف ل«المصدر أونلاين» ان صالح لا يستطيع النكوص بالتزاماته بعد التوقيع على الاتفاق، لأنه يستمد شرعيته من قرار دولي.
وعن ما حققته المبادرة الخليجية لشباب الثورة، يرى أبو سالم انها ستحقق المطلب الرئيسي وهو تنحي الرئيس عن السلطة، كما أنها أنهت مسألة التوريث. ويعارض أبو سالم منح صالح ومعاونيه ضمانات من الملاحقة القضائية، لكنه يعتقد أنها فقط «حصانة من النهب في الملك العام والفساد»، مضيفاً أن دماء اليمنيين لن تذهب هدراً وسيحاسب كل من أزهق أرواح الشباب. وتابع القول «الشرائع الدولية لا يمكن أن تعطي ضمانات عن سفك الدماء للقتلة.. من حق كل الناس رفع دعاوى قضائية لأخذ حقهم». حسبما يقول. ومنذ أشهر تشهد مدن يمنية عدة مسيرات ترى أن المبادرة الخليجية لا تلبي مطالبهم في بناء الدولة المدنية الحديثة. ولا تزال تشهد حتى الآن ساحات الثورة مهرجانات ثورية تجدد رفضها للتسويات السياسية. وخرجت اليوم الخميس في صنعاء وتعز وعدد من المدن مسيرات رافضة بشكل قاطع للمبادرة الخليجية ما تحمله من بنود وخطوات. ويصر شباب الثورة على ضرورة محاكمة قتلة الثوّار الذين سقطوا بأعداد كبيرة في كثير من المحافظات. وقال وديع مرعي وهو أحد شباب ساحة الحرية بتعز بأنه يرفض المبادرة الخليجية، كونها تمنح القتلة ضمانات من المحاكمة. وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية ومبادئ حقوق الإنسان تدين القتل وتقول بأن جزاء القاتل هو القصاص، منتقداً دور قادة المشترك في التوقيع وهم في الأراضي المقدسة التي أنزل الله حكماً بتحريم القتل وسفك الدماء. وأكد على تواصلهم في الثورة حتى تحقيق كافة الأهداف التي خرجوا من أجلها. ولفت إلى أن الموقعين على المبادرة لا يعبرون إلا عن أنفسهم وأن الشباب خارج هذه التداولات. وعبر آخرون عن استبشارهم لسلب صالح صلاحياته تمهيداً لغيابه عن المشهد السياسي، لكنهم أكدوا استمرارهم قائلين «ثورتنا بدأت للتو».