ما تزال حادثة اغتصاب عاملة النظافة التي حدثت في صنعاء يوم ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر عالقة رغم مقتل شخص وجرح آخر برصاص المتهمين. ذنب تلك الفتاة فقط أنها ممن يطلق عليهم بفئة «المهمشين»، حينما اغتصبت بشكل جماعي من قبل مجموعة تحكمت بهم نزواتهم الشهوانية، في منطقة «دار سلم» جنوبصنعاء. تجمهر عشرات من أقرباء الفتاة في مساء اليوم ذاته أمام منزل «العصابة» وأغلقوا الأحياء المؤدية إليها في محاولة للقبض عليهم أو الضغط على السلطات الأمنية لضبطهم، لكن مسلحين أطلقوا عليهم النار فأردوا أحدهم قتيلاً وأصابوا آخر. أثناء ما كانوا يحاصرون المنطقة زارهم وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن اللواء فضل القوسي الذي أصبح الآن عضواً في اللجنة العسكرية، في محاولة لفك الحصار على منزل المتهم «النافذ»، لكنهم رفضوا.
تقول المصادر من «المهمشين» انه لم يتم الالتفات لقضيتهم من قبل المسؤولين، كما يرد عليهم مسؤولون أمنيون عندما يخاطبونهم بالحادثة فيقولون «هي مجرد خادمة..». وقال مجاهد عزان وهو شيخ محوى دار سلم الذي يضم مئات من هذه الفئة إن المسؤولين لا يكترثون لقضيتهم، وانهم رفضوا التعاطي معهم. وينظر إلى فهئة «المهمشين» بدونية، ويفضلون هم العيش في أحياء متجاورة يكون بعضها مبنياً من الصفيح والأخشاب، ويسمى تجمع المنازل «محوى». ويلجأ بعضهم إلى التسول، بينما يعمل آخرون في مهن بسيطة لا تكون أفضلها «عامل نظافة». وكثيراً ما تتعرض المرأة في فئة المهمشين للتحرش الذي قد يصل إلى الاغتصاب، ونادراً ما قد تفصح عن تعرضها لذلك بسبب «المجتمع الذي لا يرحم».
وقال عزان إن النساء دائماً ما يواجهن محاولات للتحرش بكثرة، خصوصاً أثناء أداء عملهن في الطرقات والشوارع والأحياء السكنية. وأضاف ل«المصدر أونلاين»: «لا نستطيع حماية نسائنا في ظل النظرة السلبية لنا من قبل المجتمع، نريد أن نعيش كبقية المواطنين وتعطى لنا كامل الحقوق». وعن ما يواجهنه العاملات في مجال النظافة قالت أحد عاملات النظافة وتدعى (ف.م) إنها تواجه المضايقات كثيراً، سواء من قبل أفراد أو جماعات، لكنها تحاول دائماً تحاشيها. وأضافت ل«المصدر أونلاين» ان التحرشات أصبحت ترافق عملها يومياً، خاصة مع النظرة الدونية التي ينظر إليها كعاملة نظافة. واتهم الشيخ مجاهد عزان الحكومة بعدم إصدار قوانين وعقوبات تحمي الفئة المهمشة من الاعتداءات التي يتعرضون له. وقال: «دائماً ما توجه لنا أصابع الاتهام بكل شيء سواء في السرقة أو النهب، حتى وإن كنا المتضررين، وإن ذهبنا إلى قسم الشرطة لنشكو غرماءً لنا، يتم سجننا فيما يفرج عن الآخرين مقابل المال في أسوأ الأحوال». وتابع «هناك اعتداءات مستمرة على عاملات النظافة، والكثير من النساء لا يفصحن عن ما يلاقينه من اعتداءات واغتصاب وتحرش بشكل يومي، كونهن يعلمن أننا قد نتأذى لو شكينا ذلك لأقسام الشرطة». وأشار إلى حادثة الاغتصاب الأخيرة التي تعرضت لها إحدى عاملات النظافة الشهر الماضي، والتي شهدت «تمييعاً» من قبل بعض الشخصيات النافذة في الدولة المقربة من المتهمين بحادثة الاغتصاب، مطالباً المنظمات الحقوقية للتدخل في القضية للقبض على المجني وتقديمه للقضاء لمعاقبته. ويطالب «المهمشون» الذين يعيشون في عدد من أماكن التجمع في صنعاء، من حكومة الوفاق الوطني التي ينتظر أنت تعلن خلال اليومين المقبلين إلى لما يعانونه والبدء بمعالجات حقيقية لإدماجهم أكثر في المجتمع. وشكت منظمات حقوقية يمنية من محاولات متكررة من قبل أقسام الشرطة تمييع جرائم اغتصاب بحق أطفال (ذكور وإناث) إضافة للنساء الذين ينتمون إلى فئة «المهمشين» وذلك من خلال الضغوط التي تمارس على أسرهم للتنازل عن القضية سعياً لتمكين المتهم من لإفلات من العقوبة. وتقول منظمات حقوقية إن كثير من قضايا الاغتصاب والاعتداء على فئة المهمشين دائماً ما يتم تمييعها سواء في أقسام الشرطة أو القضاء، فضلاً عن التهديدات التي يتلقاها أفراد تلك الفئة ما يدفعهم للتنازل عن حقوقهم. وتأمل المنظمات أن تساهم أي حكومة قادمة في ضل الأوضاع الحالية من تخفيف «التسلط» على هذه الفئة من المواطنين، وتقديم لهم القوانين التي تحميهم، وتوفير الاحتياجات الممكنة لهم للدخول في خضم المجتمع المتكامل، وبما يعيد لهم الثقة بين الآخرين والتعايش مع بقية أفراد المجتمع.