تميزت حركة 15 يناير للثورة الطلابية والشبابية السلمية بالجموح الحلمي لمؤسسيها وأعضائها الذين أخذوا على عاتقهم أن يكونوا بؤرة الثورة اليمنية وتاجها النبيل، إذ نزلوا إلى الشارع قبل أي قوة أخرى بعد تأثرهم بشباب تونس وثورتها العظيمة ضد الاستبداد، مؤمنين في الوقت ذاته بنضوج الظروف المناسبة لثورة يمنية من أجل الكرامة والحرية والعدالة، فيما لبى نداءهم فوراً أهم قادة منظمات المجتمع المدني الفاعلين إلى أن صارت بسببهم صنعاء خلال الأسبوعين الأخيرين من يناير 2011: شعلة حلمية جبارة تتوقد بالصرختين المقدستين «ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام». لذلك يكفي أعضاءها المكافحين من أجل حلم اليمن الجديد و بناء الدولة الوطنية على أسس ديمقراطية حقيقية أنهم من كسروا بنضالية تنويرية جريئة وشجاعة تابو التخلف والخوف حين كانوا من أوائل المتقدمين باتجاه صنع الثورة، تفعيلاً لقيمة ما صار يسمى في الأدبيات الحديثة ب «القوة الثالثة » الأكثر زخماً في أي مجتمع، وممتلئين بروح المغامرة الملهمة التي انتظرها اليمنيون طويلاً بالتأكيد.
ولقد ظلت حركة 15 يناير طوال عام كامل متماسكة وعصية على الاختراق التفريخي لأنها تميزت بتقليد متفوق عن باقي الكيانات الثورية يكمن في أن قادتها الفعليين هم أهداف الثورة فقط، ما يعني أنها تجنبت شقاق وضمور وذواء عديد حركات ثورية عبر إعلائها مبدأ الإيثار الثوري، إضافة إلى ترسيخ مودة المشاعر الرفاقية الحاصلة بين أعضائها مهما بلغ بينهم حد الخلاف الفكري أو مستوى التباينات السياسية والثورية.
من المعروف للجميع طبعاً أن جامعة صنعاء هي من كانت المجال الحيوي بطلابها الثوريين الفتيين لهذه الحركة بحيث استطاعت أن تكون- وهم يشقون بدأب وجسارة حلميين طريق المستقبل المنتظر - على رأس الأسباب المعتبرة في التأكيد على جذوة وجمال اليمنيين الحالمين عموماً وهم تحت وطأة القهر واللاجدوى، إذ عبر دهشة مجانينها الرائعين بخروجهم الثوري الأول والأشد إبهاراً سرعان ما انحاز لمسعاهم الفريد والمشرف عشرات من الشباب الثوريين المستقلين خصوصاً حتى فاقموا الالتفاف فيما بينهم، وصولاً إلى قيام هؤلاء جميعاً بتفعيل وعيهم الناضج بالشغف الوطني نحو أهمية تأسيس حركتهم ككيان ثوري موضوعي لا ينحاز إلا للمشروع الجامع وطنياً وكذا حلم المدنية في اليمن.
وهكذا : صارت حركة 15 يناير وبسرعة كبيرة تضم بين أعضائها ناشطين فاعلين من كافة تيارات الطيف الفكري والسياسي في البلاد، كما تمكنت جراء موقفها الوطني الواضح والحازم والمسؤول من نيل احترام وتقدير حشد من الشخصيات الإعلامية والحقوقية والسياسية والاجتماعية مهووسة بفكرة التغيير وإرادة الوعي الوطني التقدمي. نجزم أيضاً أن حركة 15 يناير أحدثت بلا شك حراكاً فاق بعض الأحزاب القائمة منذ سنوات في البلاد رغم كل ظروفها الصعبة والبسيطة، ما يعد سبباً آخر لقوتها وسمعتها المعتبرة حيث احتضنت خيمتها بساحة التغيير بصنعاء مثلاً عديد ندوات ثرية ونوعية طوال شهور شارك فيها نخبة من قادة التحول في المجتمع اليمني، فيما استحقت بجدارة مشهودة أن تكون أحد أهم الحركات الثورية الفاعلة في اليمن اليوم وبدون أي ادعاء. صنعاء – ساحة التغيير المصدر أونلاين