بعد حوالي 25 عاماً من تربّعه على إدارة المؤسسة العامة لكهرباء منطقة إب، أطاح قرار وزاري الأسبوع الماضي بالمهندس عبدالملك العزي مدير فرع المؤسسة بالمحافظة. عاصر العزي عدة حكومات متتالية وكان ينوي أن يكمل مدة مماثلة لتلك التي قضاها الرئيس صالح في الحكم، لكن الانتفاضة التي اندلعت في المؤسسة أدخلته في حالة من الهستيريا، فقد راوغ كثيراً واستخدم نفوذاً كبيراً، وحاول ان يغري الموظفين المحتجين بالمال، لم يفلح في ذلك فلجأ إلى التهديد. كما يقول الموظفون. بعد أن علم الموظفون والمواطنون بقرار الإقالة خرجوا إلى الشوارع مبتهجين برحيل العزي الذي ألفت المحافظة في عهده ظلاماً شبه كامل، فمحافظة إب من اكثر المحافظات التي لا تعرف الكهرباء إلا ساعة أو ساعتين في اليوم بعكس بقية المحافظات التي تحسنت فيها الخدمة بشكل ملحوظ خلال الفترات القليلة الماضية.
العزي يرفض القرار صباح الأحد الماضي قام مجموعة من الموظفين في الإدارة ومناطق في المديرات ومنتفعين بقطع الشارع العام بالمدينة أمام مبنى السلطة المحلية، معلنين رفض القرار ومطالبين بإعادة العزي إلى منصبة متهمين القرار بالمؤامرة بحسب ما جاء على لسان أحد المحتجين. وأكد مصدر في مؤسسة الكهرباء ان العزي قال انه لن يخرج من المؤسسة، وكان عدد من الموظفين الموالين للعزي علقوا إعلاناً في المؤسسة يصف من قاموا بالانتفاضة بأنهم «عملاء»، ويمنع دخولهم إلى المؤسسة، وقاموا بالتحريض علي الموظفين الذين قادوا الانتفاضة، وقالوا إنهم لا يمثلون المؤسسة ولا الموظفين ولا نقابة الموظفين في المؤسسة، علماً ان رئيس النقابة هو صهر مدير عام الكهرباء.
بداية الانتفاضة يقول أحد قيادات الانتفاضة ان البداية كانت بسيطة وقام بها 4 موظفين طالبوا بإقالة المدير، ومع مرور الأيام أصبحوا كتلة كبيرة وصلت في الأيام الأخيرة إلى 150 موظفاً، وهو ما جعل المدير وعائلته يفقدون صوابهم فقاموا بجلب مسلحين لإرهاب المعتصمين. وبحسب معلومات فإن المدير أرسل «بلاطجة» ليعتدوا على الموظفين المرابطين في خيمتهم أمام بوابة المؤسسة، لكنهم لم يتراجعوا عن مطالبتهم بإقالة المدير. وبحسب احد الموظفين فقد كان العزي يتعامل مع المؤسسة وكأنها مزرعة خاصة به ويتعامل مع الموظفين كعمال عنده. وكان بعض مدراء المناطق في المديريات شاركوا في حشد مسلحين أطلقوا النار في أوقات متفرقة لإرهاب المعتصمين، لكن هذا الأسلوب أثبت فشله أمام إرادة قوية متصلبة ومطالب حقوقية وشرعية، وواصل الموظفون اعتصامهم غير مبالين بما سيقع عليهم من اعتداء او تخويف بقطع الرواتب.
المجلس المحلي «شاهد ما شافش حاجة» حاول المجلس المحلي ان يقوم بدور الشيخ الذي يصلح بين المتخاصمين من خلال بعض الحلول والمهدئات الموضعية التي رفضها الموظفون جملةً وتفصيلاً، كون مطالبهم ليس التوقيف او تعيين أحد أكبر مساعدي المدير في منصب المدير وهو المقترح الذي تقدم به نائب المحافظ.
واستمرت الفعاليات والاعتصامات، وجاء الدعم والمساندة من قبل شباب الثورة الذين نفذوا أكثر من وقفة احتجاجية أمام المحافظة وأمام المؤسسة العامة للكهرباء، وكانت المسيرات الأسبوعية تمر من أمام اعتصام الموظفين لتدعم مطلبهم المشروع المتمثل بإقالة الفاسدين. قابل العزي مطالب الموظفين بالتعنت وتواطأت معه قيادة المحافظة التي تقاعست عن الاستجابة لمطالب الموظفين أملاً في تراجعهم، وهو الرهان الذي سقط أمام إصرارهم وظلوا مرابطين أمام بوابة إدارة الكهرباء 45 يوماً وسط البرد الشديد وتحت حرارة الشمس هدفهم تطهير مؤسستهم من الفساد الذي استشرى في كل ركن من أركانها خصوصاً ان عائلة العزي يسيطرون على أهم المفاصل في المؤسسة. ويعد قرار الوزير انتصاراً للمطالب الحقوقية التي خرج من اجلها الموظفون, وكانت محافظه إب قد شهدت ثورة في كثير من المؤسسات العسكرية والمدنية بدأت في الاستخبارات العسكرية والمياه وصندوق النظافة والكهرباء ومكتب المالية التي مازالت تنتظر قرار وزير المالية بإقالة المدير كما فعل وزير الكهرباء.