* فتح اليمنيون اليوم صفحة جديدة في تأريخهم الحديث.. وأغلقوا صفحة ماضية لها ما لها وعليها ما عليها.. والخوف كل الخوف أن يأتي يوم نردد فيه قول الشاعر: رب يوم بكيت منه فلما *** صرت في غيره بكيت عليه.
* الفضل في الوصول إلى 21 فبراير يعود بعد الله إلى جماعة الحوثي وبعض فصائل الحراك الجنوبي.. فلولا معارضة الحوثي للمبادرة الخليجية لما ضغطت دول الخليج على الرئيس صالح من أجل توقيعها وتنفيذها على وجه السرعة، ولولا ارتهان بعض فصائل الحراك في حضن إيران وخطابهم المهزوز والهزيل لما تحمست دول الخليج وأمريكا والاتحاد الأوروبي في متابعة سير تنفيذ المبادرة الخليجية.. فشكرا للحوثي والحراك، فبتطرفهم هذا خدموا المبادرة الخليجية أيما خدمة، وكانوا ورقة ضغط في تنفيذها بسرعة وبهذه الصورة، ولولاهم لما وصلنا إلى هذا اليوم التاريخي العظيم.
* وشكرا للرئيس علي عبدالله صالح الذي وقع على المبادرة الخليجية ولو متأخرا وسلم السلطة بغض النظر عن الأسباب التي دفعته إلى تسليمها.. فقد كان بإمكانه أن يظل سنوات إضافية في السلطة ويدخل البلاد في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، لكنه قبل بالأمر الواقع وسلم السلطة بهدوء، وهذا موقف شجاع سيحسب له شئنا أم أبينا.. وشكرا أيضا لأحزاب اللقاء المشترك التي أدارت المعركة السياسية باقتدار وحكمة رغم حملات التخوين والتشكيك التي واجهتها من بعض القوى المحسوبة على ثورة الشباب للأسف.. والشكر موصول لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، فقد أثارت سيطرته على بعض المناطق اليمنية مخاوف المجتمع الدولي الذي وقف بقوة من أجل انتقال السلطة في اليمن خوفا من توسع القاعدة.
* تطرف الحوثي وبعض فصائل الحراك مطلوب خلال الأيام المقبلة كي لا تفتر دول الخليج في متابعة الأطراف السياسية، وحتى يكونوا عامل قوة في يد المعارضة من أجل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية.. صحيح أن الحوثي يمارس انتهازية سياسية حد تعبير الإعلامي في قناة الجزيرة علي الظفيري، وعاجز عن تقديم مشروع واضح، ولن يقبل بحوار وطني وليس له مطالب حقيقة، ومشروعه طائفي وعنصري، لكن يجب أن لا نغضب منه، فلابد من فزاعة للخليج وللسعودية تحديدا بحيث تدعم المرحلة الانتقالية اليمنية.. وبالنسبة للقضية الجنوبية فأي حل سيقرره هادي وباسندوة (الجنوبيان) فنحن سنبصم عليه بالعشر.. والمشروع الوطني كفيل بإنهاء شبح الانفصال وعودة الإمامة، وهو ما يجب أن يدركه تماما صناع القرار الجدد.
* اعتدنا يوم الانتخابات أن نقرأ في وسائل إعلام المعارضة أخبارا من قبيل تزوير في دائرة ما، والشيخ زعطان يحرق الصناديق في منطقة كذا، وتزوير بالقوة في مركز فلان.. لكن اليوم نقرأ خبرا متكررا عن نفاذ بطائق الاقتراع في عدد من المراكز الانتخابية نتيجة الإقبال الكبير للناخبين.
* مشاركة عدد كبير من السلفيين في الانتخابات الرئاسية المبكرة تقدم كبير وخطوة متقدمة يجب أن يدفع الجميع مستقبلا في تعزيزها.
* لم يعد للرئيس الجديد عبدربه منصور هادي أي عذر من اليوم وصاعدا في اتخاذ القرارات المطلوبة، وإقالة الفاسدين، والبدء بعملية الإصلاح الشامل، والاستفادة من أخطاء سلفه.. وعلى المعارضة أن لا تتركه فريسة جديدة للجناح المتطرف في المؤتمر الشعبي العام، حتى لا نعود إلى الدوامة نفسها وكأنك يا ثائر ما ثرت.. وعلى رئيس حكومة الوفاق الوطني محمد سالم باسندوة أن يبدأ العمل بقوة وليس مطلوبا منه البكاء البتة.
* علينا أن ننسى الماضي ونفكر في المستقبل.. وأول عمل يجب أن يقوم به الرئيس الجديد هو تلبية رغبات الشعب المعيشية.. فالمواطن العادي لا يهمه رحيل صالح بدرجة رئيسية والتغيير بنظره هو عودة الكهرباء والماء وتخفيض أسعار المشتقات النفطية ما لم فسيظل يتحسر على النظام القديم ولن يشعر بالفرق وأهمية وعظمة الثورة اليمنية، فالعامة لا يعنيهم فكفكة الأسرة الحاكمة والمنظومة الأمنية أو القضاء على مشروع التوريث وهيكلة الجيش بقدر ما يريدون استقرارا وتنمية، والسياسيون (ينزلوا ملح).
* أخيرا.. هل كان الحوثي سيقاطع الانتخابات، وهل كانت بعض فصائل الحراك ستلجأ للعنف لو كانت الانتخابات أجريت في عهد حليفهم صالح، خصوصا إذا أعلنت أحزاب المشترك مقاطعتها؟!