يزخر سجل إب التاريخي برصيد ريادي في النضال ومقاوم للظلم والطغيان منذ مطلع الثلاثينيات وحتى اليوم، فهي روح الثورات اليمنية المتعاقبة، أبناؤها هم مشاعل للتحرر والحرية، يسطرون بدمائهم أروع الملاحم البطولية في سبيل وطن يستحق منا أن نضحي من أجله بأغلى مانملك. أراد النظام السابق أن يحرف بوصلة الاتجاه الثوري لهذه المحافظة الأبية، قام بزرع نظام «المشيخ» في كل قرية وحارة، وأعطاهم السلطة المطلقة،مقابل منحه سلطة الشرعية الدستورية «الهلامية». عمد هؤلاء المشائخ على إذلال الناس ومصادرة أرائهم وإنسانيتهم بكل القوى المتاحة وغير المتاحة مستخدمين قانون القوة في ظل غياب تام للقانون، لكن هيهات للسطوة والعنجهية والبلطجة أن تستمر وأن تصمد أمام قوة الإرادة وأمواج الكرامة. دشن أبناء الجعاشن ثورتهم ضد نظام المشيخ ورأسه الديكتاتور المثقف، يحسب له أنه من مناضلي ثورة 1962،من غرائبها حتى أبناؤها المستبدون مناضلون..!. جاب ثوار الجعاشن شوارع صنعاء حاملين في أكفهم أحلام الحرية البيضاء، اعتصموا أمام مجلس النواب والإدارة المحلية ورئاسة الوزراء، ظلوا لمدة عام يهتفون برحيل «التنكيل» والتهجير لكنها كانت منظومة لتهجير وإذلال أمة تبدأ بالرئيس وتنتهي بالشيخ. مدشنو ثورة الشعب السلمية من أبناء إب كانوا يتجمعون بالعشرات صغارا وكبارا نساء ورجالاً يطالبون «بدولة مدنية»، نعم. يطالبون بفرض هيبة الدولة وإحلالها بديلاً عن ميليشيات البلطجة المسلحة، يطالبون باحترام الإنسان وقدسيته، وفرض قوة القانون، يبحثون عن العدالة والمساواة وهذا هو جوهر الدولة المدنية وروحها. بعد ثمانية أشهر من نضالهم الأزهى والأروع، نصبوا أول خيمة للتغيير أمام بوابة جامعة صنعاء في أكتوبر من 2010. وأصبحت بعد أشهر تكتظ بالآلاف من الخيام وتعرف بساحة التغيير. انطلقت ثورة الشباب والطلاب وكان أبناء إب يواصلون أدوار آباءهم وأجدادهم في سبيل مقاومة الظلم والطغيان والبحث عن أشعة الحرية، سقط أول شهيد في ساحة التغيير بصنعاء فكان عوض السريحي ذلك الشاب الأسمر القادم من بعدان الباحث عن وطن مفقود. أبهر أبناء إب اليمنيين والعالم بزخمهم الثوري وحضورهم القوي على مدى الأشهر الماضية، ظهرت إب كسيل بشري يجرف نظام العائلة الاستبدادي ويكنس أدواته البالية إلى مزبلة التاريخ. تتقدم تضحيات شباب اب كل الحوادث. في مسيرة «الحياة» الحدث الأبرز في الثورة اليمنية قدمت إب أربعة شهداء من أبنائها في سبيل حرية الوطن وفك القيد عن شعب يرزح تحت وطأته. توجت إب مسيرتها النضالية التغييرية في 21 من فبراير حين خرج مليون من أبناءها يصوتون لليمن الجديد والمستقبل الأفضل، ويؤكدون أن إب كانت وستظل هي بوابة التغيير الذي ينشده اليمنيون في كل بقعة من هذه الجغرافيا الطيبة.