السقلدي: هناك من يضعف الجميع في اليمن تمهيدًا لاحتوائهم    تضليل وكذب وافتراءات    ندوة وفعالية احتفالية في مأرب بمناسبة اليوم العالمي للشباب    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    سريع يعلن عن أربع عمليات عسكرية في فلسطين المحتلة    وزير الصحة يطّلع على التجربة الصينية في التحول الرقمي والخدمات الصحية الريفية    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    حل مشكلة كهرباء المكلا.. طرد النخبة وحبرشة الساحل (وثيقة)    - السلع العمانية والسعودية تواجه صعوبات في الأسواق اليمنية    واشنطن تدرس فرض عقوبات على مسؤولين في مناطق الشرعية بتهم فساد وتهريب أموال    عن فساد النخب الذي التهم اليمن في زمن الحرب    - صنعاء ترد على نص احاطة المبعوث الاممي وتهتمه بعدم الحيادية وعدم ادانته للانفصال السياسي وتدرس انهاء عمله!    عظيم يرثي عظيم    عدن شهدت انطلاقة كرة القدم قبل 125 عاماً على يد "فتيان الثكنات"    إحاطات في مجلس الأمن تندد بالتصعيد الحوثي وتؤكد على أهمية دعم الحكومة اليمنية    مناقشة الوضع التمويني لمادة الغاز وتلمس احتياجات المواطنين في ذمار    "القسام" تنفذ سلسلة من العمليات ضد العدو الإسرائيلي شرق مدينة غزة    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    الرشيد يمطر شباك نور صبر ب14 هدفاً ويعتلي صدارة مجموعته مؤقتاً في بطولة بيسان    العراسي: محطة فاشلة لتوليد الكهرباء في الحديدة أطلقوا عليها اسم "الحسين" وألواحها إسرائيلية    تعز تحتفي باليوم العالمي للشباب بورشة لتعزيز الدور الثقافي والاجتماعي للأندية الرياضية    تعز: وفاة 3 اطفال جراء انهيار صخري وصواعق رعدية    الهيئة النسائية تدشن فعاليات المولد النبوي في المحافظات الحرة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    الدولار يصعد قبيل إعلان بيانات تضخم أمريكية    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    مأرب: صمام أمان الجمهورية في وجه مشروع الحوثي الإمامي    مليشيات الحوثي تدمر المعالم الثقافية في الحديدة وتحوّلها لمصالح خاصة    محافظ شبوة يزور ملعب الفقيد الخليفي ونادي التضامن الرياضي    أبين.. طائرة مسيرة تستهدف نقطة عسكرية بمودية    وزارة الإعلام تدشن خطة التغطية الإعلامية لذكرى المولد النبوي    مساعدات إماراتية تنتشل شبوة من أعباء حرب الخدمات    منسقية انتقالي جامعة حضرموت تناقش تقارير الأداء للنصف الأول من العام الجاري    باريس سان جيرمان يتعاقد مع المدافع الأوكراني زابارني    مكتب الزكاة بذمار يستعد لتدشين فعاليات ذكرى المولد    باريس يستبعد دوناروما من قمة السوبر الأوروبي    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع الطائرت الأوكرانية المسيرة    حكومة التغيير والبناء .. عام حافل بالعطاء والإنجاز رغم جسامة التحديات    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    مجموعة هائل سعيد وشركة النقيب خفضوا الأسعار مرتين.. لأنهم سرق ونصابين    الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة ويحذر من العواصف الرعدية    50 شهيدا بقصف منازل واستهداف منتظري المساعدات في غزة    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    شبكة ستارلينك: أداة تجسس أمريكية إسرائيلية تهدد أمن اليمن    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    فيديو وتعليق    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجدّة عيشة أول سائقة «تاكسي» في الجزيرة العربية
نشر في المصدر يوم 10 - 03 - 2012

يربط اليمن وأهله أواصر وطيدة مع الشعوب في شرق العالم القديم وغربه، وثمة جذور لأسر يمنية كثيرة في تلك البلدان أو العكس، ومنهم الجدّة عيشة يوسف إبراهيم، ابنة الثمانين عاماً والمولودة لأبويين صوماليين.

فبعد وفاة والدها، أتت من مدينة الشحر الحضرمية للعيش في عدن مع والدتها وأختها، وحصلن على الجنسية اليمنية. لكن قصة الجدّة المثيرة للاهتمام قد تكون في مكان آخر، فهي أول سائقة سيارة أجرة في عدن، والأرجح في اليمن والخليج العربي. أمضت نصف قرن من عمرها خلف مقود سيارتها، توصل زبائنها إلى وجهاتهم الخاصة داخل عدن وإلى المحافظتين المجاورتين لحج وأبين.

بعد عمر في هذه المهنة، تمضي عيشة أيامها على فراش المرض، حبيسة بيتها المكوّن من غرفة واحدة أشبه بالقبو في حي «القطيع» بمدينة كريتر في محافظة عدن. وبنى لها أهل الخير عتبة مرتفعة عند باب البيت تفادياً لغرقه وأغراضه بمياه الأمطار، وكي لا يتكرر ما حصل لها عام 1993، عندما هطلت أمطار غزيرة على عدن وفقدت الجدّة عيشة كل وثائقها وأشيائها الشخصية، ومن بينها شهادات تقديرية حصلت عليها من الحاكم البريطاني لعدن ومن أسر عريقة ومؤسسات.

و «عتبة أهل الخير» هذه تبدو للداخل إلى البيت كسورٍ صغيرٍ، يحل محل الباب الذي يظل مفتوحاً لتجديد الهواء، خصوصاً أن الجدّة شبه عاجزة عن الحركة، والباب المفتوح على الدوام يسهل على زوارها وجيرانها عيادتها وإحضار الطعام لها. يزورها أيضاً الفنان اليمني محمد مرشد ناجي، وأحياناً يجلب لها عشبة «القات». ابن أختها محمد في المهجر لا يزورها لكنه يرسل لها شهرياً مبلغاً بسيطاً تدبّر معيشتها به، إضافة إلى 22 دولاراً تحصل عليها من «الشؤون الاجتماعية» كل ثلاثة أشهر. وحين يشح الزوار، تخرج الجدّة إلى العتبة الخارجية للبيت، متكئة على عصاها، حافية القدمين، تتلمس طريقها إلى الدكّة الإسمنتية الأشبه بالسرير، لتمضية بقية يومها في التحدث مع المارة وأطفال الحيّ.

«الصغيرة» في «الأوبل»
عيشة يوسف يعرفها الجميع في عدن، ويناديها الأكبر سناًَ «عيشة عرور»، ما يعني بالصومالية «عيشة الصغيرة». كانت أشهر من نار على علم في عدن، بقوتها وصلابتها في عالم الرجال وخلف مقود سيارتها «الأوبل» باللونين الأسود والأصفر، وهي حتى الآن بلا مُنافسة من جنسها في مهنتها كسائقة تاكسي. كسبت ثقة زبائنها من أهل عدن، كما كان لها زبائن بريطانيون أيام الاستعمار الذين وثقوا بها لتنقلهم في مشاوريهم الخاصة وفي بعض مهماتهم الرسمية، وهي بدورها علّمت نفسها، بالممارسة، لغة إنكليزية بسيطة.

سألناها من علّمها قيادة السيارة، فضحكت وقالت بصوتها الجهوري: «علّمني جارنا اليهودي، بسيارته، كنا في عدن نعيش في سلام ووئام مع اليهود والفرس والهنود وأهلها الطيبين، وحصلت على رخصة قيادة السيارة من شرطة المرور بعدما اجتزت الامتحان، ثم بعت كشك بيع السجائر والمثلجات الذي كنت أملكه، وزدت على المبلغ مدخرات، واشتريت سيارة الأوبل». وتتابع: «في البداية، عارض أهلي عملي كسائقة تاكسي، لكنني أصررت وكسرت العادة وعملت في مهنة خاصة بالرجال. وخلال خمسين سنة في المهنة لم أرتكب أي مخالفة مرورية، بل كنت أحترم إشارات المرور وخطوط المشاة، لا أتحدث أثناء القيادة، وفي عام 2006 زاروني من قيادة مرور عدن وكرّموني بمنحي شهادة تقدير ومبلغاً من المال، كوني أقدم سائقة سيارة أجرة في الجزيرة والخليج، ولتميزي وخلو سجلي من أي مخالفات مرورية».

كانت الجدة عيشة تقود سيارتها «الأوبل»، ذات الهيكل المستدير الزوايا، أو تجلس خلف مقودها في انتظار زبائنها أمام مستشفى «الشعب - الصين» في كريتر.

إلى السينما!
عائلات عدنية كثيرة تذكرت علاقتها الطيبة بعيشة عرور التي كانت توصل الفتيات إلى المدرسة وتعود بهن إلى بيوتهن، كما كانت عوناً لبعض زبائنها لشراء التذاكر من سينما «بلقيس» في منطقة حقّات القريبة من سكنها، إذ توفّر على رواد السينما الوقوف في الصف أمام شباك التذاكر، خصوصاً أيام عرض الأفلام الجديدة والمميزة أو حفلات المطربين الكبار في عدن. ثم تأخذهم إلى السينما وتعود بهم إلى بيوتهم لدى انتهاء العرض الذي حفظت مواعيده.

ولم تكتفِ عيشة عرور بقيادة سيارة «الأوبل»، فامتلكت أيضاً سيارة «لاندروفر»، ونقلت فيها الكثير من زبائنها في رحلات و «سيران» جماعي، أحياناً إلى محافظتي لحج وأبين حيث كانت الأسر تحب تمضية النهار وسط الطبيعية والخضرة.

لم يحدث أن ضايق أي رجل الجدّة عيشة، بل كانت تحظى باحترام الرجال وتشجيعهم، وهي التي تميزت أيضاً بقدرتها على صيانة سيارتها بنفسها، فكانت تفحصها قبل انطلاقها إلى العمل، العدّة معها دائماً، وإذا لزم الأمر كانت تنزل تحت السيارة لإصلاح أي خلل.

قبل سنوات، سرق أحد شباب حيّها سيارتها الخردة المركونة قرب بيتها، وكان فيها أيضاً بعض المعدات، وباعها لتجار الحديد. وهي لم تنسَ، ولا تزال حزينة. صحيح أن السيارة كانت خرِبة، لكنها أغلى ما امتلكت، وشكلت جزءاً من حياتها.

تتمنى الجدة عيشة أن تمتلك كرسياً متحركاً، لتخرج به إلى ساحل «صيرة». نخبرها أن الساحل لم يعد كما كان أيام زمان، ذلك المتنفس الجميل لأهل عدن، سدّوه هو الآخر بالمشاريع التجارية الخاصة. تألمت قائلة: «نفسي أشوف ساحل صيرة الذي كتب عنه شعراً ابن حافتي (حارتي) لطفي أمان، وتغنى به (الموسيقار) أحمد قاسم، فقال: وفي صيرة تترجرج نشرب هوى كله».
عن الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.