بعد أيام من استدعائه للمثول أمام المحكمة بتهمة اختلاس في إطار ما عرف بقضية "الوظائف الوهمية", ها هو الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي أظهرت استطلاعات الرأي أنه الشخصية السياسية التي تحظى بأكبر قدر من الإعجاب بين الفرنسيين, ينشر مذكراته في كتاب تحت عنوان "كل خطوة يجب أن تكون هدفا". وقد تحدث شيراك في الجزء الأول من هذا الكتاب الذي صدر اليوم الخميس عن حياته حتى توليه الرئاسة عام 1995, وأعطى انطباعاته حول بعض أفراد عائلته وبعض الرؤساء الفرنسيين الذين سبقوه وعن غرمائه السياسيين وبعض من عرفهم خلال حياته المهنية.
وتصف صحيفة لوفيغارو التي أوردت مقتطفات من هذا الكتاب هذه المذكرات بأنها شهادة رائعة على تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة من أحد أهم رجالاتها.
ورغم أن شيراك أشاد بكل رؤساء الجمهورية الخامسة الذين سبقوه, فإنه خص غريمه الرئيس فالري جيسكار ديستان ببعض النقد قائلا "في أحد الأيام قال لي ديستان إنه قد ألقى بكل ضغائنه نحوي في النهر, لكن لا بد أن النهر كان جافا ذلك اليوم فحقده علي ظل قويا ويبدو ألا نهاية له".
ولم يسهب شيراك في حديثه عن الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي, واكتفى بالقول إن ساركوزي كان دائما قريبا عصبيا ودائم الرغبة في استخدام مهاراته الإعلامية التي لا يمكن إنكارها.
ولعل من أهم ما جاء في هذا الكتاب بالنسبة للقارئ العربي ما قاله شيراك عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين, حيث يصف علاقته به قائلا "يبدو الرجل (صدام) ذكيا، لا يخلو من حس الفكاهة، باختصار كان لطيفا, كان يستقبلني في منزله، ويعاملني كصديق شخصي له, ويبدو جليا دفء ضيافته وقد قطعت كل علاقاتي به عندما اكتشفت مدى دكتاتوريته وقمعه إلا أن هذا لم يمنعني من أن أصاب بصدمة بسبب المصير النهائي الذي آل إليه، طريقة الموت تلك التي دبرت له..".
وقد توقعت متحدثة باسم دار النشر التي نشرت هذه المذكرات أن تبيع منها 230 ألف نسخة, ويرجع بعض المراقبين ارتفاع شعبية شيراك في الآونة الأخيرة إلى لحظات حاسمة من رئاسته, وخاصة موقفه من غزو العراق عام 2003 وقفزه من على كرسيه فرحا عندما فازت فرنسا بكأس العالم لكرة القدم عام 1998.