تعيش الامة العربية ذهول شديد ازاء التحولات التاريخية والمصيرية التي تتابع يوما بعد اخر من طنجة حتى جاكرتا , الاخوان المسلمون في مصر الحركة المحضورة منذ ماقبل ثورة يوليو المصرية تقرر النزول بكل ثقلها لمواجهه الفلول من اتباع النظام البوليسي السابق في مصر بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية وهو من لفقت عليه حكومة مبارك تهم سياسية ما أنزل الله بها من سلطان. يا الله ما الذي يحدث لقد ترددت الجماعة كثيراً في اتخذا مثل هذا القرار الذي يوصف بانه احد اهم القرارات في تاريخ مصر الحديث ويوازي قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس او قرار الرئيس السادات بتوقيع اتفاقية كامب ديفد كمعاهدة سلام , كان لابد لقوى الثورة في مصرة ان تواجه العسكر بكل قواها حيث أنه غير قادر على مواجهة المجلس العسكري سوى تنظيم عقائدي قوي مثل الاخوان المسلمين , كثير من الناس وكتاب الرأي انتقد هذا القرار نتيجة توجسه من دخول مصر على خط المواجهة مع الكيان الصهيوني لكن الاخوان في مصر علموا أنه مثلما ان الثورة كانت عبارة عن ركوب الخطوب كذلك الدولة العادلة لن تمر دون خرط القتاد.
التجربة الناعمة للإخوان المسلمون في ثورة يوليو حيث كانوا القوة السياسية المؤيدة لها لكن ليس بشكل معلن او بصيغة المواجهة , لكن بعد ما انتصرت الثورة سيطر الجناح العسكري الفردي عليها ابتداء من الاطاحة باللواء محمد نجيب انتهاء بحل الجماعة.
دخلت الحركة مرحلة المواجهة وقدمت ضريبة كبيرة لذلك كان لابد للثورة الحالية ان تأتي لتكسر الجمود وأن تصعد قوى الثورة الى الواجهة لتقرر مصير الامة التي وضعت فيها الثقة , إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر الا ركوبها , حوربت هذة القوة لقرابة القرن لتاتي عدالة الثورة وتضعها في الواجهة فنرى , راشد الغنوشي يبكي دموع فرح , خيرت الشاطر يحمد الله , هكذا هي المتتالية التاريخية التي شهدنا عامنا المنصرم الذي كان بلاشك عام ميلاد الشعوب العربية , كل قوى الحداثة تقف حائرة اليوم عن ماذا بعد خصوصا ان الجماهير الثائرة اصبحت تتعامل بالمتلازمة الواقعية ومتعطشة لممارسة حقوقها دون توافقات او أنصاف حلول فالثورة عمل اجتماعي متكامل كما يسميه ابن خلدون , احسن الاخوان المسلمون صنعاً لاتخاذهم هذا القرار الصعب في هذا المرحلة الحرجة والمعمعة التي تمر بها الثورة المصرية والتي حاول المجلس العسكري المباركي الالتفاف عليها بطرق متعددة , مثل تاخير موعد الانتخابات , رفض تكليف شخصية من الاغلبية النيابية لتشكيل حكومة , فما كان لمجلس شورى الاخوان إلا ان يقرر ان المواجهة حتمية حفاظاً علي الثورة أغنية الفقراء وحلم الناس الغلابى في الصعيد واحياء القاهرة الفقيرة .
كذلك هي الثورة تحدد بوصلتها ان عليها ان تشق طريقها بين الجماهير في اليمن السعيد وان تكون المرحلة مابعد الانتقالية مرحلة مفصلية لكل القوى الوطنية بان تثبت كل قوى مدى التحامها وشعبيتها في الشارع وان لا تظل حبيسة الشعارات التوافقية والغرف المغلقة , الشعوب لاتؤمن إلا بالثورة وبالدم وبالحق فمن سيقود المرحلة لاشك سيكون عند مستوى المسئولية , على التجمع اليمني للإصلاح ان يكسر الجمود ليعلن عن نفسة ولماذا لايرشح مرشحا للانتخابات الرئاسية القادمة , ليتحالف مع من شاء لكن لابد ان تكون الأمور واضحة للعيان , لتقفز كل القوى الى الواجهة اليسار , اليمين , الراديكاليون , الحداثيون , اليمن بحاجة الى كل هذا التنوع الفصيح المالك للقرار بالإفصاح عن مشروعة السياسي أمام محكمة الثورة , اليمنيون شاركوا بالثورة اليمنية باعلى نسبة في التاريخ تجاوز الثورة الفرنسية والمصرية لذلك سيكونون على الموعد , الثورة لاتؤمن بالتوافقات الابدية قد ترضى بالحل السياسي التوافقي الموقت خشية وقوع حرب اهلية مثلا خصوصا أن المسخ علي عبد الله صالح لايزال يملك الكثير من فرق الجوالة التي ما زالت قادرة على صنع الالغام وقتل المزيد من الشباب والنساء في تعز وصنعاء وحضرموت . التحديات التي تقف امام الثورة اليمنية كبيرة لذلك لابد من وجود قوة متعاظمة تملك الشرعية الشعبية لتقرر المصير ليمن الثورة فمن قضية الجنوب وتنازع التيارات ذو المشاريع الصغيرة مابين مطالب بالانفصال والفدرالية , وحدها من ستقدر تلم الشمل على قرار شعبي واحد لأن القوى الاخرى قد اصابها التشظي والشيخوخة مثلا الحزب الاشتراكي اليمني شريك وحدة مايو 1990 يعاني من تشظي كبير في صفوفة مابين مؤيد للانفصال الى مؤيد لفكر خارجي من ماوراء النهرين , لذلك وحدها قيادة الحزب الوطنية لازالت تمسك بتلابيب العمل الوطني الشريف لكنها تحتاج الى مد نفوذها وكسب شريعة اكبر , قضية صعدة تحدي خطير خصوصا مع غموض المشروع السياسي لجماعة الحوثي حتى اليوم , تنظيم القاعدة والغارات الامريكية المتزايدة في جنوب الوطن تدعوا لوجود قوة ردع حازمة , بقايا النظام العائلي الفاشستي وما لدية من قوة هائلة في العدة والعتاد تجعل من تحديات المرحلة جسيمة وصعبة لذلك على كل القوى الوطنية ان تكشف القناع عن مشاريعها بوضوح. لذلك المرحلة لاتقبل بأنصاف الحلول لأننا سنندم ونتذكر أن علي عبد الله صالح الحميري هو اخر من حكم يمن موحد كبير , على الثورة وشبابها الرواد ان تلد نفسها وتستجمع قواها لتلد فجرها المنتظر فالشعب ينتظر الثورة والدولة , يخشى أن تاتي الثورة بلادولة والعكس , اليمنيون تنفسوا الصعداء لكن المسيرة مازالت الاف من الاميال وتحتاج منا قراءة الإوديسة والإلياذة للوصول الى المدينة الفاضلة .