كانت ليلة ساخنة .. سخونة التغييرات التي أجراها الرئيس هادي، مفاجئا الجميع ومنتقلا بهم من الحديث عن التعديلات في أسعار المشتقات النفطية، إلى التساؤل والتناول لتلك القرارات التي كان من أهمها وأكثرها حكمة .. قرار تعيين الاستاذ شوقي أحمد هائل سعيد محافظا لمحافظة تعز . للحظة فكرت في استحضار قصائد المتنبي في سيف الدولة الحمداني، ونقوش تفوح منها روائح التاريخ وتشع بنور العلم، العاشقة لتفاصيل مدرستي المظفر والأشرف الرسوليين، وللناسكين أسفل قباب المعتبية وقلعة القاهرة المغرورة ... فكرت حينها ولم أجد أعبق من سيرة المرحوم هائل سعيد أنعم، مدرسة النبل وقصة القيم الانسانية. إنها رياح الجنوب القادمة من قرض، قرية الصبي الذي أبصر النور في الثالث والعشرين من يونيو 1961م، ومع شمس كل يوم تجد تلميذا نحيلا بين يدي القاضي شاهر، تدرك أنه شوقي هائل الحاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال والمحاسبة من جامعة كاليفورنيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية 1984م، ميما وجه شطر مدينته التي أحبها وأحبته، حاضراً في ميادين الاقتصاد والإدارة، الرياضة والسياسة، أعمال البر وخدمة المجتمع. هنالك شدتني إشراقة وجه محافظتي المثقلة بالهموم، الغارقة في المعاناة، محافظتي ذات التعداد السكاني الأكبر، ونسب البطالة المرتفعة ارتفاع احتياجاتها التنموية، محافظتي المتعطشة لقطرة الماء المتطلعة للمطار والميناء، وبين ذلك وذاك مدينة حالمة بليال هادئة ودافئة. ما أجزم به أن التضحية التي يقدمها الأستاذ شوقي هائل اليوم بقبوله منصب محافظ تعز، ليست إلا نتاجا لحالة الألم الذي يعيشه كل شريف ينتمي إلى هذه المحافظة، غيورا عليها، تضحية بقدر جيوسياسية تعز الحيوية، وديمغرافيتها المعقدة، ووضع قائم أكثر سوءا وترديا. الأهم من حروف العربية الثمانية والعشرين أن نستثمر في هذه الفرصة بالتعاون مع شخصية الأستاذ شوقي هائل والإلتفاف حولها؛ استعادة محافظتنا المفقودة والانشغال بقضاياها التنموية بعيدا عن التعصب والتمترس وراء مشاريع ضيقة واجتهادات لا تقبل الرأي الآخر. معالي الأخ محافظ المحافظة: أنت .. وربك .. ونحن معكما .. بين أيدينا جميعا تطلعات متواضعة لمواطن بسيط، أعادها إلى الحياة قرار حكيم بتعيينكم مسئولا أول عن هذه المحافظة، ومع تلك التطلعات دعوات لكم بالتوفيق والسداد، شرفاء يشاركونكم المسئولية والهموم، وأيادٍ بيضاء لن يفتقدها مشروعكم الانساني النبيل، القادم من مدرسة العطاء والبناء والإدارة الرشيدة، بعيدا عن الحزبية والعصبية، قريبا من الجميع .. ومن عيني مدينتك الحالمة.