إن الثورة الشبابية الشعبية في اليمن في مرحلة الحضانة، أي مرحلة ما بعد الولادة، المرحلة الانتقالية بين نظام مختل قديم ونظام جديد قادم لابد منه، من نتاج الثورة اليمنية العارمة، فالعهد الجديد واليمن الجديد قد بداء يتشكل. والمؤشرات تدل على ذلك، والمسار الثوري مستمر، وأمواج الثورة سوف تفاجئ الجميع، لان المرحلة الراهنة للثورة السلمية مرحلة استكمال اهداف الثورة، والسبب أنها لم تكن ثورة مسلحة يتم فيها الحسم العسكري السريع ولذالك تحتاج الى فترة زمنية طويلة، ومازال العهد القديم يناور ويحاول قدر الامكان عدم تقبله بالواقع الثوري واللعب في الوقت الضائع بأوراق خاسرة تنعكس عليه، وتسرع بعملية نقل السلطة.
ونجزم بيقين تام انه ليس بيد العهد الاسري القديم أي حيلة ولا أي وسيلة، سوى ما يقوم به من تخريب هنا وهناك، مرة باسم القاعدة ومرة أخرى بدعم المتمردين الحوثيين الشيعة في الشمال، ذات العنصرية السلالية الطائفية البغيضة والذي ثار الشعب اليمني عليهم في 26 سبتمبر عام 1962.
وقد أصبح واضحا ما يقوم به النظام الاسري القديم، بمد يد العون للحراك المسلح الانفصالي في الجنوب لعل وعسى، ان يجد له منفذ لخلط الاوراق تحت وطأة الضغوط الدولية والإقليمية، التي اعترفت صراحة بالثورة والتغيير، لأن الثورة هي التغيير والجميع يعترف بالتغيير، ونقل السلطة سلماً، حتى النظام القديم اعترف بذالك وهاهو التغيير التدريجي قد بدأ بالفعل، وما المبادرة الخليجية إلا وسيلة من الوسائل لاستكمال أهداف الثورة، وهي أيضا وثيقة اعتراف إقليمي ودولي بالثورة اليمنية الشبابية الشعبية مسنودة بالقرار الدولي 2014 وباليه تنفيذية مزمنة مع ضمان التنفيذ من الدول العشر ومازالت الخيارات الاخرى مطروحة عند اللزوم.
وعندما تم انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي أصبح من الصعب على النظام الاسري القديم ان يتغني بالشرعية الدستورية، فقد نزعة منه وسلمت الى من سوف يقوم بعملية نقل السلطة سلما بآلية المبادرة الخليجية.
ومن يعتقد ان الثورة سوف ترجع الى الخلف فهو واهم، فقد اصبحت الثورة اليمنية اليوم مسنودة بشرعية دستورية شعبية ثورية وشرعية دولية، اضافة الى عامل التوازن العسكري بانضمام الجيش المؤيد لها، والإسناد القبلي للثورة السلمية، والتي شهد على سلميتها الجميع وقدمت مئات الشهداء وآلاف الجرحى ولو كانت الثورة اليمنية مسلحة لما سفكت تلك الدماء الطاهرة فالتوازن العسكري له دوره الرادع ولكن الثوار فضلوا عدم المواجهة وأصروا على سلمية ثورتهم وانتزاع حقوقهم سلما.
ومن يتأمل الان فقد اصبحت الثورة مساندة لعملية النقل السلمي للسلطة، ومن ثم أصبحت الثورة عند اليمنيين ثقافة، وسوف تأتي على الجميع، وما ثورة المؤسسات عنا ببعيد، فالثورة تغلغلت بالفعل في كل مكان في مفاصل النظام القديم المتهالك المختل، ولابد لها ان تنتقل الى ميادين أخرى، وهي مستمرة حتى تحدث التغيير المنشود، ولن يقف امامها شيء، وإذا أردنا لليمن الخير فعلينا ان نجعل من الثورة ثقافة دائمة حتى لا نفاجأ باستبداد جديد، وطغيان وتوريث جديد، وأصنام بشرية تعبد من غير الله، وأظن ان من أولويات هذه المرحلة تخليص الحرس الجمهوري والأجهزة الامنية وغيرها من المناصب السيادية من سيطرة الاسرة، والإسراع بعملية التدوير والهيكلة في كل مرافق الدولة اليمنية، المدنية والعسكرية، وقد لمسنا بعض التغييرات الطفيفة، ولابد من اكمال العملية بنجاح.
ونطلب من اخواننا الذين لم ينضموا إلى الثورة ان يساندوا الثورة، حتى ولوا كانوا في النظام القديم، فثورتنا شاملة ومستمرة، ولا يمكن تغيير مسار الثورة مادامت مستمرة لضمان تصحيح مسارها، وبلوغ اهدافها، التي تصب في مصلحة اليمن، في صناعة التحول العظيم للمجتمع اليمني، ذات الإرث الحضاري الضارب جذوره في التاريخ، ولنا ان نفخر بثورتنا وقادتنا وشبابنا، لأنهم هم من صنع التغيير، وجعلوا الثورة اليمنية متمثلة بحديث النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم الذي وصف أهل اليمن فقال في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «الايمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان».