مثل كثير ممن رأوا في ثورة الشباب الأمل للنهوض باليمن و التخلص من عهد نظام تفنن و أبدع في الكذب و المراوغة و الضحك على عقول شعب بأكمله كنت من المحبطين من انتهاء الوضع إلى المبادرة الخليجية دون الحسم الثوري بشكل جذري كما حصل في تونس رائده الربيع و التغيير العربي .
المبادرة أتت في بداية الأمر بباسندوة كرئيس للوزراء تعالت الأصوات المعارضة من كل الأطراف و لعده أسباب منها تابعيته لشخصيات بعينها و منها لضعف شخصيته و عدم مقدرته قيادة الحكومة بالشكل المطلوب .
توالت الأيام إلى أن جاء موعد التصويت على الحصانة الجائرة في مجلس النواب الأطول مدة عالميا حتى الان و يومها رأينا دموع باسندوة تنهمر امام كل الاعضاء مخاطبهم بان ينهوا الموضوع لتطوى صفحه من كتاب العائلة الاسود وفعلا تم الامر برغم صيحات القهر و الالم و الحزن على دماء طاهره اريقت و نفوس زكيه رحلت من اجل اليمن, هٌوجم الرجل مره اخرى و من كل الاطراف بسبب موقفه هذا .
في اليمن برز الحرافيش (شيوخ الازمات) في عهد المحروق عفاش(علي عبدالله صالح) حيث كان يتولى امدادهم واطعامهم دون ان يقدموا مقابل لذلك العطاء ,,فقط ليكونوا في جاهزية تامة حين يتم استدعائهم لتقديم الولاء ومساعدة الحاكم في قمع اي حقوق . خلال الأيام الماضية برز الحرافيش مهددين ومنددين بما اعلن به رئيس الحكومة اليمنية من عدم دفع اي اموال للحرافيش بعد اليوم ...
حكومة باسندوة اول حكومة ترفض على حد علمي ادراج ميزانيه المشائخ الجائرة و التي هي من قوت الشعب و عمله و تم فرضها عليها بتوصية من مجلس النواب بعد الخلاف الشديد بخصوصها , تعالت الاصوات المنددة و الغاضبة بشكل جنوني من هذا التصرف و تحاملوا على اشخاص بعينهم متناسيين انها كانت تصرف من قبل و من خلال مصلحه شؤون و تفريخ القبائل و لكن لم نكن نسمع منهم اي اعتراض على ذلك !!
و لكن بعد ان أعلنها صراحة و من تعز الحالمة و تعهد بعدم صرفها ... و كأن الافواه كممت و اغلقت و تلاشت و فلما نجد الا بعض الكلمات البسيطة المؤيدة على استحياء لذلك التصريح , استغرب اين المعارضين لذلك المبلغ اين هم يقفوا اليوم بجانب صاحب القرار لقراره هذا و الذي بسببه ربما سيسقط في مستنقع موحل مليء بالطفيليات و الوحوش . احتشد مشائخ الفيد من كل حدب و صوب و اعلنوا انهم عليه القوم و تلك الاموال مكتوبه لهم من رب العباد ظلما و جورا على العباد و انت و الشعب لا تملكون حق التصرف او المنع فيها فارونا ماذا انتم فاعلون فأننا لمنتظرون ..
زمرة مشائخ الفيد يعتبرون الامر تخطي لخط احمر وضعه النظام السابق و ساعد في توسعه ابعاده و ربما اصبحوا يرونه منجز وطني لا يجوز المساس به او حتى التفكير في تقليصه عوضا عن الغائه .
ماذا لو خطى هؤلاء المشائخ خطوة ايجابيه نحو الامام و انخرطوا في المجتمع المدني بكل فئاتهم و تركوا ما يسيئ للقبيلة و عادتها و اصبحوا جزء من ابناء الشعب لهم نفس الحقوق و عليهم نفس الواجبات لعلي قدرهم بين الشعب و كما هو معروف عن شعب اليمن نسيانه و غفرانه بحق من اخطئوا فيهم . ماذا لو طالب هؤلاء المشائخ دمج مرافقيهم و من يتبعهم في وحدات الجيش و صرف ما كان يتقاضوه لهم مقابل خدمتهم في الجيش و الشرطة بشرط تأهيلهم تأهيل وطني يتناسب و مقتضيات المرحلة.
و كثيرا منا يحلم بذلك و رئيس الحكومة بداء بتحقيق اولى الخطوات و لكنه بحاجه الى التفاف شعبي واسع و كبير و توعيه بإيجابيه قراره للعامة من خلال الوسائل الإعلامية بكل انواعها المرئية و السمعية و المقروءة و اقامة الندوات و اثارة الموضوع في مجالس القات و على صفحات النت و ذلك للحد من نفوذ تلك الشخصيات العابثة بمقدرات الوطن و التي هي ملك لهذا الشعب المغلوب على امره .
و لكن ان تقاعس الكتاب و الاعلاميين و المثقفين عن هذا الامر فما على الشعب سوى الانتظار لاحد أمرين: الاول عدم مقدرة الحكومة على تنفيذ تعهد باسندوة بسبب ضعف قاعدة الحشد الشعبي لهذا القرار و الآخر انتظار سيناريو اغتيال شهيد الوطن الحمدي يتكرر مرة اخرى مع باسندوة في حالة اصراره على تنفيذ تعهده باي شكل من الاشكال .