الحقيقة أصبت بالصدمة عندما علمت بصدور قرار رئيس جامعة عدن بإنهاء خدمات زميلي العزيز الدكتور يحي محمد الريوي الخبير الوطني وأستاذ المعلوماتية من عمله في جامعة عدن والذي جاء كقرار تعسفي عقابي على مواقفه وآرائه السياسية التي عبر عنها العام الماضي عبر قناتي الجزيرة الإخبارية والمباشر والمناصرة للثورة الشبابية والشعبية السلمية. وقد جمعتني بالدكتور الريوي زمالة دراسة وعمل خلال مشواره الوظيفي الذي يمتد لما يقارب 25 عاماً. حيث شاءت الظروف أن نتزامل عند دراسة الماجستير والدكتوراه وأن تجمعنا زمالة عمل في كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن. يعتبر الدكتور الريوي من طليعة الرواد في نشر تكنولوجيا الحاسوب والتدريب على استخدامه وطنياً بشكل مبكر فبعد تخرجه مباشرة في عام 1988م تم تعيينه مديراً عاماً لأول مركز وطني للتدريب على استخدام وبرمجة الحاسوب في عدن ومدرباً فيه والذي ساهم في نشر الوعي حول هذه التكنولوجيا المهمة وكذا في إكساب أعداد كبيرة من الشباب والموظفين المهارات الأساسية في هذا المجال بشكل مبكر, كما أن شهادة الدكتوراه التي حصل عليها في مجال المعلوماتية 1999م يرتبط موضوعها أساساً بجوهر تحديث وتطوير الإدارة الجامعية للجامعات اليمنية وتحديداً جامعتي عدنوصنعاء والموسومة ب «تكنولوجيا المعلومات لإدارة الجامعات في الجمهورية اليمنية – جامعتي صنعاءوعدن» وقدمت منهجية علمية وتكنولوجيه متكاملة تستوعب الاتجاهات الحديثة في الإدارة الجامعية التي نفتقدها اليوم. وعلى هذا الأساس فقدتم انتداب أخي الدكتور الريوي من عدن للعمل في مشروع الربط الشبكي بين الجامعات اليمنية وعمل من خلال رئاسته للفريق المكلف بإعداد اللائحة التنظيمية لمركز الحاسب الآلي جامعة صنعاء وتحديد وتنظيم الدورات المختلفة المنظمة في مجال المعلوماتية والإشراف عليها, ثم تم تكليفه مسؤولاً أول عن الأنشطة المعلوماتية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبتأسيس مركز المعلومات والنظم فيها والذي تولى إدارته الدكتور الريوي لاحقاً بعد أن تم افتتاحه في الثامن من مارس 2003م. كان الدكتور الريوي يدير باقتدار أكبر إدارة عامة في الوزارة وهي مركز المعلومات والنظم والمعزز بموظفين وبنخبة من المهندسين من خريجي هندسة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات وصل عددهم أكثر من العشرين. قدم الدكتور الريوي بناء على الخبرات والمؤهلات التي يمتلكها اتجاهات لعمل الوزارة في مجاله وأرفقها بخطة تنفيذية تفصيلية ضمت العديد من الأنشطة والبرامج لعل أهمها حملة محو الأمية الحاسوبية لموظفي الوزارة. كما تم البدء في بناء نظام معلومات محوسب شامل يشمل الأنشطة الرئيسة للوزارة وبشكل رئيسي بناء نظام معلومات الابتعاث. كان الدكتور الريوي خلال فترة الانتداب حاضراً ومشاركاً فاعلاً ونشطاً في كل الفعاليات المعلوماتية المختلفة من ندوات ومؤتمرات وورش عمل والتي واكبت مرحلة مهمة هي بداية الانطلاقة الفعلية نحو تكنولوجيا المعلومات وقوبل نشاطه بتقدير وتكريم من قبل قيادة الوزارة ممثلة في الوزير ونائبه وكذا وزير الاتصالات وتقنية المعلومات والمنظمات الإقليمية والدولية. تم الاستفادة من خبرات الدكتور الريوي من خلال عضويته في الفريق الوطني المصغر المكلف بإعداد الإستراتيجية الوطنية للمعلومات في المركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية وكذا عضويته في اللجنة الوطنية للبرنامج الوطني لتقنية المعلومات برئاسة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات. والمفارقة أن الدكتور الريوي وأثناء سنوات انتدابه 2001/2003م في صنعاء لم تصرف له أية علاوات سكن أو مواصلات أو حتى مكافآت أسوة بزملائه المنتدبين من صنعاء وكان يعيش على راتب الخدمة المدنية الذي يأتيه من عدن وظل يتابع مستحقاته حتى وصل في المتابعة إلى ثالث وزير تعاقب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهو الدكتور صالح باصرة الذي وجه مشكوراً الشؤون المالية بالوزارة بمعاملته أسوة بزملائه وبصرف حقوقه وبأن لا تستمر أو تنتقل مطالبته ومعاملته الى الوزير اللاحق (أي الرابع).
بعد متابعة مضنية امتدت لمايقارب الأربع سنوات تم ترتيب الأثر المالي للدكتور يحيى الريوي في جامعة عدن وذلك في ديسمبر 2003م, ولم يكتف الدكتور الريوي بممارسة مهامه الأكاديمية والبحثية الرئيسة على مستوى جامعة عدن بل سجل تواجداً متميزاً في الفعاليات الإقليمية والدولية. ليتم اعتماده مستشاراً وطنياً في مجال المعلوماتية للجنة الأممالمتحدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول غربي آسيا (الأسكوا), وبتكليف منها تولى الدكتور الريوي إعداد عدد من الدراسات لعل أهمها دراسة حول «الملامح الوطنية لمجتمع المعلومات في الجمهورية اليمنية» على طريق انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات – تونس, نوفمبر2005م, وتم نشرها بشكل كتيب كإصدار للجنة الأممالمتحدة-الإسكوا. كما عمل الدكتور يحي الريوي على الاستفادة من التجربة العربية والعالمية المتقدمة في مجال الحاضنات وريادة الأعمال ليسجل إنجاز فريد وريادي تمثل في تأسيس وإدارة أول حاضنة تكنولوجيه في اليمن في مايو 2008م هي حاضنة عدن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في محافظة عدن (NGOs) والتي تأهلت كإحدى الحاضنات التكنولوجية العربية الخمس كشريكة للجنة الأممالمتحدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول غربي آسيا -الإسكوا في مشروع تطوير المحتوى الرقمي العربي, وكعضو في شبكة حاضنات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذا الشبكة العربية. باعتبار الحاضنة إطار إبداعي تهدف الى تشجيع واحتضان الشباب والخريجين ذوي الأفكار الجديدة والإبداعية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحويلها إلى مشاريع تساهم في إلحاقهم بسوق العمل والمشاركة في عملية التنمية. وساهم د.يحيى الريوي في قيادة فريق من المبدعين الشباب من خريجي جامعة عدن في مجال الحاسوب وتقنية المعلومات والاتصالات في تحقيق نتائج متميزة في مسابقة تطوير المحتوى الرقمي العربي باحتلال حاضنة عدن التكنولوجية للمرتبة الأولى في عدد المشاريع المقدمة للمسابقة وكذا فوزها بأكبر عدد من الجوائز من بين الحاضنات التكنولوجية العربية الخمس المشاركة من لبنان وسوريا والأردن وفلسطين واليمن وقد تم تكريمه والفائزين من قبل لجنة الأممالمتحدة -الاسكوا في بيت الأممالمتحدة في بيروت في ديسمبر 2009م. وقد كان لي الشرف في المعايشة والمساهمة في الوصول لهذا الإنجاز عبر عضويتي في لجنة تحكيم المشاريع وكذا إعطاء المحاضرات والاستشارات للمشاركين الشباب في مجال الإدارة.
كانت آخر مهمة للدكتور الريوي تعيينه نائباً لعميد كلية العلوم الإدارية للدراسات العليا والبحث العلمي في يونيو2010م ,حيث أستطاع بفضل جهوده الحثيثة وبعلاقات الاحترام التي يحظى بها مع زملائه من إعادة تفعيل واستئناف جميع برامج الدراسات العليا الثلاثة في الكلية وهي المحاسبة وإدارة الاعمال والإحصاء وكان مداوماً ومنضبطاً في عمله حتى آخر يوم دوام من الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2010/2011م وسفره بتاريخ 22 فبراير 2011م خلال إجازة الفصل الأول من ذلك العام الدراسي للمشاركة في ندوة الترويج لإقامة الحاضنات الصناعية في الدول العربية بورقة عمل بعنوان: «تجربة حاضنة عدن لتقنية المعلومات والاتصالات على طريق إقامة الحاضنات الصناعية», المنظمة من قبل المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التابعة لجامعة الدول العربية ووزارة الاقتصاد الإماراتية والبنك الإسلامي للتنمية وترؤسه لإحدى جلساتها الرئيسة في الشارقة للفترة 23-25فبراير 2011م. شارك الدكتور يحي الريوي بأكثر من 35 مؤتمر وندوة وورشة عمل كان آخرها قمة تواصل العالم العربي 2012 المنظمة من قبل الإتحاد الدولي للاتصالات مارس 2012م. وكانت آخر أوراقه العلمية ورقه بحثية بعنوان: «وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في الثورة اليمنية». كما حظي بالعديد من التكريمات كان آخرها عربياً رسالة شكر وتقدير من قبل السيد رئيس المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين - الرباط- التابعة لجامعة الدول العربية ومحلياً شهادة تقديرية من أ.د. رئيس جامعة عدن وأ.د. مدير عام مركز التطوير الأكاديمي بالجامعة على جهوده المبذولة في تقويم برنامج بكالوريوس الإحصاء والمعلوماتية بكلية العلوم الإدارية للعام الدراسي 2010/2011م. بتاريخ 31يناير 2012م, ليصدر بعدها قرار رئيس جامعة عدن التعسفي بتاريخ 27مارس2012م بإحلال إحدى الزميلات في درجته الوظيفية وإنهاء خدماته في تغييب كامل لدور ورأي مجلسي القسم والكلية الملتحق بها الدكتور الريوي وهو مايتضح من الرسالة التي وجهتها مشكورة أ.د. رئيسة قسم الإحصاء والمعلوماتية للنائب الأكاديمي بالكلية والتي تفيد بتواصل الدكتور الريوي بشكل منتظم مع القسم طالبة ترتيب مباشرته لعملة بعد استكماله للعلاج الطبي. كما تم القفز على قرار مجلس الوزراء رقم (248) لعام 2011م بشأن معالجة أوضاع الموظفين الذين توقفوا عن وظائفهم خلال فترة الأزمة التي عاشتها البلد العام المنصرم.