اعتماداً على صفحة جديدة منحتنا إياها ثورة التغيير، سأخالف أصحاب نظرية المؤامرة والأحكام الجاهزة، وسأكون بمستوى الحدث الذي تمر به اليمن، وأقبل كل ما يعلنه البعض ممن أيدوا الثورة. أشهر حسين الأحمر التكتل الوطني للدولة المدنية في حفل فخم، ودعا حسين شباب الثورة إلى تمدين القبيلة، معترفاً بمشاركته بالخطأ في الفترة السابقة، وبالنسبة لي لا يبدو الأمر مسلياً بل أكثر جدية. لن أفصل الأمور عن سياقها، وبحسب الخبر الذي نشرته الصحف كان حسين الأحمر يعلن حب المدنية والقانون، فيما هو يسلك سلوكاً مخالفاً، والشوارع المحيطة بقاعة تدشين التكتل مكتظة بمرافقيه المسلحين. وسأعتبر حسين الأحمر الذي منذ ولد وهو محمي بقبائل مسلحة، يحتاج لظروف مناسبة ولوقت مناسب، بدايته الثورة ليقدر على التخلص من عاداته اللامدنية.
لن أشك في: إن حسين الأحمر قال ما قال استجداءً لتصفيق الناس حيث ضجت القاعة به، ولا لتتناول الصحف تصريحاته بالمانشيتات ليكسب دعاية للتكتل الذي يرأسه ومن قياداته محمد عبدالملك المتوكل وجلال فقيرة وآخرون.. فأنا أؤمن أن الإنسان قيمة متغيرة، وما حدث في اليمن حول المستحيل ممكن. كما لن أعيد ما أشاعه النظام السابق حول القوى القبلية والحزبية والعسكرية التي شكلت خطراً على بقائه في الكرسي ومشروعه في التوريث، والتي مازال عقل بعض اليمنيين يرددها حتى اليوم غالباً بدون دليل. يبقى على حسين الأحمر ومن يدعو إلى المدنية البدء بنفسه؛ وليكن قدوة للآخرين ومصدقاً لقوله، فبدل أن يدعو حسين شيوخ القبائل إلى التخلي عن المرافقين والمظاهر المسلحة ليبدأ هو بفعل ذلك. حسين ينتمي لقبيلة لا يسير أحد من هذه العائلة إلا والحرس يحيط به من كل جانب، كما يرأس حسين - إضافة إلى تكتله المدني - مجلس التضامن الوطني، والذي يضم مجموعة كبيرة من القبائل التي يؤثر فيها، لكنها أعلنت خلال الثورة أنها تعبت من حمل السلاح، وأنها تتبنى مطالب الشباب. وكان بإمكانه أن يعتبر نفسه أحد شباب الثورة متبنياً فكرهم، وبدل أن يدعوهم لتمدين القبيلة عليه أن يبادر بإعلان خطوة نحو تمدين محافظته عمران؛ حيث بحسب تقارير هي الأكثر فقراً، ويتجه بها إلى التعليم بإنشاء بنية تحتية له معاهد، مدارس، جامعات، ويدعو الحكومة لمساعدته، وسيكون بذلك قام بعمل مدني، يعد إحدى غايات الثورة الشبابية الشعبية السلمية، على حد قوله. يمكنه أن يبدأ بالحوار مع القبائل التي يؤثر فيها من أجل إيجاد صيغة لتعزيز قيم الدولة المدنية وقيم الحرية والعدالة والمساواة. منحتنا الثورة فرصة للمكاشفة والمصالحة وتغيير القيم السائدة التي كرسها النظام السابق، منحتنا فكرة ألا شيء مستحيل، وأن التغيير يبدأ بخطوة، منحتنا درساً يمكن للكل الاستفادة منه. هناك في الساحة هتف الشباب بشغف وإيمان ضد ما لا يمت للعدالة والحرية والمساواة بصلة.. أتمنى أن نكون بصدد فهم الدرس.. فلا مجال لعدم الفهم.