اطلعت «بدهشة» على مقابلة معالي وزير الخارجية الطبيب أبو بكر القربي، وفي الوقت الذي كان واضحا أن الأخ الصحفي «مذاكر» جيدا للقاء إلا ان علينا ان نعترف ان الوزير أعطى إجابات في غاية الدبلوماسية «فقط إذا كان تعريف الدبلوماسية انها فن التهرب من المسؤولية»، كثير من الدبلوماسيين قدموا نفس الأسئلة للوزير منذ شهور طويلة ولكن للأسف من نفس منطلق الدبلوماسية التي تعني التهرب من المسؤولية لم يحصلوا على إجابة حقيقية، أو بمعنى أدق وكلمة الحق تقال فانه تفاعل مع أسئلتهم ومطالبهم عبر تشكيل مجموعة لجان كفيلة بان تضيع فيها اي قضية بل أنها كفيلة بأن تنسيك ما سئلت عنه وكلما خرجت لجنة بتصور يعقبها بلجنة لدراسة التصور! وكم من دبلوماسي تمنى بالفعل ان يكون مكان الاخ الصحفي ليعقب على اجابات معالية ويعلق عليها، ولكن لان لا احد منا يملك هذه الفرصة، فانه بالإمكان أن يطرح التعليق هنا، حيث أصبح جلياً أن التخاطب بين موظفي وزارة الخارجية ومعالي الوزير في قضايا الوزارة تتم بواسطة الصحف والمواقع الالكترونية، طالما وأنهم لم يحصلوا على التفاعل الطبيعي بين المسؤول الاول عنهم في وزارتهم وبينهم عبر الاليات الطبيعية. - تعليقا على اول سؤال، قال معاليه انه وجه رسائل للنيابة لتبحث قضايا الفساد في وزارته، وهذا يعني احد شيئين: أما انه مسؤول وليس مسؤول عن وزارة الخارجية وانه «مالاش دخل»، او انه ينفي تماما ان هناك فساد في الوزارة وهو ما قاله بالفعل في المقابلة، أي انه يقول لا يوجد فساد وسرقة في وزارة الخارجية، وهذا قول يحتاج الى جراءة كبيرة ممن يطرحه، وبلاده كبيره ممن يصدقه، بالإضافة إلى أن معاليه علق على وجود وثائق تثبت وجود فساد في الوزارة بانه لم يستطع قراءتها «ربما لرداءة التصوير» فاني اقترح على معاليه حل اسهل بان يطلب اصل هذه الوثائق فهي موجودة قريبا جدا منه. - الاجمل انه ومن منطلق انه مسؤول غير مسؤول عن وزارته فقد قال حول سؤاله عن الفساد في الوزارة وبرغم انه نفاه قبل سؤال واحد فقط «لا أنفي. عندي إدارة للمالية ووكيل للشؤون المالية والإدارية هم المسؤولون عن كل الجوانب المالية في وزارة الخارجية»، بمعنى ان اللصوص والسرق في وزارته لن يجدوا وزيرا يوقفهم لان هذا «مش شغله»، وبين النفي وعدم النفي وسوء الة التصوير التي استخدمت في نشر الوثائق يضل السؤال معلقا، هل هناك فساد في الخارجية، والاجابة الرئيسية «مش شغلي». - بالنسبة لقضية التدريب والتأهيل، فان معاليه اعتمد على ان الانجاز يكمن في أن التدريب والتأهيل في الوقت الحالي أفضل من السابق، كيف هذا وهو نفسه حينما تقدم دورة تدريبية للخارجية يخير الموظفين بين أمرين أما أن يجلسوا في صنعاء أو يقبلوا السفر دون الحصول على بدل سفر وكل واحد يتحمل مسؤولية نفسه، وبدون أي دعم من الوزارة أو حتى اللجوء إلى سفارة بلده كمواطن يمني في حال مرض أحدهم «لمن لا يعرف الدبلوماسي اليمني ليس لديه تأمين صحي»، وما أعظمه تطور! - اما حول رسم السياسة الخارجية ودور الدوائر السياسية، فان الحقيقة ان دور الوزارة همش تماما منذ سنوات، لم تعد سوى ساعي بريد ضخم يحيل ويرفع دون اي تعليق، دور الدوائر السياسية همش ايضا لدرجة ان رؤساء الدوائر نادرا مايحضروا مع الوزير اجتماعاته مع السفراء، والمختص قد لا يعرف اساسا بهذا اللقاء، وهي صورة مأساوية يدركها كل من له اطلاع على العمل الدبلوماسي. - اما عن نجاحات وزارة الخارجية في السنين الماضية، فاني لا اجد التعبير المناسب لوصف من يتحدث عن نجاحات في اليمن في الفترة السابقة، أليس واضحا تماما ما نعيشه اليوم؟ معالي الوزير.. اليمن وضعت في قائمة الدول الفاشلة والسياسة الخارجية تعكس اساسا السياسة الداخلية للبلد، فكيف تكون السياسة الخارجية ناجحة ومتالقة في دولة فشلت تماما؟؟ - بالنسبة لابناء المسؤولين المعينين بقرار من الوزير وليس من الرئيس مثلما اشار معاليه لانهم ليسوا سفراء، ومدد لهم فوق الاربع سنين القانونية الى ان ارتفعت اصوات الموظفين مؤخرا، فلدينا قائمة لا بأس بها منها ابن الانسي في انقرة وابن اللوزي في الاردن وابن السلال في مصر موظفين كدبلوماسيين وليسوا كملحقين، وبعضهم لم ينخرط اساسا في وزارة الخارجية بل عين مباشرة في السفارة في الوقت الذي يتم تقليص تعيين الدبلوماسيين المؤهلين وتأخيرهم سنين طويلة لاسباب اقتصادية بحسب تعبير معالي الوزير، فلماذا المغالطة ولديك الف موظف سيطالعون مقابلتك وهم يعلمون الحقيقة! - اما بالنسبة لليونسكو، فالكارثة لا تكمن في مدى اختصاصك بتعيين سفير لنا في اليونسكو، الكارثة في السلبية الشديدة امام تعيين شخص «مع احترامي لشخصه» صغير السن وقليل التجربة ولا علاقة له بقضايا اليونسكو البالغة الاهمية لانها منظمة ثقافية يفترض ان من يمثلنا فيها يكون هامة ثقافية يمنية كبيرة، ولكن للاسف نجد مرة اخرى أن الفكرة التي سيطرت على معاليه «مش شغلي»!! - اما قضية خريطة التمثيل الدبلوماسي اليمني، فان الوزير يناقض نفسه عند الحديث عن انه يوجد لليمن سفراء غير مقيمين يقومون بتغطية هذه المناطق، وهو يعلم ان السفير غير المقيم جانب بروتكولي يصعب عليه ان يخرج باي نتيجة بالاضافة الى ان الوزير بنفسه وفي لقاء مع مجلة الدبلوماسي قال ان الوزارة يجب ان تفتتح سفارات في البرازيل وكوريا الجنوبية، وايضا شكوته حول ضآلة ميزانية الخارجية شكوى في محلها تماما، ولكن مكانها الطبيعي مجلس الوزراء ونتيجتها الطبيعية لو كان هناك متابعة حقيقية هي رفع ميزانية وزارة من أهم الوزارات في الدولة، ولكن هذا لم يحدث لان المسؤول مش مسؤول. - بالنسبة لقضية ان الوزير يحمل جواز كندي «وبريطاني ايضا» فان هذا حقه ولا يوجد قانون يمنع هذا، المشكلة هي أن نفس الوزير المزدوج الجنسية يريد ان يضع تعديلات في قانون السلك الدبلوماسي تحضر العمل الدبلوماسي على من لم يكن من ابوين يمنيين، يعني استثناء الاف المواطنين الشرفاء الحاملين للجنسية اليمنية فقط لمجرد أن أمهاتهم غير يمنيات، وبهذا يشكك في وطنيتهم بحجة حساسية العمل الدبلوماسي، فكيف يكون الحال بمن يحمل جنسيتين بجانب اليمنية ويعمل على راس هذا العمل الدبلوماسي الحساس. - بالنسبة لقول الوزير بان الاعتصامات والمسيرات التي قام بها موظفي وزارة الخارجية بانها فقط بسبب قيامه بترشيد التعيين في الخارج حرصا على المال العام ومراعاة للظروف الاقتصادية، فقد كانت فعلا لطمه لكل دبلوماسي واداري يعمل في وزارة الخارجية، فالموظفين خرجوا وأعلنوا أن سبب اعتصامهم هو الفساد المستشري في الوزارة وظلم الموظفين، وقضية الكادر، ووضع الإداريين، وتثبيت المتعاقدين والرواتب التعيسة في الخارج والتأمين الطبي وحقوق تعليم أطفالهم، ووقف العبث بالدخل القنصلي، ووقف العبث ببيع وشراء السفارات في الخارج، والمثير للاهتمام أن معالي الوزير وقت الاعتصامات عبر عن تعاطفه وتفهمه الكامل لمطالب الموظفين ووعد بوضع الشارة الحمراء في اجتماع مجلس الوزراء،ولكننا الآن نجد انه يرى ان المشكلة في وزارته فقط تقليص التعيين لأسباب اقتصادية، مرة أخرى أقول أن موظفيك سيطلعون على المقابلة وسيندهشون جدا ويعتقدون ان وزيرهم يعاني من ازدواج ليس فقط في الجنسية..! معالي الوزير الطبيب أبو بكر القربي، السلبية الشديدة وقاعدة انا المسؤول الاول في الخارجية غير مسؤول عن اي شيء في الخارجية، فطرت قلب موظفيك، التعامل بالأسلوب القديم وهو التجاهل ولي عنق الحقيقة وتغيير الاقوال لم يعد مناسب لا لهذا الزمن ولا لموظفي هذا الزمن، اعتقد ان الكثير من الموظفين في الوزارة يحترموك ولا تجعلهم يفقدون هذا الاحترام بمثل هذه التصريحات، ورد الجميل مع وضعهم المزري هو وقوفك إلى جانبهم مثلما وقفوا معك عندما شنت ضدك الحملات الصحفية. اتمنى من كل قلبي يا معالي الوزير ويتمنى مئات من الدبلوماسيين اليمنيين الحصول على إجاباتك وتفاعلك مع ما طرح أعلاه دون أن نضطر للالتحاق بالعمل في صحيفة الجمهورية للحصول على تعليقك!!