توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية هو المدخل الأول والحاسم للإصلاح، بالترافق مع تبنّي الخطوات الاجرائية التالية: إطلاق قانون تجريم حمل السلاح من قبل المدنيين، بالترافق مع بلورة رؤية واضحة وفعّالة في محاصرة السلاح الذي يتنطع البعض في اعتباره أمراً مستحيلاً، ونحيل هؤلاء وأمثالهم إلى ما جرى في كولومبيا الأمريكية اللاتينية التي كانت تعتبر أكبر بؤرة لانتشار مافيا السلاح والمخدرات قبل أن تُباشر الدولة عملاً فريداً وحاسماً في تغيير تلك الصورة النمطية. تجفيف منابع الإتجار غير المشروع بالسلاح والمخدرات بأنواعها واجب شرعي، لأننا في اليمن المعاصر تحولنا إلى بؤرة حقيقية لهذا النمط من العمل المافيوي المُفارق للقوانين المحلية والدولية. نقل المعسكرات من المدن، والإنهاء المنهجي للعسكرة الفولكلورية، من خلال تقليص أعداد العسكريين،وتشجيع الدراسات المدنية، والإبقاء على مؤسسات عسكرية نوعية محدودة العدد من أوجب واجبات التوافق الوطني. كنت قبل عقود في زيارة عابرة لبلدان أوروبا الاسكندنافية التي تتمتع بمعايير حياتية متقدمة جداً بالرغم من محدودية مواردها، وقد تيقَّنت بعد رؤيا العين، وإمعان البصيرة أن سر أسرار تلك البلدان يكمن في تخليها التام عن الجيوش الجرارة، وحيادها المطلق تجاه النزاعات الإقليمية والدولية، وانصرافها لتمتين أسباب الرقي والتطور. نحن لا نطالب بهذا المثال الاسكندنافي الرفيع، بل بتخفيف وطأت العسْكرة على اقتصادياتنا ومقدراتنا.