اليوم وبعد مرور ثمانية وثلاثون عاماً من اتحاد الإمارات السبع المتصالحة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وما تبعه من انجازات في شتى مجالات الحياة ، والتي يحق لهم كإماراتيين ولنا كعرب ان نفخر بها ، ونتباهى بها بين امم العالم . ان التجربة الاتحادية للإمارات غدت اليوم نموذجاً راقياً يقوم على أسس واضحة ، ورؤية حكيمة، ونظرة ثاقبة ، وما حققته قيادة هذه الدولة لمواطنيها لم تحققه دولاً أخرى لديها مقومات ربما تكون اكبر منها ، ويكمن السر في وجود قيادة حكيمة مخلصة لوطنها ، تقدم فيها مصلحة الوطن فوق أي مصالح ، وبذلك تسير هذه القيادة في خطى واثقة ملئيه بالاعتزاز والفخر .
يقول المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان : "الاتحاد هو طريق القوة والعزة والخير المشترك ، ويقترن الضعف بالفرقة فقد أصبحت الكيانات الهزيلة لا مكان لها في عالم اليوم " هذه المقولة البسيطة لم تكن كلمات مجردة ، بل كانت تقديراً وتعبيراً وعمقاً للنظرة الحكيمة والرؤية الثاقبة ، فقد كان يرى ان الاتحاد ضرورة قومية لا بد منها ، ولا مناص عنها ، فالاتحاد هو كفيل باستقرار امن شعوب المنطقة.. ولا وقت لتضييع الفرصة في خضم الأحداث آنذاك .
وبحكمته وعزيمته ورسوخ إيمانه وجهود إخوانه حكام الإمارات حقق حلمه وحلم كل الامارتيين حيث أكد ذلك في إحدى مقولاته حين قال : " ان الاتحاد أمنيتي وأسمى أهدافي لشعب الإمارات "
حقيقة لقد وهب الله عز وجل هذا الرجل صفات جمة ، وطاقات عظيمة ، وقدرة على الصبر اكتسبها من طبيعة الصحراء التي نشأ فيها ، وقد وظف تلك الصفات والطاقات في خدمة شعب الإمارات ، فلم يهدأ له بال ولم تقر له عين حتى تحقق الحلم الكبير حلم كل أبناء الشعب الإماراتي في الثاني من ديسمبر 1971 .
وكانت من أقواله "إن الاتحاد يعيش في نفسي وفي قلبي وأعز ما في وجودي ولا يمكن أن أتصور في يوم من الأيام أن أسمح بالتفريط به أو التهاون نحو مستقبله " ، فكان ذلك اليوم انطلاق المسيرة المباركة التي يفتخر بها اليوم شعب الإمارات بل وكل الشعوب العربية والإسلامية حينما أعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة وجزء من الوطن العربي الكبير تستهدف الحفاظ على استقلالها و سيادتها وأمنها واستقرارها ودفع كل عدوان على كيانها وحماية حقوق وحريات شعبها وتحقيق التعاون بين إماراتها لصالحها المشترك من اجل ازدهارها وتقدمها في كل المجالات لتوفير الحياة الأفضل لجميع مواطنيها ونصرة القضايا والمصالح العربية وميثاق الأممالمتحدة والأخلاق الدولية .
وهكذا شهد التاريخ ميلاد دولة حديثة ذات سيادة لها مواقفها ورؤيتها التي شكلت فيما بعد مرجعية واضحة كاملة الملامح لمن أراد ان يحذو حذوها .
واليوم وفي هذه الألفية تقف الإمارات العربية المتحدة شعلة تضيء في أفق السماء ، بل ان نورها غدا يملأ الآفاق ضياءً ودفئاً ، وان جميع أبناء الإمارات عندما يحتفلون بهذه الذكرى والتي تعد الثامن والثلاثين من عمر قيام دولتهم الفتية ، فإنهم في الحقيقة يحتفلون بعبقرية القيادة الوطنية التي أكرمهم الله بها بوصفها قيادة نادرة بدأت بزايد الخير رحمة الله واسكنه فسيح جناته ، وهاهي اليوم تمتد بسلالته وأبناءه المخلصون من آل نهيان وآل مكتوم وإخوانهم حكام الإمارات.
فقد كان اتحادهم جسر مرور نحو مستقبل أفضل في بناء دولتهم العصرية استجابة لجميع تطلعاتهم للمستقبل وتجاوز تحدياته ، إلى أن أصبحت أحلامهم في دولتهم حقيقة مفروضة ليس في المنطقة فحسب بل على مستوى العالم ، وبالرغم من شماتة الشامتين وتهكمات الساخرين، فإنه لا أحد يمكنه أن ينكر الإنجازات الجديرة بالذكر التي حققتها الإمارات والتي ما كان لها أن تتحقق إلا بأيد طموحة ، ففي ثمانينيات القرن الماضي كان قيادات دول اخرى اما في حالة نهم وراء ثروتهم النفطية أو منشغلين في فوضى النزاعات السياسية، بينما كان حكام الامارات منهمكين في تحويلها الى دولة تنافس الدول المتقدمة.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة وفي هذه الفترة التي لا تتجاوز الأربعة عقود من قيامها تجاوزت المأمول في تحقيق الخير والرفاهية لأبنائها ، واستطاعت أن تستقطب الآخرين وترسخ في قلوبهم الولاء لها، ، وما حققته يعد بحد ذاته معجزة من معجزات التاريخ الإنساني ، إذ ليس من السهل أن تتفق أفراد أو جماعات صغيرة حول فكرة معينة أو رأي معين ، ولكن ما نراه اليوم بل ونلمسه يؤكد صدق وإخلاص قيادات وأبناء هذا الوطن في تحقيق طموحاتهم التي ليس لها سقف بل تمتد وتسمو بسمو أفكارهم وجهودهم المخلصة .
فهنيئاً لكم يا شعب الإمارات اتحادكم، وهنيئا لكم انجازاتكم ، وهنيئاً لكم فرحتكم بعيدكم الثامن والثلاثين ، وهنيئاً لكم قيادتكم الحكيمة .