كشفت منظمة هيومان رايتس ووتش عن انتهاكات عديدة ارتكبها النظام اليمني ضد أبناء الجنوب وما يسمى ب "الحراك الجنوبي". واتهمت المنظمة في تقريرها الذي أطلقته في مؤتمر صحفي عقد اليوم بصنعاء بالتعاون مع منتدى حوار اتهمت السلطات اليمنية بارتكاب "العنف المميت" لردع احتجاجات أبناء الجنوب. وفي التقرير الذي جاء في 73 صفحة بعنوان "باسم الوحدة: رد الحكومة اليمنية القاسي على احتجاجات الحراك الجنوبي" وثًقت المنظمة هجمات قوات الأمن على ما يدعى بالحراك الجنوبي وعلى الصحفيين والأكاديميين وغيرهم من قادة الرأي.
وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم أنها اعتمدت في تقريرها على أكثر من 80 مقابلة من الضحايا في مدينتي عدن والمكلا، بالإضافة إلى مقابلات مع صحفيين وناشطين حقوقيين ومثقفين وأكاديميين ورجال سياسة وناشطين بالحراك ومسؤولين حكوميين ودبلوماسيين. وجاء في التقرير أن قوات الأمن استخدمت بطريقة غير قانونية "القوة المميتة" ضد متظاهرين عزل في ست مناسبات على الأقل، واعتقلت تعسفا آلاف الأشخاص ممن مارسوا حقوقهم في التجمع السلمي، مشيرا إلى صور من التعذيب والاختطاف الذي تعرض له ناشطو الحراك، لافتاً إلى أن الحكومة عمدت إلى تأسيس مليشيات باسم "لجان الدفاع عن الوحدة" ساهمت في العنف ضد المتظاهرين. . كما انتقد التقرير اعتقال الأطفال دون سن 18، ووضعهم في سجون مختلطة مع البالغين، وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وحرمان باقي المعتقلين من الرعاية الطبية ومنع المستشفيات العامة من استقبال أو علاج المصابين جراء الاحتجاجات، بل "وهجوم الأجهزة الأمنية على المستشفيات وأخذ مرضى مصابين من على أسِرتهم" حسب ما ورد في التقرير.
عيوب قانونية كما أشار التقرير إلى وجود عيوب قانونية على السلطات اليمنية الغائها خاصة في المواد 125 و126 التي تنص على عقوبة الإعدام بمن "يقصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها أو سلامة أراضيها" و"أذاع أخبار.. أو إشاعات كاذبة او.. عمد إلى دعاية، وإثارة الفزع بين الناس وإضعاف روح المعنوية في الشعب"، مشيرا إلى غياب التفسير الواضح لهذه المواد، مما يجعل أي معارض للنظام مهدد بهذه العقوبة. كما دعا التقرير إلى إلغاء المواد 127 و128 و129و 131 لإلغاء الاتهامات "الفضفاضة المبهمة إلى حد بعيد". وقال كريستوف ويلكي أثناء مؤتمر إعلان التقرير أن "من حق الجنوبيين أن يطالبوا بالإنفصال لكن ليس من حقهم أن يستخدموا القوة"، مؤكد أن مطلب الإنفصال عبارة عن "رأي" والعنف "انتهاك".
انتهاكات ضد الصحفيين وعلى صعيد الإنتهاكات الإعلامية اتهم التقرير وزارة الإعلام بإيقاف منابر إعلامية مستقلة عن العمل لانتقادها السياسات الحكومية، واحتجزت صحفيين وكتاب "بناءً على اتهامات زائفة"، مشيرا إلى وجود "خطوط حمراء" غير قانونية، مضيفاً "هذه الخطوط الحمراء ليست مكتوبة في كل الحالات وهي معروفة من قبل الصحفيين وؤساء التحرير ولا تقتصر على أحداث الجنوب". وروى أحد المحررين ليومن رايتس ووتش كيف كتب مسؤولون من الأمن القومي للصحفيين والمحررين في 2004م يأمرونهم بالامتناع عن انتقاد الرئيس أو أفراد أسرته – وكثير منهم يشغلون مناصبة حكومية واقتصادية هامة-، والإمتناع عن الحديث عن إساءة استخدام المسؤولين للسلطة ومسألة من سيخلف رئيس اليمن علي عبد الله صالح "التوريث". وأشار التقرير إلى عدد من الإنتهاكات التي تعرضت لها الصحف منها حظر على توزيع وتداول ثماني صحف هي أبزر الصحف اليمنية اليومية والأسبوعية المستقلة "بعد نشرها مقابلات مع قيادات الحراك الجنوبي وتفصيل الصحف الدقيق في بعض الأحيان بالموضوعات الصحفية والصور الفوتوغرافية العنف الذي تنتهجه قوات الأمن في الاحتجاجات". وأورد التقرير انتهاكات عديدة تعرض لها الصحفيون ومدونون من اعتقال ومنع وضرب وتهديد، ومحاكمة العديد منهم بتهمة "إهانة الرئيس" و "التشجيع على العصيان والتحريض ضد الوحدة والاتصال بانفصاليين في الخارج" وهي تهم فضفاضة غير واضحة.
توصيات وحلول وقد أوصى التقرير الحكومة اليمنية بضمان التزام قوات الأمن بالمعايير الدولية لعمل الشرطة، وإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق مع عناصر الأمن المشاركين في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل، ومن أمروا باستخدامها، ثم ملاحقتهم قضائيا وفرض الإجراءات التأديبية.
كما أوصى التقرير بوجوب وضع حد لاستخدام الإتهامات الجنائية المبهمة والفضفاضة، وحسن معاملة المشتبهين المحتجزين وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتبني إجراءات تضمن عدم احتجاز الأطفال تحت سن 18 إلا كحل أخير ولأقصر فترة زمنية بضمان عدم احتجازهم إطلاقا برفقة بالغين.
وطالبت المنظمة في توصياتها بوضع حد للإحتجاز التعسفي والمقاضاة والترهيب بحق الصحفيين المستقلين والمدونين والمراسلين، والكف عن إغلاق وتجميد إصدار الصحف المستقلة جراء تغطيتها للحراك الجنوبي، ومراجعة وتعديل التشريعات لضمان عدم تجريم القانون اليمني لأشكال حرية التعبير المحمية.
كما طالب التقرير الحراك الجنوبي بإعلان نبذ واستنكار العنف من قبل ناشطي الحراك أو المتعاطفين مع الجنوب ضد الشمال، وضمان التحقيق في هذه الهجمات. وأورد التقرير عدد من التوصيات للجهات المانحة لليمن ودور الجوار.
إعجاب وتحفظ إلى ذلك أبدى النائب في البرلمان فؤاد دحابة إعجابه الشديد بالتقرير متمنياً لو أنه كان وزيرا للخارجية "ليمنحهم الجنسية اليمنية تكريما لهم" قائلا "لقد عالجتم مشاكلنا أفضل مما عالجناها نحن".
من جانب آخر أبدى عدد من الناشطين تحفظهم على بعض النقاط التي وردت في التقرير أهمها ضمان حق المطالبة بالإنفصال إذ أن هذه النقطة بحسب رأيهم "تهدد الأمن القومي للبلاد، وتشرذم الوطن" مشيرين إلى أن أي دولة في العالم ترفض أي شرذمة لوطنها.