عادت الحياة إلى بلدات محافظة أبينجنوب اليمن بصورة تدريجية بعد نحو أربعة أشهر من انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة، لكن السكان يشكون من نقص الخدمات وغياب السلطة المحلية. في الطريق إلى مدينة زنجبار، تستوقفك نقطة تفتيش عسكرية بها ثلاثة جنود في مدخل منطقة الكود غرب زنجبار، والتي تبدو مدمرة بشكل شبه كامل مع اندلاع أعنف المواجهات بين قوات الجيش ومسلحي القاعدة خلال الفترة الماضية. وسيطر مسلحو القاعدة -الذين أطلقوا على تنظيمهم اسم جماعة «أنصار الشريعة»- في نهاية مايو العام الماضي على مساحات واسعة من أبين، بينها مدن زنجبار وجعار وشقرة، وأعلنوها إمارات إسلامية. لكن حملة واسعة للجيش اليمني استطاعت طرد المسلحين في يونيو الماضي. لكن برغم الدمار الواسع في ضاحية الكود، فقد عاد بعض سكانها إليها لبناء منازلهم من جديد، وهرباً من تكاليف المعيشة الباهضة في مدينة عدن الساحلية والتي شكلت حاضناً لعشرات آلاف النازحين إليها خلال أكثر من عام.
الحياة في زنجبار في مدينة زنجبار، العاصمة الإدارية لمحافظة أبين، بدأت الحياة الطبيعية تعود من جديدة، وعادت الحركة إلى السوق الرئيسي مع استمرار الاستقرار الأمني، لكن السكان يشكون من تأخر ربط شبكة الكهرباء إلى جميع المنازل، خاصة في قلب المدينة، بعد أن دمرتها الحرب. ويقول عدد من سكان زنجبار إن الحكومة لم تولي المناطق التي تضررت اهتماماً بحجم الدمار الذي سببته الحرب، لكن المسؤولين ينفون ذلك، ويشيرون إلى قرار الحكومة والرئيس اليمني بإنشاء صندوق لإعادة إعمار أبين. وتبلغ مساحة محافظة أبين نحو 17 ألف كيلو متر مربع، ويسكنها نحو نصف مليون نسمة. وتحولت مساحات زراعية واسعة من أبين إلى أشبه بسجادة خضراء بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الشهرين الماضيين، لكن ما نغّص فرحة المزارعين هو ارتفاع سعر الديزل مقارنة بفترة سيطرة المسلحين. وقال المزارع مجدي الحكمي إن سعر برميل الديزل في هذا الوقت من العام الماضي نحو عشرة آلاف ريال (نحو 50 دولار)، لكن سعره هذه الأيام وصل إلى الضعف، إضافة إلى ارتفاع أسعار البذور والشتلات.
كبح ارتفاع الأسعار ويبدو أن السلطات المحلية لا تستطيع كبح ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات، حيث تضاعفت أسعار النقل بنحو 200 بالمائة. وتساعد قوات الأمن في مهام حفظ الأمن، «اللجان الشعبية» التي شكلها رجال القبائل المسلحون في أبين لمساعدة الجيش في حملته ضد تنظيم القاعدة. وفي مدينة «جعار» التي تبعد نحو 15 كيلو متراً شمال زنجبار، يبدو الدمار أقل في هذه المدينة التي غير مسلحو القاعدة اسمها إلى «وقار»، حيث لم تتعرض لقصف القوات الحكومية أو الطائرات، عدا عن غارات محدودة استهدفت مواقع للمتشددين بالمدينة. ويشكو بعض سكان جعار قلة توفر مياه الشرب، حيث تصل في المناطق المحيطة بالمدينة مرة واحدة في الأسبوع، ما يضطرهم إلى جلب الماء من مناطق بعيدة بطريقة تقليدية.