"أرغب في خدمة أطفال مدينتي ورفع مشاكلهم ومقترحاتهم للسياسيين من مختلف الأحزاب.. لم أشعر بالعنصرية، كان هناك دائما ترحيب بي وتشجيعي على الاستمرار". بهذه العبارات بدأ الطفل المسلم ذو الأصول العربية محمود أسامة الدخميسي (13 سنة) حديثه ل"إسلام أون لاين.نت" بعد انتخابه في 18-12-2009 رئيسا لبرلمان أطفال مدينة جراتس عاصمة مقاطعة شتايرمارك (جنوب النمسا).
وقال أسامة: "تم تشجيعي من قبل المشرف على برلمان أطفال جراتس لكي أترشح لرئاسته هذا العام، وقد وافقت على الفور نظرا لأنه يمكنني عبره خدمة أطفال مدينتي".
وأضاف: "في عام 2007 رشحتني مدرستي لكي أكون عضوا في برلمان أطفال المدينة، والذي كان قد أنشئ للتو لأول مرة في هذا العام، وكنت الطفل المسلم الوحيد فيه، وقد شاركت في دورتين متتاليتين لهذا البرلمان قبل أن أرشح نفسي هذا العام لرئاسته". وأوضح أول طفل مسلم في هذا المنصب أنه "أجريت حملة دعاية مكثفة قبل موعد انتخابات برلمان الأطفال بأسبوع، وتم لصق إعلانات بشوارع المدينة عليها صور الأطفال الأربعة المتنافسين، وكان اثنان منهم من أصول نمساوية، بينما كنت أنا الوحيد من أصول عربية مسلمة، بالإضافة إلى رابع من أصول إفريقية".
وأسامة طفل مسلم نمساوي الجنسية ولد عام 1996 بمدينة جراتس، ثاني أكبر المدن النمساوية، من أبوين حاصلين على الجنسية النمساوية ومن أصول مصرية، ويدرس حاليا بالسنة الرابعة بمدرسة متوسطة متخصصة في مجال الحاسب الآلي.
لا عنصرية
وحول مدى إحساسه بالعنصرية والتمييز لكونه مسلما من أصول عربية قال أسامة ل"إسلام أون لاين.نت": "لم يكن هناك أي مشاعر تنم بعدم الترحيب بي، بل على العكس تماما كان هناك دائما ترحيب بي وتشجيعي على الاستمرار".
وأضاف: "فور ظهور نتيجة الانتخابات وإعلان فوزي لاحظت مشاعر الفرح والسرور في وجه كل السياسيين النمساويين ورؤساء أحزاب المدينة، كما أن عمدة المدينة والذي كان مشاركا خلال حفل الانتخابات حضر إلي وسلم علي وهنأني بالفوز".
وعن تناول وسائل الإعلام النمساوية بالمدينة لهذا الخبر أوضح أسامة أن "الصحف التي نشرت الخبر لم تتعرض لأي شيء سوى أنها أشارت إلى أنني طفل نمساوي من أصول عربية فقط".
ولفت إلى أن وسائل الإعلام ركزت على أن هذا البرلمان لكل الأطفال النمساويين من كل الأصول والأعراف دون أي تمييز أو فرق بينهم.
وتطرق أسامة إلى برلمان الأطفال قائلا: "هذا البرلمان يعقد ثلاث لقاءات شهرية مع المشرف عليه من قبل حكومة المقاطعة؛ حيث يحضر هذه اللقاءات بعض السياسيين من مختلف الأحزاب للتحاور مع أعضاء البرلمان وسماع مطالبهم وآرائهم فيما يخص شئون أطفال بالمدينة"، مشيرا إلى أنه يعد جهة مستقلة لا تتبع أيا من الأحزاب.
حافظ للقرآن
من جانبه قال المحاسب أسامة الدخميسي، والد محمود، إنه "يتميز بأنه اجتماعي يحب التعرف على الآخرين ومساعدتهم ومشاركتهم في حل أي مشاكل تواجههم، وهو ما جعله ينال محبة الجميع حوله".
وتابع: "محمود منذ صغره مقبل على حفظ القرآن الكريم، ومعروف هنا في مسجد النور بالمدينة، والجميع يحبونه أيضا، كما أنه يحب الإنشاد الديني ويشارك بأناشيده في الحفلات الإسلامية".
وحول رأيه في مشاركة ابنه في برلمان الأطفال أوضح أنها: "فكرة جديدة لم تكن موجودة من قبل، وشيء جميل أن نرى الأطفال يتدربون على إعطاء أصواتهم لمن يثقون فيه، وفي جو من الحرية والشفافية دون أي ضغوط عليهم من أي جهة".
وأعرب عن إعجابه "باهتمام السياسيين ومشاركتهم والتعرف على الأطفال والاستماع لآرائهم وتصوراتهم بشأن مشاكل ومتطلبات أقرانهم الأطفال الآخرين".
مشاركة إيجابية
الدكتور كامل محمود، رئيس مجلس الجالية الإسلامية في مقاطعتي شتايرمارك وكيرتين بالنمسا، من جهته أشاد بهذا الحدث معربا عن أمله في أن "يكون للجيل الثاني والثالث من أبناء مسلمي النمسا دور في الحياة السياسية النمساوية".
وشدد د. محمود على أن "ذلك من شأنه تشجيع الأقلية المسلمة على العمل على توجيه أبنائهم نحو المشاركة الإيجابية والاندماج في المجتمع".
ولفت إلى أن "مدينة جراتس تتميز بأن لديها مجلسا استشاريا لحقوق الإنسان، وقد حازت عام 2001 على لقب حقوق الإنسان من الهيئة الأوروبية لحقوق الإنسان"، موضحا أن هذا المجلس يتصدى لأي اعتداء من أي جهة محلية على حقوق الآخرين من كل الأعراق أو الأديان بالنمسا".
وأشار إلى أن: "النمسا هى الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعترف بالدين الإسلامي، والتي تتكفل من ميزانيتها برواتب مدرسي مادة التربية الدينية للطلاب المسلمين في المدارس".
ويعيش في النمسا حوالي 400 ألف مسلم من بين إجمالي عدد السكان البالغ 8 ملايين نسمة، وبالرغم من بعض الحوادث العارضة تحظى الأقلية المسلمة بوضع متميز يندر أن يوجد مثله في الدول الأوروبية الأخرى بفضل الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بالدين الإسلامي منذ عام 1912.