تزايد عدد اليمنيين الذين غادروا المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة بعد تضييق الخناق عليهم من خلال فرض مزيدا من الإتاوات والرسوم، حيث تم فرض 2400 ريال سعودي سنويا إضافة إلى ما يدفعه المغترب اليمني للكفيل السعودي من إتاوات شهرية غير عادلة قضت على كل ما تبقى من آماله وراتبه المتدني للغاية. لماذا يُعامل المغترب اليمني في المملكة، على وجه الخصوص، معاملة مهينة لا تراعي أي حرمة للإنسانية أو حتى لأواصر القرابة والعروبة والدين والثقافة المشتركة؟ لماذا يُحترم المغتربون اليمنيون في كل أرجاء العالم ويحظى أبناءهم بكافة الحقوق فيما يُحرمون من أبسط الحقوق في المملكة.
أين دور هيئة الأمر بالمعروف والمنكر في المملكة مما يجده اليمنيون من مضايقات؟ أين مفتي المملكة وأين القرني والعودة والعريفي وغيرهم؟ أليس الإساءة لليمنيين في المملكة وابتزازهم وعدم مراعاة حقوقهم منكرا؟ أين دور رجال الدين الذين لا يدعون شاردة ولا ورادة إلا وأفتوا فيها أو تحدثوا عنها، لماذا لا يفتون بحرمة ابتزاز جيرانهم اليمنيين المسلمين في المملكة والاستيلاء على حقوقهم وعدم احترام إنسانيتهم؟
لقد تم فعلا الاستيلاء على كثير من أموال اليمنيين عبر "نظام الكفيل سيئ السمعة"، النظام الذي لا يوجد له مثيل في أرجاء العالم. إنه فعلا نظام استعبادي يسيء إلى سمعة السعوديين قبل أي شيء، كما أنه يساعد بعض الأشخاص في السعودية على ممارسة الظلم والابتزاز. إلى متى سيظل نظام الكفالة سيفا يسلط على رؤؤس المغتربين في السعودية؟ إننا نعيش الآن في القرن الحادي والعشرين وهناك وسائل أخرى من الأحرى بالمملكة أن تتبعها للتعامل مع الأجانب داخل المملكة.
لقد وقع النظام اليمني السابق اتفاقيات الحدود مع السعودية من دون أن يعير العمالة اليمنية أي اهتمام وكانت سياساته الرعناء سبباً أساسياً في معاناة المغترب اليمني في دول الخليج بشكل عام. وما دمنا نعيش الآن على أعقاب ثورة حقوقية شاملة، فإن على الرئيس الجديد والحكومة الانتقالية ووزير المغتربين، الذي قضى معظم عمره في الاغتراب، أن يضعوا ضمن أولوياتهم تخفيف العبء على المغترب اليمني، لاسيما في المملكة.
إن إنهاء نظام الكفالة في المملكة، ولو بشكل استثنائي على المغترب اليمني، سيضع حدا لمظالم جمة تمارس ضد مئات الآلاف من المواطنين اليمنيين وسيرفد الاقتصاد الوطني بملايين الدولارات لأنه يتم ابتزاز المغترب اليمني ولا يعطى حقه من الأجر المنصف، حيث يفرض عليه الكفيل أن يعمل لديه بالراتب الذي يحدده. وفي حال أبدا أي رفض أو اعتراض على الراتب، فسيجد نفسه مطرودا من المملكة في اليوم التالي.
إن على الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والناشطين والصحفيين والثوار أن يضعوا نصب أعينهم قضية المغترب اليمني، لاسيما في المملكة، وأن تفعل قضاياهم على كافة الأصعدة، كما لا بد أن يكون للحكومة إستراتيجية وطنية وجادة للعمل من خلالها على تذليل الصعوبات والمعانات التي يواجهها المغتربون.