زعماء الحراك السلمي أو المسلح أو الملفلف نتمنّى ألا يلتقوا أبدا على أية طاولة مستديرة أو مستطيلة وألاّ يتفقوا على شيء، فهؤلاء البشر إن اتفقوا فسيتفقوا على الفرقة وعلى باطل ومنكر.. ولو مورست ضغوط خليجية محاولة إرغامهم على الدخول في الحوار الوطني فسيدخلون وهم يبيتون النية لنسف هذا الحوار، فلكلٍ أجندته الخاصة..
هؤلاء المرفّهون قبل وبعد 94م يتبجحون بمظلومية أهل الجنوب ومعاناتهم وهم الذين يعيشون رغد الحياة في دول الخليج وبمنأى عن كل هموم الوطن شمالا وجنوباً..
فما أدراهم بمُعاناة الإنسان اليمني كي يناضلوا من أجل القضية الجنوبية، وهم أول من استفاد من حرب 94، وأشعل فتيلها وقدم أبناء الجنوب لقمة سائغة لنظام صالح الغاشم، وأمعنوا في غرس فكرة أن الشمال ظلم الجنوب، حتى نسى أهل الجنوب أن ماحدث عندهم من ظلم وفساد ونهب للأراضي مثله تماما حدث في الشمال، وأننا جميعا في خندق واحد ضد حُكام فاسدين ومسؤولين لصوص تبلغ بهم الوقاحة «أن يسيروا في جنازة قتلاهم».
لقد جمعتنا الثورة كي تفرقنا الأطماع المشبوهة لساسة أجادوا الدجل والكذب حتى أصبح كل شمالي يدخل مدينة عدن مجرد دحباشي لص غير مرغوب بوجوده، وقد لا يسلم الأذى. كما حدث للرحلات الشبابية التي زارت عدن في العُطلة النصفية، وما تعرضوا له من ضرب وتكسير للباصات، واعتداء بالسب والطّرد والحصار في بعض المباني..
فأي فداحة هذه حين يظلم الجنوب مرتين؛ الأولى بالحُكام الفاسدين ومصاصي الدماء، والثانية باستغلاله والضحك عليه وتحويله إلى شعب يسيء لنفسه بمعاداته لمواطني الشمال المساكين والعاديين الذين لم يكونوا يوماً من أصحاب الأموال الطائلة ولا كانوا نافذين يسرقون البلاد شمالا وجنوبا ولا عسكريين يقتطعون أراضي البسطاء شمالا وجنوبا، بل أشخاصا يحبون عدن.
نعم، نحن نحب عدن، ونحب جنوب الوطن، كل الثوار الشرفاء مع أهل الجنوب حتى ننتزع حقوقنا المسلوبة من الذين يسعون إلى تدمير وحدتنا، ولم يصنعوها بل صنعها شعب واحد، وسيظل شعبا واحدا يقظا لكل صوت يخاطر بمستقبل الوطن بأكمله.
إن علاقة الشمال والجنوب ليست كالعلاقة الزوجية يمكن أن يفك الارتباط بكلمة بسيطة مع بعض الحقوق التي ترد للطرف المظلوم، بل هي أعمق من ذلك وأكبر تأثيرا؛ هي علاقة الروح بالجسد، بل هي كالجسد الواحد لا يجب أن يُشق نصفين فسيموت كلاهما.