هي جسر استراتيجي يربط آسيا بأفريقيا وهي دولة تطل على المياه الاقليمية وتتداخل مع اليمن وارتيريا واثيوبياً ايضاً. جيبوتى التي يقال أنها تجمع بين الهويتين العربية والإفريقية في أن واحد، هي دولة عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، نالت استقلالها عن الاحتلال الفرنسي في يونيو 1977م. لتكون بذلك أخر مستعمرة فرنسية فى إفريقيا تحصل على الاستقلال.
الدولة العربية ذات الموقع الجيواستراتيجي المهم تخوض غمار التحول السياسي من جديد هذه المرة بانتخابات نيابية، حيث توجه يوم 22 من فبراير الماضى أكثر من 173 ألف ناخب في هذا البلد الصغير الذي تقدر مساحته بنحو 23.000 كيلومتر مربع، فيما يقدر عدد سكانها بنحو 864,000، لانتخاب ممثليهم في مجلس النواب في دورته السادسة منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1977، بعد انتهاء الحملة الانتخابية للقوى السياسية المتنافسة على مقاعد البرلمان والبالغ عددها 65 مقعدا. منها 35 للعاصمة جيبوتي، بينما توزعت بقية المقاعد على المحافظات الداخلية الخمس بصورة متفاوتة اعتمادا على الكثافة السكانية لكل محافظة.
الانتخابات التي تنافست فيها كتلة الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية والذي يتكون من حزب التجمع الشعبي للتقدم، وحزب جبهة إعادة الوحدة والديمقراطية، والحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الشعبي الاجتماعي الديمقراطي وحزب اتحاد أنصار الإصلاح، وبين ائتلاف الاتحاد من أجل الإنقاذ الوطني الذي يضم كلا من حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والعدالة والحزب الجيبوتي للتنمية وحزب تحالف الجمهوريين من أجل التنمية، كما خاض غمار الاستحقاق النيابي حزب الوسط الديمقراطي الموحد.
وحصدت الاولى 56 مقعد بينما نال الائتلاف المعارض 9 مقاعد..حسب النتائج الأولية التي أعلن عنها وزير الداخلية الجيبوتي حسن درار هفنه.
في هذا السياق أعلن المراقبون المحليون والدوليون عن شرعية وشفافية الإنتخابات التشريعية التي جرت في البلاد، وقدم رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات، عبدي إسماعيل هيرسي، تقرير اللجنة النهائي خلال جلستها العامة الثالثة التي انعقدت الأحد، 24 شباط/فبراير، قائلا في تصريح صحفي إن العملية الإنتخابية قد جرت بعدالة وحرية.
وأضاف، "لقد جرت الإنتخابات في جميع أنحاء البلاد في جو من الديموقراطية والشفافية، وعلى الرغم من تسجيل وقوع بعض الحوادث الثانوية في عدد من المناطق، إلا أنها لم تؤثر على مسار العملية الإنتخابية أو على شفافيتها".
وذكرت وكالة الأنباء الجيبوتية الرسمية، أن بعثة مؤلفة من 60 مراقب دولي قامت بتفقد أكثر من 154 مركز إقتراع و54 مكتبا، ورصدت عملية فرز الأصوات في 12 مقرا مخصصين لذلك.
وقال رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في لجنة المراقبة الدولية، رئيس وزراء مالي السابق سيسي ماريام كايداما سيديبي، "لم نرصد وقوع حالات تزوير أو تعبئة لصناديق الإقتراع، ولو حصل ذلك لطعننا بنتائج الإنتخابات. لقد تمكن سكان جيبوتي من القيام بواجبهم المدني بشفافية مطلقة".
من جانبها أعربت الجامعة العربية عن ارتياحها للانتخابات التشريعية فى دولة جيبوتى، واعتبرت الجامعة اجراء الانتخابات بالخطوة المتطورة والهامة في مسيرة الديمقراطية وتعزيز المشاركة لتحقيق ما يصبو اليه شعب جيبوتى من طموحات وآمال واستقرار وتنمية.
وقدمت الجامعة فى بيان لها التهنئة الى شعب وحكومة جيبوتى والاحزاب السياسية المشاركة على نجاح هذه الانتخابات.
واشارت الجامعة فى بيانها الى مشاركة وفد من الأمانة العامة بمراقبة سير العملية الانتخابية فى اقاليم الاقتراع الستة، التى بدأت يوم 18 فبراير الماضى ، مؤكده ان الوفد لاحظ بارتياح أن تنظيم عملية الاقتراع وسير العملية الانتخابية جرى فى أجواء من الهدوء والأمن واتسم بالشفافية وحسن التنظيم.
منظمة التعاون الإسلامي هي الأخرى أعربت عن ارتياحها لسير العملية الانتخابية في جيبوتي، مؤكدة أنها جرت في أجواء حرة وشفافة.
وقالت المنظمة في بيان لها الثلاثاء إنها أوفدت بعثة لمراقبة الانتخابات التشريعية في جيبوتي ، وذلك تلبية لدعوة تلقتها من الحكومة الجيبوتية ووفقا لأحكام ميثاق المنظمة حول تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في الدول الأعضاء.
وأشارت إلى أن مراقبيها لاحظوا بعد قيامهم بمهمتهم داخل عدد كبير من مراكز الاقتراع في مختلف المناطق أن الانتخابات تمت في أجواء حرة وشفافة وآمنة.
وأضافت أن الأمين العام للمنظمة البروفسور أكمل الدين أوغلي هنأ شعب جيبوتي وحكومته والفاعلين السياسيين بنجاح هذه الانتخابات الديمقراطية التي تشكل خطوة هامة وحاسمة على طريق تعزيز الديمقراطية وبناء مستقبل زاهر في البلاد.
ورحب رئيس الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية السيد عبد القادر كامل محمد بنتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي.ووصف كامل في كلمة عبر التلفزيون الوطني، عملية التصويت بأنها كانت ديمقراطية، مؤكدا أن الناخبين في جيبوتي عبروا عن رغبتهم في مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرسومة من قبل رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله الذي يرأس أيضا أحد الأحزاب الخمسة للتحالف الرئاسي وهو حزب التجمع الشعبي للتقدم الذي أنشئ يوم 4 مارس/آذار 1979.
وقال محمد إن الناخبين قرروا عدم إعطاء المعارضة عددا كبيرا من مقاعد المجلس النيابي، وأضاف "نمد يدنا إلى المعارضة لنعمل معا في المجلس النيابي من أجل خدمة الشعب، وأن نضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار".
ويرى الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية الذي سيستمر في تولي السلطة التشريعية لخمس سنوات أخرى طبقا لنتائج الاستحقاق النيابي، أن تصريحات المعارضة ورفضها نتائج الانتخابات مجرد مزاعم تفتقر إلى المصداقية.
من جانبه قال رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله في حوار حول التطورات المتصلة بالانتخابات التشريعية أجراه معه القسم الصومالي بإذاعة صوت أمريكا الأسبوع الفائت إن هذه الانتخابات كانت برلمانية وجرت في ظل نظام جديد تم اعتماده مؤخرا، ويقضي بتوزيع مقاعد البرلمان على الأطراف السياسية التي تنال 10% فما فوق من أصوات المقترعين حسب نسبهم في النتائج. وقد أشرف على الانتخابات أكثر من 60 مراقبا دوليا.
وأكد على أن الانتخابات قد جرت تحت إشراف مراقبين قاموا بزيارات استطلاعية إلى كافة مراكز التصويت، وقد ظل بعضهم في هذه المراكز من الصبح حتى المساء (أي من بدء التصويت حتى انتهاء وقت الاقتراع.
وفي سياق متصل أشاد السفير الفرنسي في جيبوتي رينيه فورسفيل بمشاركة المعارضة التي ظلت غائبة عن الساحة السياسية منذ ما يزيد على عقد من الزمان في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في 22 من شهر فبراير المنصرم. وأضاف أن مشاركة المعارضة في الاقتراع ضمنت لها دخول الجمعية الوطنية. مؤكدا أن هذه الخطوة تشكل تقدما إيجابيا لافتا.
وذكر السفير رينيه فورسفيل من ناحية أخرى سفارة فرنسا والسفارات الأخرى المعتمدة لدى جيبوتي شاركت في مراقبة العملية الانتخابية.
موضحا في هذا الصدد، أنه كانت لديهم حرية تامة في الوصول إلى مراكز الاقتراع في العاصمة. واختتم تصريحه بالقول: "لم نلحظ أي شيء غير طبيعي".
وشكلت الانتخابات في رأي الكثيرين منعطفا تاريخيا في مسيرة التحول الديمقراطي بجمهورية جيبوتي، حيث أدلى الناخبون أصواتهم في 424 مركز تصويت وسط حضور قوى المعارضة.