جاء في كلمة الرئيس عبد ربه منصور هادي في كلمته التوجيهية لمؤتمر الحوار أن على اعضاء مؤتمر الحوار الاستيعاب الكافي للنظام الداخلي للمؤتمر الذي تم صياغته بمهنية....الخ ما جاء في كلمته... ورغم وجود إيجابيات في النظام الداخلي الذي كما قيل أعدته اللجنة الفنية للتحضير للحوار وأصدره الرئيس هادي في 16/3/2013م غير أنه وردت فيه نصوص جامدة ومعقدة قد نتفهم بعضها التي تتفق مع طبيعة المرحلة لكن الأمر غير المفهوم أن ترد فيه نصوص مفروضة على المؤتمرين الذين يفترض فيهم تقرير مصير اليمن بأكمله لكنهم لا يستطيعون من الناحية العملية تعديل فقرة أو مادة من النظام.. ويكفي أن يعرف المتحاورون انهم يستطيعون البت والتقرير في أي قضية من قضايا الوطن الحساسة كقضية الجنوب أو صعده أو حتى الدستور لكنهم لا يستطيعون تعديل فقرة من النظام الداخلي الذي صدر بقرار جمهوري وبإرادة منفردة من الرئيس بعد إعداده من اللجنة الفنية كما قيل ولم يتم عرضه على الرأي العام قبل إصداره مع أنه يُعد دستوراً للمتحاورين سيقرر بموجبه مصير البلد ككل... لكنني لا أستطيع الجزم بمسألة موافقة أو عدم موافقة ممثلي المكونات السياسية عليه قبيل إصداره. يتكون النظام من سبعة فصول تحتوي على (57) مادة تتجزأ إلى فقرات ويبدأ في الفصل الأول بالتسمية والتعاريف ويعدد في الفصل الثاني الأهداف والمبادئ، والثالث يتناول الهيكلة والتكوين، وفي الرابع يوضح المهام ويبين الفصل الخامس واجبات وحقوق الأعضاء والحاضرين من غير الأعضاء، ويحدد الفصل السادس آليات العمل، ويختتم النظام الفصل السابع بالأحكام العامة.
ويرى كثيرون أن النظام الداخلي كان ينبغي أن يقر من مؤتمر الحوار في الجلسة العامة باعتبار القانون الذي يحكم طريقة عمل المؤتمر.
وذات الرأي أيضاً يذهب إلى وجوب أن يقوم المؤتمر العام (الجلسة العامة) باختيار هيئة الرئاسة وهذا الرأي له وجاهته من الناحية السياسية والقانونية لكن الأمر والواقع والظروف التي تعيشها اليمن جعل الناس يتجاوزن ذلك.
إلا أن النظام الداخلي رغم ذلك قد احتوى على نقاط وأخطاء جوهرية كان ينبغي تداركها سواءً من ناحية الصياغة أو المعنى ومن ذلك: • جاء في المادة (2) من الفصل الأول التسمية والتعاريف ما يلي: -مندوب الأممالمتحدة: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشئون اليمن وفريق عمله.
والملاحظة:- أن كلمة مندوب مفرد وكلمة فريق جماعة ولا يمكن أن تدمج الجماعة في الفرد وكان يمكن تقسيم الفقرة إلى فقرتين بتعريف مندوب الأممالمتحدة لوحده وفريقه في نقطة أخرى...
• جاء في المادة (6) من الفصل الثاني (الأهداف والمبادئ): ما نصه (وفقاً لما هو منصوص عليه في الآلية التنفيذية لمبادرة مجلس التعاون لدول مجلس الخليج العربي يجب أن يتوصل مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى النتائج الآتية:- الفقرة2-وضع العناصر الرئيسة للإصلاح الدستوري بما فيها هيكلة الدولة وغير ذلك من القرارات الجوهرية المرتبطة بالنظام السياسي.
الملاحظة:- الإشارة للإصلاح الدستوري أمر في غاية الغرابة كوننا في الأساس أمام عملية إنشاء دستور جديد عقب ثورة شعبية ولسنا أمام ترميم أو إصلاح الدستور القائم حالياً ومعلوم لدى فقهاء القانون الدستوري ان أي ثورة يجب ان ينتج عنها دستور جديد..ويبدو الفقرة كما وردت في الاصل تعود الى مراحل كانت تنادي فيها المعارضة باصلاح الدستور..وذاك وضع انتهى بالثورة وبالتالي فيمكن أن يعاد صياغة الفقرة الثانية كالتالي:- ((وضع العناصر الرئيسية للدستور بما فيها هيكلة الدولة وغير ذلك من القرارات الجوهرية المرتبطة بالنظام السياسي))
• عرفت المادة (8) الجلسة العامة بكونها الهيئة العليا للمؤتمر وتتكون من كافة أعضاء المؤتمر وعددهم (565) عضواً، ويجب على كل الفئات المشاركة في المؤتمر عدا الحراك الجنوبي والحوثين أن تضمن مشاركة كافية من أبناء الجنوب بين ممثليها بحيث لا يقل المشاركون من الجنوب عن (50%) من مجموع سائر الأعضاء. الملاحظة:- أن النص أوجب على كافة الفئات أن تضمن مشاركة (50%) من أبناء الجنوب واستثنى من ذلك مكونين اثنين هما: 1- الحراك الجنوبي. 2-الحوثيين.
وذلك توجه صحيح لكن الواقع العملي أفرز لنا مكون منظمات المجتمع المدني الذي لا يمكن أن يطبق معيار مشاركة (50%) من الجنوبيين بسبب أن لكل منظمة ممثل واحد فقط ولا يمكن أن نقسم هذا الشخص إلى شمالي وجنوبي... فقد يكون ممثل المنظمة من الشمال أو من الجنوب وبالتالي كان يجب استثناء مكون منظمات المجتمع المدني من اشتراط تمثيل الجنوبيين أيضا.
ملاحظات متعلقة بتمثيل الشباب والمرأة • جاء في المادة (9) ما نصه ((تتكون لجنة التوفيق من رئاسة المؤتمر ورؤساء فرق العمل وعدد من الأعضاء يعينهم الرئيس من أعضاء اللجنة الفنية بالتوافق مع اللجنة الفنية وبما يضمن تمثيل كافة المكونات بشكل متوازن على ان يمثل الجنوب ب (50%) من قوام لجنة التوفيق كما تمثل المرأة بما لا يقل عن (30%). الملاحظة:- مكونات اللجنة: 1-رئاسة المؤتمر عدد (9) (رئيس المؤتمر + 6 نواب + 2 مقرر ونائبه). 2-رؤساء فرق العمل وعددهم (9). 3-عدد من أعضاء اللجنة الفنية.
ويلاحظ أن عدد أعضاء اللجنة الفنية المفترض تمثيلهم في اللجنة غير محدد وكان يجب تحديده. وقد اشترطت المادة تمثيل الجنوب ب (50%) والمرأة ب (30%).
أما الشباب الذين فجروا الثورة وكانوا وقودها الاساسي والتي كان من اهم نتائجها حدوث التغيير وتبني الحوار فلا تمثيل لهم مطلقا في هذه اللجنة.
وكأن هناك توجه في أن يكون تمثيل الشباب في الهيئات القيادية منعدم مع أن أسس الحوار قامت على قواعد تمثيل الشباب ب (20%) من قوام المكونات المحددة للمؤتمر كشرط لضمان مشاركتهم قبل أن يتم الالتفاف عليها خاصة وأن تركيبة قوام المؤتمر والفرق قامت على أساس جغرافي مناطقي ومحاصصة حزبية، وعلى أساس محاصصة بين الجنس والنوع (رجال نساء) وعلى أساس الفئات العمرية (شباب).
• المادة (12) تتحدث عن طريقة تكوين فرق العمل وتقسيم ذلك وفقاً للتالي:- 1-المكونات السياسية هي التي ترشح أعضائها للفرق.
2-المرأة والشباب والمجتمع المدني يحدد العضو تفضيلاته إلا أن القرار النهائي في هذه الحالة لرئاسة المؤتمر. والملاحظة:- أن اختيارات الأحزاب والمكونات السياسية لمواقع أعضائها في الفرق ملزم ولا تخضع لرأي رئاسة المؤتمر في حين أن المرأة والشباب والمجتمع المدني توجد عليهم أشبه بوصاية أو رقابة بحيث يجوز للرئاسة أن تغير الشاب أو المرأة أو ممثل المنظمة إلى فرق أخرى غير التي أختارها وفي ذلك ازدواجية وعدم مساواة وإشعار الشباب المستقلين أن مشاركتهم هامشية.
• مادة (13) المتعلقة بلجنة المعايير والانضباط: مقرؤها ((تتكون لجنة المعايير والانضباط من (7) شخصيات قضائية وإدارية مشهود لها بالنزاهة والحيادية... ويتم اقتراحها من غير أعضاء المؤتمر من قبل اللجنة الفنية ويتم تزكيتها من قبل رئاسة المؤتمر في الجلسة العامة الأولى على أن يمثل فيها الجنوب والمرأة والشباب بصورة مناسبة)).
والملاحظة على هذه المادة: أنها اشترطت النزاهة والحيادية دون ذكر الآلية لمعرفة ذلك. المادة اشترطت أن يكون أعضاء هذه اللجنة من سبع شخصيات قضائية وإدارية.
لكن ما حدث أن اللجنة الفنية اجتهدت وطلبت من مجلس القضاء ونقابة المحامين ترشيح عشرين قاضٍ ومحامٍ على أساس عشرة من كل جهة، والحقيقة أن ذلك مخالف لنص المادة الذي اشترط أن يكونوا قضاة وإداريين وهو قصور لا شك في المادة حاولت اللجنة الاجتهاد وأستبدلت الإداريين بالمحامين لكن هل تم مراعاة تمثيل الفئات الثلاث في هذه اللجنة كما هو شرط المادة؟!
تم اختيار وتزكية سبعة قضاة ومحامي (3 قضاة، 4 محامين) وهم الزملاء الأعزاء: 1-ق /يحيى الماوري 2-ق/ عبد الجليل نعمان 3-ق/جهاد عبد الرسول 4-المحامي/عبد المجيد ياسين 5-المحامي/احمد الوادعي 6-المحامي/علي الحبشي 7-المحامية /سهام الشاوش
والملاحظة: أنه تم مراعاة تمثيل المرأة عدد (2) والجنوبيين عدد (3) لكنه لم يتم مراعاة الشباب مطلقاً بالمخالفة للمادة وجرياً على طريقة تهميش الشباب أو الافتئات على حقوقهم على الرغم من أن الشخصيات المكونة للجنة شخصيات نكن لها كل الاحترام والتقدير... لكن اردنا هنا ان نوضح مدي الظلم والحيف الذي لحق الشباب حتى على ضوء المعايير المنصوص عليها في النظام الذي لم يلتزم به من سطره.
• المادة (15) المتعلقة بإنشاء وتعين هيئة رئاسة المؤتمر والمكونة من (9) أشخاص (الرئيس + ستة نواب + مقرر ونائبه) وقد أشارت إلى أن يتم تعيين الهيئة بقرار رئاسي وبعد التشاور مع اللجنة الفنية.
الملاحظة:- أن التعيين للهيئة من قبل الرئيس لا يخضع لأية معايير سوى التشاور مع اللجنة الفنية للحوار كما أن التعيين لم يشترط التالي:- 1-أن يكون هؤلاء من قوام أعضاء مؤتمر الحوار وذلك مخالف لكل الأعراف الدستورية والقانونية في العالم أجمع... فلو افترضنا أن المتحاورين في الأساس هم جمعية تأسيسية لعمل دستور ألا يجب أن تكون رئاستها من بين الأعضاء إلا أن النظام الداخلي خالف ذلك وبالتالي فيمكن للرئيس اختيار هؤلاء من خارج مؤتمر الحوار ولكنه لم يفعل.
2-لم تشترط المادة أن تخضع التعيينات لثقافة التقاسم والمحاصصة السياسية والمناطقية والمرأة والشباب... وبالتالي فيمكن للرئيس اختيارهم من مكون واحد ومن فئة عمرية واحدة طبعاً المفضل لديهم دوماً اختيار الكهول على حساب الشباب والمرأة بدليل أنه لا يوجد من بين النواب للرئيس امراءة أو شاب ، طبعا الرئيس اختارهم من مكونات سياسية مختلفة ، ونحن هنا نتحدث عن النص مجردا.
ملاحظات متعلقة بآلية اتخاذ القرار:-
قسم النظام في المادة (34) وما بعدها آلية اتخاذ القرار إلى قسمين:- الأول:- في القرارات الإجرائية. الثاني:- آلية اتخاذ القرارات الموضوعية.
وما يهمنا في هذا الشأن الآلية المتعلقة بالقرارات الموضوعية وهي الخاصة بالقرارات المصيرية للبلد المتخذة من قبل الجلسة العامة والتي يجب ضبط الآلية فيها بما يؤدي إلى سلامة الإجراءات فيها خوفاً من التشكيك فيها وبالتالي فشل الحوار من الناحية النظرية والأهم العملية.
حيث أن المادة قسمت مراحل اتخاذ القرار على النحو التالي:- 1-تتخذ قرارات الجلسة العامة بالتوافق الذي يتحقق بموافقة (90%) من الحضور على الأقل على ألا يكون من جملة المعترضين مكون واحد وذلك يفترض ما يلي: التوافق بين الأعضاء الحاضرين للمؤتمر بنسبة (90%) من الحضور (الذي قد يكون في الأساس (51%) من قوام المؤتمر حسب نص المادة (27) من النظام وبشرط أن لا يعترض مكون كامل والمكونات هنا هم الأطراف السياسية بما في ذلك الحراك، والحوثين، وكذا قطاعات المجتمع المدني والمرأة والشباب، وفي حالة وافق (90%) من الحضور ولكن مكون واحد اعترض فلا يكفي ذلك للقول بوجود التوافق وذلك معضلة في حال نية أحد الأطراف تعطيل الجلسات العامة والحوار وأعتقد أن اعتراض النص على أن أي مكون يمكن أن يعطل التوافق الذي يصل إلى 90%) فيه مخاطرة كبيرة تهدد بفشل الحوار... كون الوصول لنسبة (90%) ليس بالأمر الهين إن لم يكن مستحيلاً من الناحية العملية خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي يشتد حولها الخلاف.
في حال عدم توفر التوافق والشروط المشار لها سلفاً يشترط الإحالة إلى لجنة التوفيق وفي حال فشلها في إحراز تقدم والوصول إلى التوافق يطرح الموضوع للتصويت وفي حال حصول القرار على ثلاثة أرباع الحضور يكون نافذاً.
والملاحظة:- أن المادة لم تشترط لتمرير القرار عدم اعتراض أي مكون من مكونات القوام وأعتقد أن ذلك مبرراً حتى لا يتعرض الحوار للعرقلة كون نسبة الثلثين تضل كبيرة أيضاً وتدل على توافق كبير.
في حال عدم حصول القرار على أغلبية ثلاثة أرباع الحضور ترفع مرة أخرى للجنة التوفيق وفي حال الفشل يرفع إلى رئيس المؤتمر الذي بدوره سيبذل جهوداً كبيرة للتشاور وله تقديم مشاريع قرارات لحسم الخلاف في لقاء يضم رؤساء كل المكونات والفعاليات المشاركة وينبغي في الحوار شريطة أن يكونوا مفوضين كتابياً من مكوناتهم.
والمرحلة الثالثة أعتقد أنها كالتالي:- الرفع إلى لجنة التوافق وفي حال فشلها في التوافق. يرفع الأمر إلى رئيس المؤتمر الذي عليه بذل الجهود والتشاور مع المكونات والفعاليات المكونة للمؤتمر. في حال فشل ذلك على الرئيس تقديم مشاريع قرارات لحسم الخلافات إلى رؤساء المكونات والفعاليات المكونة لقوام المؤتمر على أن تكون مفوضة كتابياً من مكوناتها.
وبتحليل ذلك نجد التالي:- يفترض بالرئيس أن يجتمع برؤساء المكونات والفعاليات الممثلة في المؤتمر وبشرط وجود تفويض مكتوب لهم لكن إذا كان هذا الأمر مفهوماً لدى المكونات السياسية إذ بإمكانها الاجتماع معه وإحضار تفويض مكتوب باعتبار أن لكل مكون رئيس كما هو حال الأحزاب والحركات السياسية.
فكيف سيكون الأمر بالنسبة لمكون المرأة والشباب ومنظمات المجتمع المدني؟!... الخ، وهي من المكونات الأساسية الممثلة في المؤتمر لكنها لا يوجد لها قيادة فيكف سيتم التعامل معها؟
أعتقد أنه كان يمكن النص في النظام على أن لها أن تختار من بينها من يمثلها في كل حالة من الحالات المشابهة وتقدم بذلك تفويض مكتوب لمن سيمثلها.
ثم أن النص الذي ذكر اجتماع الرئيس برؤساء هذه المكونات بعد إعداده لمشاريع قرارات حاسمة لم يفترض حدوث فشل في هذه المفاوضات فمثلاً لو أن الجلسة العامة فشلت في كل المراحل السابقة في اتخاذ قرار فيما يتعلق بقضية صعده أو الجنوب أو الدستور ووصل القرار إلى مرحلة اجتماع الرئيس برؤساء المكونات لقوام المؤتمر ولكن الاجتماع فشل أيضاً في تمرير القرار فما الحل؟! للأسف لم يفترض النظام الوصول إلى هذه المرحلة وأعتقد أنه كان ينبغي عليه افتراض ذلك والنص مثلاً على إعادة طرح الأمر على الجلسة العامة لحسم القرار وبنسبة الأغلبية البسيطة للحضور بشرط عدم للجوء لذلك الخيار إلا بعد استنفاذ كل الوسائل السابقة وبعد أن تصل القلوب للحناجر وعدم افتراض ذلك قد يفشل الحوار من أساسه خاصة وأن الواقع يحدثنا بتدخل أيادٍ خارجية قد يكون لها دور في إفشال الحوار عبر التوجيه إلى عملائها بالداخل بإفشال أي قرار قد يكون فيه مصلحة لليمن لكنه يتعارض مع مصالحها فهل من مجيب؟!.
والأمر ذاته متصور في آلية حسم القرارات الموضوعية لدى فرق العمل والتي حددتها المادة (41) من النظام غير أن الأمر المختلف أن المادة (35) من النظام أوجبت أن لا تقل نسبة الحضور عن (60%) من قوام الفرق عند بحثها الموضوعات محل النقاش حيث أن آلية اتخاذ القرار تتم بذات الأمر من المراحل بافتراض توفر (90%) من الحضور حتى الاجتماع بين الرئيس والمكونات السياسية لكن لم يتم إيجاد آلية عند وصول الأمر إلى طريق مسدود على نحو ما أوضحنا في آلية اتخاذ القرار في الجلسات العامة وهو أمر يجب الوقوف عنده.
آلية عمل لجنة التوفيق:- أشارت المادة (43) من النظام إلى آلية عمل لجنة التوفيق وهي لجنة رئيسية وهامة جداً تسعى إلى اقتراح الحلول التوافقية بين المكونات السياسية عند الاختلاف إضافة إلى أن من مهامها تفسير هذا النظام وكذا متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر والتأكد من تنفيذها بعد إنتهاء أعماله وأعتقد أنها الركن الأهم من بين الهيئات المكونة لقوام مؤتمر الحوار لكني أجد صعوبة في فهم أن الفقرة (2) من المادة (43) التي جعلت النصاب والانعقاد الصحيح للجنة ب (75) من أعضائها والاجتماع الصحيح يفترض هنا أن يكون بمناسبة اتخاذ قرارات مصيرية أو التوفيق في مسائل موضوعية عرضت عليها أما من الجلسة العامة أو من الفرق الخاصة.
لكن الفقرة (4) من المادة (43) تفاجئنا باشتراط توافر (90%) من قائمة الأعضاء في الهيئة وليس من الحضور عند فشل التوافق حتى يكون القرار صحيحاً فيكف يكون اجتماعها صحيحاً بتوفر (75%) من أعضائها؟ ويشترط توفر (90%) من الأعضاء وليس من الحضور لنفاذ أي قرار.
أعتقد أن ذلك تناقض يجب إزالته بحيث يكون التصويت ب (90%) من قوام الحضور الذي لا يجوز أن يقل عن (75%) من القوام وإلا فلن يكون هناك أي معنى لانعقاد الاجتماعات صحيحة بنسبة (75%) من قوامها.
والأمر الأخر أيضاً أن المادة لم توضح لنا العمل حال فشل توفر نسبة (90%) لاتخاذ القرار كما فعلت المادة (34) من النظام لآلية عمل الجلسة العامة أو المادة (41) من النظام من آلية اتخاذ القرار في الفرق المختلفة، وهل يعني ذلك أن فشل اللجنة في اتخاذ القرار وهي بهذه الأهمية يعني عرقلة الحوار؟! وهو أمر يجب تفسيره حتى لا يكون عائقاً أمام الحوار الوطني.
أوجبت المادة (44) وجوب توفر ما لا يقل عن (75%) عند التصويت على القرارات الموضوعية في كافة هيئات المؤتمر مراعاة عدم تغيب مكون بصورة كاملة لكن هذه المادة وإن كانت تسري على الهيئات لكنها ستصدم مع المادة (43) المتعلقة بوجوب توافر نصاب (90%) من قوام لجنة التوفيق، وهو أمر سبق وأن أوضحناه تفصيلاً.
نصت المادة (29) من النظام وفي إطار حديثها عن الجلسة العامة على أن (يتضمن جدول الأعمال ما يلي:- بعدد إحدى عشر فقرة ابتداءً من القضية الجنوبية وانتهاءً بضمانات تنفيذ مخرجات الحوار والمادة سالفة الذكر واضحة في نصها الجازم على القضايا التي تضمنها جدول الأعمال فهل يجوز للمؤتمرين تعديل أو إضافة أو حذف أي شيء في جدول الأعمال؟
في تصوري أنه ووفقاً للنص سالف الذكر لا يجوز لقوام المؤتمر ولو توافقوا بنسبة (100%) أن يضيفوا أو يعدلوا أو يحذفوا أي بند من البنود في الجدول إلا في حالة إعلانهم الرغبة في تعديل النظام الداخلي بأكمله وفقاً للمادة (56) منه وسنوضح آليات وإجراءات ذلك لاحقاً، وبالتالي فإن ما ورد في المادة (30/2) والتي حددت مهام الجلسة العامة في اليوم الثاني للحوار والتي منها أن يتم فيه عرض مشروع جدول الأعمال وإقراراه، وأعتقد أن الأمر مجرد تحصيل حاصل وجرياً على العادة كما يحدث مع مجلس النواب اليمني الذي دائماً ما يستعرض جدول أعماله ويقره، وإن كان للنواب من الناحية النظرية تعديل جدولة فإني أتصور أن أعضاء مؤتمر الحوار لا يمكن لهم بحال من الأحوال مناقشة إضافة أية أعمال للجدول المحدد في المادة (29) وهذا لعمري من غرائب المؤتمرات.
المادة (45) جعلت الأصل في أن مكان انعقاد الجلسات العامة أو الفرق في العاصمة صنعاء وأجازت في حال موافقة الجلسة العامة أو توصية الفرق عقدها في مدينة أخرى إلا أنها اشترطت موافقة رئيس المؤتمر... والسؤال في حال وافقت الجلسة العامة أو قوام المؤتمر على أن يعقد الحوار في مدينة عدن أو حضرموت أو تعز ورفض رئيس المؤتمر فلمن القول الفصل؟... المفترض حسب هذا النظام أن أعلى هيئة هي الجلسة العامة لكن هذه المادة تجعل أن القول الفصل هو لرئيس المؤتمر فإرادته تسمو على إرادة مؤتمر الحوار.
تعديل النظام الداخلي: وهذه ثالثة الاثافي وأعتقد أنها القاصمة... ففي الوقت الذي فرض فيه هذا النظام على مندوبي الجمهورية اليمنية البالغين (565) دون أن يكون لهم الحق في مناقشته لكنهم مع ذلك ومن الناحية العملية ممنوعٌ عليهم السعي لتعديله حيث نصت المادة (56) من النظام على ما يلي ((يتم تعديل هذا النظام أو أي من فقراته من خلال طلب مكتوب موقع عليه من نصف أعضاء المؤتمر على الأقل إلى رئاسة المؤتمر متضمناً مقترح التعديل والأسباب الداعية له ويعتبر مقترح التعديل نافذاً بموافقة (90%) من أعضاء المؤتمر)) إذا يشترط لتعديل فقرة واحدة من النظام توفر ما يلي: 1-طلب مكتوب وموقع عليه من (50%) من قوام المؤتمر إلى الرئيس. 2-أن يتضمن الطلب مقترح التعديل والأسباب الداعية له. 3-يشترط موافقة (90%) من أعضاء المؤتمر.
وهي نسبة عالية جداً إذ يمكن في البرلمانات التي يجوز لها تعديل الدستور أن تتوفر الاغلبية المطلقة من قوام نصاب الحضور لمجلس البرلمان أو حتى من قوام الأعضاء للقيام بذلك ثم أن يشترط نسبة (50%) لأجل قبول مقترح التعديل فيه تشديد غير مبرر باعتبار أن الجلسات العامة ووفقاً للمادة (27) من النظام يمكن أن تكون صحيحة بحضور (51%) وهو حضور يمكن أن يتخذ قراراً مصيرياً وفقاً لآلية اتخاذ القرار المشار لها في المادة (34) من ذات النظام.
أما اشتراط نسبة (90%) من الأعضاء وليس من الحضور من أجل إقرار تعديل المادة المتعلقة مثلاً بتعديل جدول الأعمال أو أية فقرة من فقرات هذا النظام فأعتقد أنها نسبة غير مسبوقة على مستوى العالم حتى في تعديل الدساتير كما أشرنا لذلك.
إذا نحن أمام نظام داخلي أقوى من أي دستور في العالم إذ يمكن لأعضاء مؤتمر الحوار أن يحلو أية قضية من قضايا الوطن العويصة سواءً القضية الجنوبية أو صعده أو إعداد الدستور... لكنهم لن يستطيعوا عملياً المس بأية فقرة من فقرات النظام الداخلي الصادر بإرادة منفردة وهو أمر نضعه بين يدي الرئيس هادي وممثلي اليمن في مؤتمر الحوار.
وفي الأخير تبقى هذه الملاحظات مجرد رأي قابل للنقاش والتصويب إن ظهرت فيها أخطاء إذ أن المقصود هو العمل عن تداركها علنا نصل في نهاية المطاف إلى حوار يفضي لنظام يسوده العدل وسيادة القانون..