يوم أمس الأحد، أدار الدكتور ياسين سعيد نعمان، باعتباره أحد ستة نواب لرئيس مؤتمر الحوار الوطني، جلسته الثانية. ووسط النقاشات، أمسك المايكرفون، وبعد أن طلب من الأعضاء الإنصات جيّدا أوضح محذرا: «أي غياب لأي وزير أو مسؤول حكومي عن جلسات هذا المؤتمر تحت عذر انشغاله في عمله الحكومي أو الرسمي يعتبر غياباً غير مشروعٍ، كون القاعدة الرئيسية هنا هي التفرّغ لهذا الحوار، ولذلك لا مبرر شرعي لتغيّب أي وزير تحت ذريعة الانشغال الرسمي».
في الواقع يمكن القول إن هذا التحذير لم يأتِ إلا لكون معظم المتغيبين هم من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، غير أن هناك تغيبات كثيرة أخرى، فالحوار لم يلتئم حتى اليوم ولو بنسبة 95 %..!!
ويوضح الجدول المرفق التفاصيل الرقمية لحضور وغياب الأعضاء - من مختلف المكونات - خلال الأسبوع الأول من جلسات مؤتمر الحوار (من السبت: 23 مارس – وحتى الأربعاء 27 مارس).
وهنا سنحاول تقديم هذه القراءة من واقع تلك البيانات:
قراءة عامة بقراءة للأرقام الواردة في الجدول المرفق، نجد - بشكل عام - أن أعلى نسبة تغييب من إجمالي أيام الأسبوع بلغت (108) أعضاء. وهو الإجمالي العام لعدد الذين تغيّبوا، من كافة المكوِّنات، في الجلسة الثانية من جلسة اليوم الثاني للحوار (الأحد: 24 مارس)؛ أي بنسبة 19% من العدد الكُلي للمشاركين البالغ عددهم 565 مشاركاً.
الأحزاب والمكوّنات ذات التمثيل الأكبر كانت الأكثر تغيباً .. والأقل تمثيلاً كانت الأكثر التزاماً بينما بلغت أقلّ نسبة تغيّب، من بين جلسات الأسبوع، (48) متغيباً، وهم الذين تغيّبوا في الجلسة الأولى من اليوم الثالث (الاثنين 25 مارس)؛ أي بنسبة 8.5 % من إجمالي عدد المشاركين في الحوار.
قراءة تفصيلية لتسهيل تفصيل محتوى الجدول المرفق سنقسّم الجدول إلى أربعة تقسيمات، على النحو التالي: • الأحزاب والمكوّنات ذات التمثيل الأعلى: وستضم قائمة الأحزاب والمكوّنات المشاركة في الحوار ذات التمثيل المتجاوز الأعلى، لما فوق ال (50) ممثلاً، وحتى أعلى تمثيل والمحدد ب (112) ممثلاً، بالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي العام. وهذا سيشمل الأحزاب والمكوّنات من الرقم 1 وحتى الرقم 3 في التسلسل الرئيسي للجدول.
• تليه الأحزاب السياسية ذات التمثيل المتوسّط، والمحدد هنا ما بين (50 – 30) شخصاً؛
• ولكن دون قوائم المكوّنات المستقلة (الشباب، المرأة، منظمات المجتمع المدني) الممثلة كل منها ب (40) شخصاً، والتي سنفرد لها تفصيلاً خاصاً بها.
• ثم أخيرا: بقية الأحزاب الصغيرة الممثلة ما بين (7 - 4) أشخاص.
الأحزاب والمكوّنات ذات التمثيل الأعلى بشكل عام، يوضّح الجدول المرفق أن أعلى نسبة غياب خلال كافة جلسات الأسبوع الأول كانت لقائمة الحراك الجنوبي السلمي، وقائمة الرئيس – على التوالي- واللتين تجاوزتا العشرين متغيباً. حيث تراوحت نسبة المتغيبين لقائمة الحراك الجنوبي السلمي ما بين: 28 – 20، كأعلى يوم وأقل يوم – بشكل متفاوت طوال الأسبوع. بينما وصل أعلى عدد للمتغيبين في قائمة الرئيس إلى (25) شخصاً، وأقلها (18) شخصاً.
ويأتي تالياً حزب المؤتمر الشعبي العام، بنسبة غياب عُليا بلغت (15) شخصاً، وذلك في الجلسة الأولى من اليوم قبل الأخير من الأسبوع الأول (الثلاثاء). بينما كان أقلّ عدداً من المتغيبين في الجلسة الأولى من اليوم الأول (السبت) بواقع شخصين فقط (وهو – بالمناسبة - رقم لافت للانتباه، بالمقارنة مع أدنى عدد للمتغيبين في بقية المكوّنات الأخرى، سواء القريبة عددياً منه، أو تلك البعيدة عنه تمثيلاً: أي الأحزاب ذات الرقم 30 في عدد الممثلين، فيما عدا التجمع الوحدوي الناصري، كما سيرد توضيحه لاحقا).
المكونات المستقلة: المرأة هي الأقل والمنظمات هي الأكثر ويتوسطهما الشباب في عدد المتغيبين لكن بشكل عام، فإن هذه الفئة (ذات التمثيل العددي الأعلى لما فوق ال50 ممثلا) كانت هي الأكثر في نسبة التغيّبات، التي كما لاحظنا أنها تراوحت ما بين الرقمين (28 – 15) من حيث أعلى نسبة تغيب من بين المجموع.
وقد يرجع ذلك، ربما، إلى سببين؛ الأول: الحجم العددي الكبير، بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام، أما السبب الآخر: ربما عدم ثبوت الأسماء المرشّحة في قائمتي الرئيس والحراك الجنوبي؛ كونها اختيرت من جهة الرئيس عبد ربه منصور في اللحظات الأخيرة قبل انطلاق الحوار، ويدخل في ذلك أيضاً رفض بعض ممثلي الحراك المُختارين المشاركة.
الأحزاب السياسية ذات التمثيل المتوسط ثم تأتي الأحزاب السياسية الأقلً تمثيلاً من سابقتها (ما بين الرقمين 50 و30).
ومن الملاحظ هنا أن الحد الأعلى لتغيّب ممثلي هذه الأحزاب كان ما دون العشرة أشخاص. ويدخل في هذه الفئة كلٌ من التجمع اليمني للإصلاح وأنصار الله (الحوثيين) الذين اللذين تساويا في أعلى نسبة غياب لأعضائهم بواقع (9) أشخاص لكل منهما. وفيما تغيّب هذا العدد بالنسبة للإصلاح في الجلسة الثانية من اليوم الأول، فقد تغيّب العدد نفسه من الحوثيين في الجلسة الأولى من اليوم الثاني.
مع ضرورة التوضيح بأن أعلى نسبة غياب للحوثين كانت في الجلسة الثانية من هذا اليوم بواقع 32 شخصاً من بين إجمالي 35 ممثلاً، وكان ذلك بسبب مقاطعتهم لهذه الجلسة احتجاجاً على محاولة الاغتيال التي تعرّض لها أحد ممثليهم في اليوم السابق. كما سيمكن ملاحظة أن أعلى نسبة غياب، والتي بلغت 108 أشخاص - كما أشرنا في مقدمة هذا التقرير – كانت في هذا اليوم ذاته، وذلك كما هو واضح نتيجة طبيعية لمقاطعة الحوثيين.
وبالنسبة لهذه الأحزاب السياسية (أي ذات التمثيل العددي من ال 30 وحتى ال 50)، فإن أقل نسبة تغيّب (من بين النسبة الأعلى لعدد المتغيبين من كافة أحزاب هذه الفئة) كانت من نصيب التجمّع الوحدوي الناصري، وبواقع (4) أشخاص وكانت في الجلسة الأولى من اليوم قبل الأخير من الأسبوع (الثلاثاء).
المؤتمر الشعبي حضر بكامل قوامه عدا اثنين في جلسة اليوم الأول .. والحوثي أظهر أعلى نسبة غياب أثناء مقاطعته الجلسة الثانية من اليوم الثاني يأتي ذلك أيضا، في الوقت الذي حصد فيه الحزب ذاته (الوحدوي الناصري) على أقلّ نسبة تغيّب: بواقع شخص واحد فقط. وهو الحزب الوحيد من هذه الفئة الذي حاز على هذه النسبة (الأقل) من التغيّبات.
وبشكل عام، عند المقارنة، نجد أن معظم التغيبات المرتفعة كانت من نصيب المكوِّنات ذات النسبة الأعلى في عدد الممثلين دائماً، كما أن معظمها أيضا كانت تأتي في الجلسة الثانية من جلسات الحوار اليومية.
المكوّنات المستقلة بالنسبة للمكوِّنات المستقلة الثلاث، وهي: الشباب، المرأة، ومنظمات المجتمع المدني، والتي تتمثل كل منها ب (40) ممثلاً، فمن الواضح في الجدول أن أعلى نسبة تغيب فيها تدرجت ما بين (7 – 5) تغيّبات، على التوالي، وذلك على النحو التالي: (7) تغيّبات كأعلى نسبة تغيّب يومية لمنظمات المجتمع المدني (لمرة واحدة فقط، كانت في الجلسة الثانية من اليوم الأول)؛ (6) تغيّبات من الشباب (أيضا ليوم واحد فقط)؛ و (5) تغيّبات فقط بالنسبة للمرأة بشكل شبه يومي.
يأتي ذلك، فيما ظلت أدنى نسبة غياب متدرِّجة هي الأخرى ما بين (1-3) أشخاص، وذلك على النحو التالي: الشباب ثبتت أدنى نسبة تغيّب عند الرقم (1)؛ بينما ثبتت النسبة الأدنى بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني عند الرقم (2) بتكرار متفاوت خلال جلسات الحوار؛ والمرأة لم تقل النسبة الأدنى للمتغيبين عن العدد (3).
وبتوضيح أكثر، فقد ثبت نسبة التغيّبات بين العددين (7 - 2) كحدين أعلى وأدنى على التوالي، بالنسبة لمكوّن منظمات المجتمع المدني، بينما ثبتت النسبة ذاتها بين الرقمين (6 – 1) بالنسبة لمكوّن الشباب، وبالنسبة لقائمة المرأة ثبتت النسبة بين العددين (5 – 3 )، طوال جلسات الأسبوع.
الأحزاب الصغيرة بحسب الجدول، تبدأ الأحزاب الصغيرة من الرقم التسلسلي 11 وحتى نهاية القائمة؛ بدءاً بحزب الرشاد (السلفي)، وانتهاءً بحزب الحق. وتمثيلها يتوزع بين 7 و4 ممثلين فقط (يدخل في ضمنها المجلس الوطني لقوى الثورة).
أعلى نسبة غياب فيها لم تتجاوز الشخصين، بينما جميعها حازت على أدنى نسبة تغيّب بممثل واحد على الأقل، في جلسة واحدة على الأقل من جلسات الأسبوع الأول، ويرجع ذلك بالتأكيد لقلة عدد المُمثلين.