زهاء سبع دقائق كانت الوقت المتبقي لانفجار مدمر تقذفه عبوة مصنوعة من مادة تي إن تي شديدة الانفجار لولا تطوع موظف شجاع في صحيفة المصدر اشترك في منع حدوث «كارثة» في مكتب الصحيفة اليومية التي لم تمضِ غير خمسة أيام على سرقة سيارة توزيع لها. «كادت تكون كارثة»، يقول الشرطي الذي فكك العبوة، إذ وفقاً له فنزع موظف المصدر للصاعق لم يكن كافياً لمنع انفجار العبوة التي تزن 400 جرام ويمكن للانفجار الناتج عنها نسف البناية التي تضم مكاتب لمؤسسة المصدر للصحافة والنشر وتلفزيون يمن شباب ومعهد للتدريب الهندسي فضلاً عن طابق تقيم فيه عائلة مالك البناية.
عند الرابعة والنصف من عصر أمس الأربعاء، كان عدد موظفي النوبة المسائية في «المصدر» قد كاد يكتمل وكان المخرج الفني توفيق المنصوري يضع قدميه على آخر درجات السلم المؤدي إلى الطابق الثالث حيث مكتب الصحيفة قبل أن يصادف رجلاً ملتحياً في منتصف العمر، ذا بنية جسدية قوية.
ألقى المنصوري التحية على الرجل الذي ردها ونحى وجهه محاولاً إخفاءه فيما أخذ ينظر في كيس مليء بالقات للتمويه على وجوده هناك بعد أن كان قد ترك كيساً ثانياً في المكان.
بعد نحو سبع دقائق، هو الوقت الذي استغرقه المنصوري في مكتب الصحيفة قبل أن يتجه في سلم البناية نزولاً، شاهد كيساً أسود اللون في نافذة طولية لا يفصلها عن المكتب سوى سبع خطوات في سلم المبنى.
جسم مستطيل الشكل مثل قطعة خشبية صغيرة حمراء اللون وعليه جملة مكتوبة بالروسية مع قضيب بحجم القلم الصغير مغروس وسطه.
قرر المنصوري من فوره: هذه عبوة وهذا صاعقها، قبل أن ينزع الصاعق ويظن أنه قد أبطل مفعولها ليتحلق الموظفون المناوبون في مكاتب البناية حول العبوة في مشهد هز مشاعر شرطي المباحث الجنائية الذي قدم لتفكيكها فأخذ جسمه يرتعش بوضوح.
وسيجد الشرطي تعليلاً شافياً لحالته تلك؛ فالعبوة كانت تستغرق توقيتها التنازلي نحو الانفجار في تقديره حتى بعد أن نزع المنصوري الصاعق لأن صاعقها يعمل بطريقة ميكانيكية تمكنه من تفجير العبوة بعد نزعه ما لم تُوقف وظيفته بواسطة خبير متفجرات.
وهذا المشهد المتخيل في ذهن شرطي المباحث الجنائية كافٍ لهزه معنوياً وبدنياً: عبوة تزن 400 جرام من مادة تي إن تي لم يكن يفصلها سوى بضعة دقائق عن الانفجار وسط حشد يتحلق حولها، ظاناً أنه قد أخضع البارود لقانون السلامة.
طبقاً لخبير المتفجرات هذا، فإن العبوة كانت موقوتة للانفجار بعد ربع ساعة من زرعها.
يقول عبدالله الغيل الضابط في المباحث الجنائية وهو عضو في الطاقم الأمني الذي تعامل مع العبوة إنها روسية الصنع وصاعقها مصنوع في الولاياتالمتحدةالأمريكية.
ويضيف الغيل أن استخدام هذا النوع من القنابل محصور في أجهزة الاستخبارات.
جاء هذا الاعتداء بعد مرور خمسة أيام على سرقة سيارة توزيع مملوكة ل«المصدر» من أمام مقر مكتبها الواقع في شارع الستين غرب صنعاء وهو ما يعضد الآراء القائلة إن ما تتعرض له الصحيفة المستقلة استهداف منظم لحرفها عن خطها الصحفي.