قال ياسين عمر مكاوي نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني أن محتوى القضية الجنوبية المقدّم من جانب الحراك الجنوبي إلى لجنة القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار تضمن الكثير من الوضوح حول الممارسات التي كانت تتم في الجنوب إبان عهد صالح، وبالأخص ما يتصل بالاستيلاء على الأراضي، لافتاً إلى أن هذا المحتوى سيكون رافداً اساسياً في تخليق الحلول المرجوّة. وقال مكاوي إن نظام صالح مارس عدداً من الانتهاكات والإقصاء والتهميش والاستيلاء على الأرض والنهب المنظم للثروة النفطية، مشيراً إلى أن سياسات النظام أدت إلى ضرب القيم وتدمير البنية المجتمعية للجنوب.
وكشف مكاوي في حوار مع صحيفة «المصدر» الصادرة اليوم الخميس عن تعرضه لعملية منع من الدخول إلى مؤتمر الحوار من قبل إحدى النقاط الأمنية التابعة للأمن المركزي، مشيراً إلى أن القوى الشريرة لازالت تعمل على عرقلة الحوار، وقال «مهما حاولت بعض القوى دفعنا إلى الخروج من الحوار فلن ننسحب من هذا الحوار».
وحول مسببات عدم تشكيل لجنة التوفيق؛ قال مكاوي إن هنالك اجتماعاً سيخصص لدعوة أعضاء اللجنة إلى الالتئام قريباً، لافتاً إلى أن هذا الأمر سوف يتم تجاوزه قريباً.
وبخصوص مؤتمرات معارضة الخارج قال: اسألوا البيض والعطاس وناصر عن فشل مؤتمري القاهرةودبي.
وأبدى حماسه لنقل مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى خارج أرض الوطن، مشيراً إلى أن الأرض غير مؤمنة، وما يحصل من إرهاب وترويع واستفزاز يجعل من فكرة نقل الحوار أمراً منطقياً.
وعمّا إذا كان ثمة إجماع على مسألة الفيدرالية، قال مكاوي إن الفيدرالية أمر وضعه الجنوبيون، لكنهم تجاوزوه اليوم، وأن الحوار مازال مستمراً حول مجمل الحلول الممكنة. تفاصيل أخرى في ثنايا الحوار الذي يعيد «المصدر أونلاين» نشره:
حاوره: حسين اللسواس
• عقب صدور قرار تعيينك نائباً لرئيس مؤتمر الحوار الوطني، كيف وجدت أجواء الحوار؟ - أجواء الحوار ما قبل التعيين هي ذاتها أجواء ما بعد التعيين لا يمكن أن تؤثر مسألة القرار الذي صدر بالسلب أو بالإيجاب على مؤتمر الحوار، ولكن يمكن أن يكون هو قرار داعم للحراك الجنوبي، وفي اعتقادي بأن الحوار يسير بالخطى المرجوّة إلى يومنا هذا، ونحن اليوم بدأنا ندخل مرحلة المحتوى المقدّم من جانب الحراك الجنوبي، الذي تضمن كثيراً من الوضوح حول بعض ما حدث في الجنوب من انتهاكات واستيلاء على الأرض، ومن تمييز عنصري، وباعتقادي فإن المحتوى المقدّم اليوم سيكون رافداً أساسياً للوصول إلى الحلول.
• الحراك تقدم بأكثر من 2500 صفحة عن محتوى القضية الجنوبية، ما هو انطباعكم عن هذا المشروع؟ - تقريباً هو في هذا الحدود، طبعاً المشروع يحتوي على كل الانتهاكات والاقصاء والتهميش، والاستيلاء على الأرض ونهب الثروة النفطية، والاستيلاء على الوظيفة العامة، وتغيير الديمغرافية السكانية في الجنوب، وفي نفس الوقت إحداث خلل اجتماعي أدى إلى ضرب القيم، وبالتالي ضرب الثقافة في الجنوب وتدمير البنية المجتمعية، فعندما تبدأ بضرب الثقافة تنتهي بتدمير البنية المجتمعية، وهذا المراد الذي تم العمل عليه بشكل ممنهج منذ العام 1994 ولازال حتى يومنا هذا.
• هل كانت من وجهة نظرك ممارسات ممنهجة أم أنها أخطاء؟ - بالضبط كانت ممارسات ممنهجة وقذرة، حيث مورس التمييز العنصري بكل معانيه وأفعاله، بالمعنى والفعل.
• لكن نظام صالح تعرض لإقصاء كبير عقب نجاح ثورة الشباب؟ - لم يقص النظام، لازال النظام قائماً مع الاستثناء للرئيس عبدربه منصور هادي، حيث إن المنظومة الحاكمة هي منظومة حرب صيف 1994، لازالت قائمة وهي التي تحكم.
• ولكن ألا تعتقد أن هذه المنظومة طالتها يد التصدع عقب ثورة الشباب؟ - لازالت القوة الثلاثية أو قوى المثلث الشرير باعتقادي تمتلك القوة والسلاح، ولازال هذا المثلث أيضاً يمتلك الحماية القبلية. وباعتقادي أيضاً أن الأمور لازالت كما هي، نحن نحاول من خلال هذا المؤتمر أن نُساعد في خلخلة هذا الأمر أو هذا المثلث وإعادة الأمور إلى نصابها بشكل صحيح حتى نستطيع أن نحقق الإرادة الشعبية لشعبنا في الجنوب.
• من تقصد بقوى المثلث الشرير؟ - هذه القوى معروفة، القوى العسكرية والقبلية والدينية، وحين أقول الدينية فأنا أعني الدينية السياسية أو الدينية المسيّسة أو الدين المسيّس، أو كما تريد تسميته "ثلاثي هذا المثلث"، أنا باعتقادي بأنه المثلث الشرير الذي استنزف ثروات الجنوب وأنهك الجنوب وانهك اليمن، ونحن لن نقصر في هذا الأمر.
• هناك من يتحدث عن ضرورة التمديد للرئيس عبدربه منصور هادي، هل تتفق مع مثل هذا الطرح؟ - موضوع التمديد لرئيس الجمهورية أعتبره شيئاً منطقياً، حتى يتم تنفيذ مخرجات الحوار، فمع هذا الدعم الدولي للرئيس في اعتقادي سيكون هو مع قوى الخير قادرين على تحقيق أو ضمان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وهذا ما نعول عليه. وفي اعتقادي بأن هذه القوى الخيرة الآن التي تريد أن تنهض باليمن قادرة على حماية مخرجات المؤتمر كيفما كانت.
• إذا تم التمديد للرئيس، هل ترى أن يكون لمدة سنتين أو لولاية رئاسية كاملة؟ - هذه مسألة تخضع للشعب اليمني.
• تقصد طرح الموضوع لاستفتاء شعبي؟ - يمكن أن يطرح في استفتاء، أو حتى يمكن للنخب السياسية والقوى السياسية أن تتخذ مثل هذا القرار.
• ولكن هذا سيتطلب أيضاً تمديد المرحلة الانتقالية بما في ذلك التمديد للحكومة؟ - باعتقادي أن حكومة الوفاق أو بعضها بالأصح قد أثبتت فشلها، والدليل على ذلك أن كثيراً من المشاريع لم يستطيعوا تنفيذها بل قاموا بعرقلتها مثل الكهرباء في الجنوب، اليوم شعبنا في الجنوب يعاني من مشكلة الكهرباء، وباعتقادي بأن هذا الأمر يعرقل حتى مساعي مؤتمر الحوار.
• هنالك من يقول إن جمال بنعمر وصل إلى نقطة مسدودة فيما يتعلق بإقناع المعارضة الخارجية بالمشاركة في الحوار؟ - بالنسبة لي، أعتقد بأن المعارضة الخارجية هي جزء من المجتمع الجنوبي، ومن حقها أن ترفض أو تقبل الحوار، وإذا فشل بنعمر فهذا لا يعني إقصاء تلك القوى.
• لكن كيف يمكن استيعاب معارضة الشتات في إطار الحوار إذا كانت هي ترفض الحوار اساساً؟ - لا بُد من الاستمرار في الجهود، لا نكتفي بالتوقف عند هذه الحالة، وإنما الاستمرار في كل الجهود ليتمكن المجتهدون من الوصول إلى نتائج طيبة مع قيادات الخارج، باعتقادي بأن لديهم تحفظاتهم، وعلينا أن نتفهم هذه التحفظات ما هي وما طبيعتها؟ وهل نستطيع أن نتجاوزها؟
• هناك أطراف في المعارضة الخارجية تنظر إلى مؤتمر الحوار الوطني باعتباره التفافاً على القضية الجنوبية؟ - هذا رأيهم، وبالطبع هم عبّروا عن خياراتهم الشخصية، لا نستطيع أن نحكمها نحن، ولا نستطيع أن نغيّرها، هذه قناعات، وعندما يصلون إلى مثل هذه القناعات باعتقادي بأن هذا خيار خاص بهم، ولا يُحجر عليهم، ونحن الآن في عصر الديمقراطية والتعددية والشفافية علينا أن نقبل بكل الأفكار وبكل الأطروحات، وأنا أعتقد بأن هذه المسألة في صميم جهودنا التي نبذلها اليوم، ولهذا علينا أن نقبل بمواقفهم.
• أنت عينت بديلاً للأستاذ الصريمة، هل تظن أن قرار انسحابه من المؤتمر كان منطقياً؟ - أنا أفضل أن يُسأل الأخ الصريمة في هذا الأمر.
• هناك تساؤلات عديدة حول مسببات التأخير في تشكيل لجنة التوفيق، لماذا لم تتشكل حتى الآن؟ - لدينا اجتماع قادم - إن شاء الله - خلال الأيام القادمة كما علمنا، وسيتم خلال هذا الاجتماع دعوة أعضاء لجنة التوفيق للالتئام، وهذا معناه أننا سنتجاوز هذا الأمر.
• في تقديرك، لماذا لم تنفذ بعض التوصيات المرفوعة إلى الحكومة من مؤتمر الحوار؟ - ما هي هذه التوصيات.
• النقاط ال11؟ - ال11 النقطة التي رفعت من قبل لجنة القضية الجنوبية، ومن ثم من المؤتمر العام، والتي صادق عليها وأكدها المؤتمر العام في جلسته المفتوحة، في اعتقادي بأن هذا الأمر يجعلنا نقول إن عدم تنفيذ أي نقطة من النقاط يعد فشلاً ذريعاً.
• هل أنت من الذين يؤيدون مقترح الفيدرالية كحل لمعالجة مشكلات البلاد؟ - نحن لدينا مشروع قدّمناه يمثل الإرادة الشعبية لشعب الجنوب...
• (مقاطعة) تقصد عبر تكتل مؤتمر شعب الجنوب؟ - المؤتمر الوطني لشعب الجنوب قدّم هذا المشروع، وهو المشروع الذي نقف عليه أو على أساسه، هذا المشروع باعتقادي ينص على حق تقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية بشكل جديد.
* تقصد في صيغة نظام سياسي جديد؟ - أنا أقول دائماً نحن وضعنا مشروعاً ولم يتم تقديم أي مشروع أمامه حتى الآن، حيث إن الطرف الشمالي لم يقدم أي مشروع، نحن الذين نبادر دائماً، هناك مبادرة سابقة كانت في عام 2011 أيام الثورة الشبابية، كان قدم في القاهرة مشروع القاهرة وهذا المشروع كان يتحدث عن الفيدرالية المزمّنة، وقد تجاوزه الشعب وتجاوزه أصحابه والسبب أن القوى المتنفذة في الشمال والتي مازالت تمسك بزمام الأمور - التي قلت لك إنها الثلاثي الشرير- لم يستطيعوا حتى أن يتجاوبوا مع هذا المشروع، رغم أنه كان بالنسبة إليهم فرصة أن يقدم من قيادات محسوب لها اليوم، الناس تجاوزت هذا الأمر، ونحن نقول إن لدينا مشروعاً يقول بحق تقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية بشكل جديد، وإذا طرح هناك أي مشروع تحت أي سقف سنقول على الشارع في الجنوب أن يستفتي عليه، أي مشروع سيقدم أفضل من هذا يجب أن يخضع للاستفتاء الشعبي في الجنوب.
• هل تتوقع بأن تأتي مخرجات الحوار في اتجاه دعم مسألة الاستفتاء أو حق تقرير المصير؟ - ما نقدمه اليوم وما رأيتموه عن بُعد، باعتقادي ممكن يقنع كثيراً من الناس نتيجة لما جرى في الجنوب، حيث إنه يعطي استحقاق حقيقي للقرار الجنوبي الذي يقول بحق تقرير المصير، اعتقد بأن هذا أمر يخضع لقدرة المحاور الجنوبي على إقناع الطرف الشمالي، وبالأصل المجتمع الدولي.
• ولكن الفيدرالية هي التي تحظى بالقبول في مؤتمر الحوار وليس حق تقرير المصير، وبالتالي ألا تتفق معي في أن هنالك استعصاءً كبيراً في تخليق اجماع داخل مؤتمر الحوار حول حق تقرير المصير؟ - أنا في اعتقادي بأن هنالك الكثير من التعتيم على ما جرى في الجنوب وعلى القضية الجنوبية، وعندما الشعب في اليمن يدرك أو يطلع على ما جرى في الجنوب ويطلع على الوثائق التي تشير إلى ذلك، والتي هي في أغلبها من مصادر رسمية باعتقادي بأنه سيصل إلى حالة من القناعة بأن من حق الشعب الجنوبي أن يقرر مصيره، وهذا عمل منشود نحن نناضل من أجله لأنه يعبر عن إرادة شعبنا، واعتقد بأنه لا يستطيع أي أحد أن يتجاوز إرادة شعب الجنوب.
• ولكن إذا ما جاءت مخرجات مؤتمر الحوار غير داعمة لفكرة حق تقرير المصير، ماذا سيكون موقفكم حينها؟ - لن تأتى بهذا، ولا أعتقد ذلك، نحن نتحاور والمتحاورون أشداء ولديهم ما يكفي من الخبرة، ومن الإمكانات، ولديهم الدعم الشعبي المليوني الذي نستند عليه، نحن نستند على هذه المليونيات بتاكيد حق هذه المليونيات في تقرير مصيرها.
• هل معنى هذا أن الفيدرالية ليست كافية لإرضاء الجنوب؟ - الفيدرالية أمر وضعه الجنوبيون، لكنهم تجاوزوه اليوم، ونحن نقول إن الحوار مازال مستمراً، وأي رأي أو أي موقف أو أي مشروع يصنعه الجنوبيون أو تصنعه الإرادة الشعبية الجنوبية نحن معه.
• في تقديرك، لماذا فشل مؤتمر "القاهرة" ومن قبله مؤتمر "دبي" في اقناع المعارضة الخارجية بالمشاركة في الحوار؟ - هذه الأسئلة توجّه لأصحابها، اسألوهم، اسألوا الرئيس علي سالم البيض، وإسألوا الرئيس علي ناصر محمد، وإسألوا الرئيس حيدر أبوبكر العطاس، هم المعنيون بهذا الشأن وليس نحن.
• واضح أن جمال بنعمر حاول إقناعهم بالمشاركة في الحوار، ولكن مساعيه الحثيثة باءت بالفشل؟ - أنت تعرف أننا كنا في يوم من الأيام نرفض الحوار، ولكننا الآن مشاركون فيه، نظراً لوصولنا إلى قناعات معينة، فإذا وصل هؤلاء القادة إلى مثل قناعاتنا ممكن يصلوا أو إذا انتقل الحوار إليهم ممكن أن تطرأ تغييرات في المواقف الراهنة.
• بمناسبة الحديث عن نقل الحوار، هل تتفق مع من يرى ضرورة نقل أعمال فريق القضية الجنوبية إلى الخارج؟ - أنا مع نقل مؤتمر الحوار الوطني بكله إلى الخارج؛ لأن الأرض غير مؤمّنة وما يحصل من ترويع وتعذيب وإرهاب واستفزاز. مثلاً: في البارحة كنت في السيارة على المدخل الأمامي في الدوّار باتجاه مؤتمر الحوار، فمنعت من الدخول في نقطة من النقاط، لذلك أقول لازالت القوى الشريرة تعمل على عرقلة الحوار، ولكن نحن نقول إننا آخر من سينسحب من هذا الحوار.
• الأمن المركزي هو الذي يسيطر على النقاط، ومازال يتبع علي عبدالله صالح؟ - يضحك، إذن أنت جاوبت، لازالت أياديه موجودة، ولكن ليس علي عبدالله صالح فقط كلهم يشتركون فيه، القوى الثلاثية تشترك فيه جميعاً.
• هل كان الهدف من منعكم من دخول المؤتمر دفعكم للانسحاب أو اتخاذ موقف من الحوار؟ - هم يحاولون بأشكال مختلفة حثنا أو دفعنا إلى الخروج من الحوار، لكن نقولهم سنحاور ثم نحاور ثم نحاور حتى ننتزع ما يطلبه شعب الجنوب، ألا وهو حقه في تقرير المصير.
• هل من إضافات أخرى تود قولها استاذ ياسين؟ - أنا أقول إنه علينا أن نشد العزم، وعلى شعب الجنوب أن يطمئن أننا لن نخذله، وأن إرادة الشعب فوق كل الإرادات؛ لأنها تعتبر من إرادة الله عز وجل، نحن مسلمون (يضحك)..