أصبحت متابعة الأخبار تسبب الصداع لكننا مجبرون على متابعتها كشر لابد منه أو خير نرجوه، أخبار المنطقة العربية والاسلامية مصبوغة بالأحمر الكئيب والشحذ العالمي على قدم وساق فلا أفضل من هزيمة هذه الأمة من إشعال الفتنة ولا أفضل من الطائفية والتعصب الطائفي لجعل هذه الفتنة مجنونة وبنت حرام، في هذا المسار بعض الأخبار المغايرة التي تحمل بصيصاً من عقل منها أن زعماء عراقيين يقومون بمحاولة مراجعة التوجه الطائفي المميت الذي يقوده المالكي ومن هؤلاء زعماء شيعة كبار مثل «مقتدى الصدر» الذي انتقد بشدة مسلك المالكي ودعا إلى تغييره وانتخاب حكومة غير طائفية وانهاء المليشيات. «الصدر» أخذ يدعو لمراجعة في العقيدة كما سماها لأن الاختلاف في العقيدة دمر الأمة وهو وراء كل البلاء و لايرضاه الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بحسب الصدر ولأول مرة ينتقد التحريض التاريخي ضد الصحابة والخلفاء الراشدين الذين ذكرهم بالترتيب موضحاً أن من قتل الحسين عميل للدولة البيزنطية وليس سنياً ومن قتل الخلفاء ليس شيعياً وهو ما اغضب بعض المتعصبين الذين وصفوه بالمعتوه وطالبوه بالتوبة من «البكرية» و«العمرية» نسبة الى أبي بكر وعمر أو بنزع عمامته أو نزعها منه بالقوة خاصة وأن تصريحات من هذا النوع تأتي من «النجف» وهو ما يذهب بعقولهم ومن شأن هذا النوع من المراجعة أن تنسف الطائفية القائمة على التحريض وعقيدة الكراهية من جذورها وهي بالمناسبة مراجعة بدأها الصدر «الأب».. «الصدرييون» بالمناسبة يمثل الشيعة العرب بينما يمثل المالكي وكثير من الزعماء الموجودين «الشيعة» الفرس الأمر الذي يحمل صراعاً قومياً يختبىء تحت عباءة الطائفية سيتبلور بأشكاله الحقيقية لا محالة، وهو صراع سيكون أقل دماراً بل ربما يضع الأمة في الطريق الصحيح ويجمعها عندما يبدأ بمراجعات جادة للخرافات وعقيدة الكراهية والتحريض والقتل العبثي. المراجعة الايجابية قد تكون من فوائد هذه الفتنة التي أرادوا اشعالها وقد ينقلب السحر ويفتح نوراً في النفق المظلم والأعمى في تاريخنا وسيكون بداية تحول تاريخي لو فكر الناس بأنهم هالكون دنيا وآخرة. هذه المراجعة مهمة لأنها تأتي في وقت تشحن فيها الفتنة في المنطقة على أساس طائفي لإحراق الجميع ويذبح فيها الشعب السوري تحت مبرر حماية «المراقد والقبور». القضية التي تتشكل في سوريا برداء طائفي مرعب والقتل مازال في «القصير» رغم مرور أسابيع والجيش السوري وحزب الله بكل قوتهم عجزوا عن السيطرة على منطقة محدودة بينما أمس جرت معركة بين عناصر من حزب الله والجيش السوري الحر داخل الاراضي اللبنانية في «بعلبك» لأول مرة وذهب جرحى وقتلى، النار لن تستثني أحداً. هناك محاولة اغراق للمنطقة ونشر فتنة لاتبقي ولاتذر وهو مايعني أن الجميع سيحترق وأن مستقبل الشعبين اللبناني والسوري بل والأمة كلها في فوهة حرب قذرة وكان يكفي أن يعمل الجميع على ازاحة فرد واحد اسمه «بشار الأسد» لكنهم أرادوا ابقاءه ليحاربوا باسمه الشعب السوري ويذبحوه يومياً برضا عالمي ومباركة صهيونية وبأدوات طائفية لن تبرد نارها والمستفيد الوحيد سيكون الخصم الصهيوني بالتأكيد.