عندما اقتادوكم إلى المعتقل في ذلك الربيع، كنا نهتف بالحرية وكنتم انتم من يدفع ثمنها ، كان الثوار يتناولون أحداثاً ثقافية وسياسية، فقد ثاروا ضد نظام فاشل، تحدثوا عن المقاومة والنضال وعن بناء الدولة والإنسانية ومسيراتهم لم تخلوا من هتافات الحرية، ولكنهم مع ذلك لم يستطيعوا أن يدركوا طريقة اعتقالكم الوحشية وما هو السبب في ذلك، عامان وانتم تتذوقون أصناف العذاب لينتهي بكم الحال إلى السجن المركزي دون عدالة أو قانون لتكونوا في يوماً كهذا كبش فداء للقتلة ويتهمونكم بتفجير النهدين والكل على يقين بأنكم أبرياء وأن تهمتكم هي الثورة، وقتها كنتم وأسركم من يعاني ومن يستغيث ولا يجاب لكم، وعندما علت أصواتكم لم تحرك ضمائر الثوار ولم تجعلهم حتى يقفون لسماع صرخاتكم قبل الحوار بأنكم لازلتم في السجون بتهمة الثورة، وحتى وإن لم تكونوا ثواراً فثورتنا مساواة لكل إنسان يظلم في زمن ينتصر فيه صاحب النفوذ والسلطان، ولكنهم مضوا وتناسوا بأن الثورة في المعتقل وأنهم يسيرون وراء سراباً أسمه ثورة الحرية وها انتم خُذلتم من جديد ولكن اعلموا بأننا مدينين لكم بالكثير من الاعتذار لأن النائب العام حال بيننا وبين كرامتنا وحريتكم، لعلنا نكون مخطئين في إحساسنا نحو الحاضر والواقع والمستقبل القريب، ولكننا ما زلنا نشعر بمرارة الحنظل تبدأ في فمنا كلما حاولنا النطق، ولا تنتهي إلاّ و في قلوبنا كومة ضخمة من الاكتئاب والحزن، وألسنة خافتة من الغضب والحقد على قانون في دولة ألا قانون، تساقون إلى محكمة الإرهاب التي قادكم إليها خادم الإرهاب. فاليوم هو الواقع القاسي علينا قبل قسوته عليكم، لم نستطع اليوم الذهاب إلى السجن المركزي لنرى انكسارنا وخيبة الأمل في دولة كان الأمل فيها كبير! و لم أعد أعرف إن كان ما حدث لكم تعبير عن موقف سياسي فاض بكل ما هو قبيح بعد رؤيتنا لمشهد غريب من المقايضات والمتاجرة بدماء أبرياء قتلوا برصاص جلاد يساوم اليوم على حريتكم وقد أعطوا الحصانة لتقادوا انتم أيها الأحرار إلى محكمة الإرهاب في سكون سياسي مظلم ينشر على خيط الأمل قسوة الحياة ومرارة الظلم من عجز رئيس عن إقالة نائب أعوش يخدم الجلاد، ويظهر أمام الجميع بأنه أعطى قراراً ورفض فلماذا القرار يا هادي؟ لسلطة قضائية ترفض قرارك وهي المحقة، سلطة قضائية منفصلة، فالقانون أحيانا لا يرحم كان الأجدر بك أن تكون شجاعاً بإقالة الناب العام لا بالقفز فوق القانون لتشنق العدالة على مرأى ومسمع بيد القاتل، أم أن ما يجتاحنا هو خوف إنساني طبيعي.
لا أعرف حتى إن كنت أستطيع تجاهل هذا الوجع والخوف، لأن خوفي أصبح منذ الآن يستبيح مطر القلب المنكسر مع كل اختلاجة! ولكن إيماننا بالهدف سيجعلنا نستمر ولن نقبل ولن نتنازل عن حريتكم فانتم ثورتنا التي لن نقبل فيها بمبادرة إلا مبادرة الحرية نعتذر لدموعك يا شعيب التي وعدناها بأن تخرج لفرح الحرية لا لمرارة الظلم والشعور بالخذلان نعتذر لطفلتك يا حمادي التي تنتظر متى يرجع بابا ليفتح لها باب الاستقرار والحب والشعور بالأمان ليقول لها ابنتي الحرية ما تزال في بلدي بوجود الأحرار ثورتنا انتصرت، نعتذر لزوجتك ولاء التي ما إن تشرق الشمس حتى تكون بباب السجان بدموعها التي تقتل كل الأحرار وتحرق بداخلهم معنى الانكسار فقد كانت هي المحفز والوقود لكل من ثار على قيود السجان نعتذر يا ولاء فلم نستطع اليوم رؤيتك وكلنا خذلان ولكن اعلمي بأننا لن نهان ولن نقبل الانكسار.