فضت قوات الأمن بالقوة اعتصاماً لمحتجين من جماعة الحوثيين أمام مبنى جهاز الأمن القومي (المخابرات) بصنعاء اليوم الأحد مستخدمة الذخيرة الحية ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المحتجين، وهو حادث من شأنه أن يؤدي إلى تصاعد الأزمة بين جماعة الحوثيين والرئيس عبدربه منصور هادي والتي بدأت باعتراضهم على قرار تشكيل لجنة التوافق في الحوار الوطني. وتضاربت المعلومات حول الحادث، فبينما قال الحوثيون إن ما حدث هو قمع لمظاهرة واعتصام سلمي، نُقل عن مسؤول أمني اتهامه للجماعة بمحاولة اقتحام مبنى الأمن القومي.
وقالت مصادر وشهود إن مئات من الموالين للحوثيين تظاهروا أمام مبنى الأمن القومي رافعين شعارات تطالب بإطلاق معتقلين وأخرى تطالب بحل الجهاز الاستخباراتي.
وأضافت ان الحوثيين نصبوا خيام الاعتصام أمام البوابة الغربية لمقبرة المشهد، ورددوا هتافات مناوئة للجهاز، لكن قوات الأمن المعززة برشاشات المياه هاجمت المعتصمين، والذين ردوا برشق قوات الأمن بالحجارة.
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيلة للدموع والرصاص لتفريق المتظاهرين، لكن المصادمات تطورت إلى إطلاق نار كثيف.
بثت قناة تابعة للحوثيين لقطات فيديو لجنود يطلقون الرصاص باتجاه المتظاهرين وأظهرت لقطات فيديو بثتها قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين صوراً لجنود، بعضهم ملثمين، يطلقون الرصاص الحي من على أحد المباني، وقالوا إنها خلال المصادمات التي خلفت قتلى وجرحى في صفوف أنصار الحوثيين.
ونقلت القناة تصريحات لأطباء أثناء إسعافهم للجرحى وهم يقولون إن بعض المصابين تعرضوا لطلقات مباشرة في الرأس والصدر.
وقال شاهد إن الاشتباكات هدأت لفترة قصيرة قبل أن يتجمع متظاهرون حوثيون مرة أخرى لتتجدد المصادمات.
وأضاف الشاهد الذي يسكن في الحي ذاته ان الحوثيين كانوا نظموا قبل أسبوعين مسيرتين، وان جنود نقاط الأمن التي تحرس جهاز الأمن القومي سمحوا لهم بالمرور منها دون أن تسجل أي مناوشات.
ونشرت صفحة تابعة لجماعة الحوثيين على الفيسبوك حصيلة لبعض ضحايا القمع الأمني، وقالت إن أربعة قتلى سقطوا وجرح العشرات.
لكن قناة «المسيرة» قالت في وقت متأخر من مساء أمس إن حصيلة القتلى ارتفعت إلى ثمانية، وأن الجرحى بالعشرات.
متحدث الحوثيين: الأمن القومي عدو للشعب وأداة للامريكيين تمارس العمالة والتجسس إلى ذلك، استنكر المتحدث باسم جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام ما وصفها ب«المجزرة المروعة» التي قال إن الأمن القومي ارتكبها بحق المحتجين.
وأضاف في تصريحات عبر الهاتف لقناة «المسيرة» مساء اليوم ان جهاز الأمن القومي «منذ تأسيسيه من قبل الأمريكيين وحتى الآن يثبت أنه عدو للشعب اليمني».
وأضاف ان الجهاز «أداة للامريكيين.. وحدة قذرة تمارس العمالة والتجسس وجمع المعلومات لصالح الأمريكيين».
وتابع المتحدث باسم الحوثيين ان جهاز الأمن القومي «لم يحمِ الوطني أو يدافع عنه»، مضيفاً أنه يمارس التعذيب بحق المعتقلين بشكل يشبه ممارسات الأمريكيين بحق معتقلي سجن غوانتانمو.
ودعا جهاز الأمن القومي إلى «اعتقال جنود المارينز الأمريكيين وأخراجهم من فندق شيراتون» في صنعاء، ومنع الطائرات الامريكية من قصف أهداف داخل اليمن و«تحرير» قاعدة العند الجوية التي قال إنها «محتلة» من قبل الأمريكيين.
محمد عبدالسلام يدعو الأمن إلى اعتقال جنود المارينز الأمريكيين و«تحرير» قاعدة العند «المحتلة» وحمّل محمد عبدالسلام السلطة المسؤولية الكاملة، وطالب كافة القوى السياسية إلى الوقوف مع «من مارسوا حقاً طبيعياً بطريقة سلمية».
وقال إن اليمن تعيش هذه الأيام مرحلة سيئة «أسوأ بكثير مما كان في الماضي»، مضيفاً أن قمع المتظاهرين من جماعته في صنعاء يلحق الضرر بجميع القوى اليمنية ويهددها.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول أمني رفيع قوله إن ان ما حصل هو «هجوم وعملية منظمة ومدروسة شارك فيها مئات المسلحين الحوثيين بهدف السيطرة على مبنى مقر الامن القومي» على حد قوله.
وأضاف المسؤول ان الاشتباكات «اسفرت عن مقتل عشرة اشخاص من المهاجمين الحوثيين واصابة 38 شخصا بجروح اضافة الى اعتقال 87 شخصا».
مسؤول أمني: مسلحون حوثيون حاولوا اقتحام المبنى في عملية مدروسة وكبيرة لاسقاط هذه المؤسسة الأمنية الحساسة وذكر المسؤول الذي حجبت الوكالة هويته ان «عناصر مسلحة تابعة لجماعة الحوثي حاولت اقتحام مبنى الأمن القومي في عملية تبدو مدروسة وكبيرة لاسقاط هذه المؤسسة الأمنية الحساسة، ولكن تم التصدي للمهاجمين الذين كانوا بالمئات واستخدموا الأسلحة الرشاشة وقنابل هجومية يدوية». لكنه لم يذكر ما إذا كان سقط ضحايا من قوات الأمن.
وذكر ايضا ان بعض المسلحين «قاموا باقتحام منازل مجاورة واتخذوا منها مواقع لمهاجمة مبنى جهاز الأمن القومي».
وتابع المسؤول الأمني –بحسب وكالة الأنباء الفرنسية- انه «تم تطهير كافة الأماكن التي انتشر فيها عناصر الحوثي والمنازل التي تمركزوا فيها» بعد تدخل قوات خاصة ساندت حرس المبنى. حسب تعبيره.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني آخر أن الحوثيين يطالبون بالإفراج عن معتقلين تم القبض عليهم في الايام الاخيرة في صنعاء بتهمة التهريب والتزوير و«يشتبه بان بعضهم يتجسس لصالح ايران».
وتأتي هذه الحادثة بعد أيام من تجمع حاشد للحوثيين في محافظة صعدة لتشييع مؤسس الجماعة حسين الحوثي الذي أعيد دفن رفاته بعد تسع سنوات من مقتله.
وتصاعدت الأزمة بين الحوثيين والرئيس هادي، إذ قاطع ممثلو الجماعة لليوم الثاني أعمال الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني بسبب ما قالوا إنها مخالفات ارتكبها الرئيس عندما أصدر قراراً بتشكيل لجنة التوافق في المؤتمر.
وأدان بيان منسوب لاحزاب اللقاء المشترك، نشره موقع حزب «الحق»، القمع بحق المتظاهرين أمام جهاز الأمن القومي، مطالباً بالتحقيق في الحادثة.
وأضاف ان المشترك عبر عن «ادانته الشديدة واستنكاره لما قام به جنود الأمن القومي من إطلاق للرصاص الحي على شباب الثورة المعتصمين سلمياً أمام مبنى جهاز الأمن القومي بصنعاء القديمة وأسفر عن استشهاد عدد منهم وجرح واصابة واعتقال العشرات منهم».
وتابع البيان «إذ تدين هذه الممارسات التي تنتهك حقوق الانسان وتزيد من الاحتقانات والتوترات في المشهد السياسي المأزوم أصلاً، فإنها تطالب الرئيس هادي بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث بشفافية ومحاسبة المتسببين في سقوط هذا العدد من القتلى والجرحى، كما تطاب بوقف الملاحقات الأمنية للجرحى والناشطين والافراج الفوري عن المعتقلين».