الأوضاع لا تبشر بخير مادام الأمن عاجزاً عن ضبط أربعة أشخاص يقطعون شارعاً في صنعاء أو تعز، فما بالكم بجريمة منظمة مثل الاغتيالات وجرائم تنظيم القاعدة أو مهربي المخدرات والأسلحة ومخربي أنابيب النفط وأبراج الكهرباء. وعلى لسان مديرها العام أعلنت مؤسسة الكهرباء عجزها عن توفير المواد لإصلاح الأبراج التي تتعرض للتخريب، ودفع أتعاب المهندسين الذين يقومون بإعادة إصلاح ما خرّبه المخربون، وأي التزامات أخرى، وموظفوها ينتظرون تحسين أوضاعهم وإكرامية رمضان.
عندما تفجرت ثورة فبراير كانت الأوضاع قد وصلت إلى حد من العبث المفتعل: نهبت ثروات البلاد واستشرى الفساد ودمر كل شيء من قبل نظام "عسقبلي" وما زال له أيادٍ خفية مؤثرة في كل مجريات الأمور، وأجبر الناس على الرحيل والهرب إلى السعودية ودول أخرى من أجل حياة كريمة بعد أن فقدوا الأمل وعجزت بلادهم عن توفير سبل العيش البسيطة لهم. نابليون بونابرت وجنوده عندما دمروا مالطا كانوا محتلين ولم يكونوا حكاماً، كما هو حال العرب اليوم الدين يدمرون بلدانهم. عندما تم انتخاب هادي بعد خراب مالطا بدأ الناس يتفاءلون رغم وجود كثير من المنغصات والشوائب، لكن الرئيس وباسندوة ما زالا يدغدغان مشاعرنا بالوعود الجوفاء، مثلاً: ألم تعد سيدي الرئيس قبل أربعة أسابيع بتطبيق نظام البصمة للقوات المسلحة والأمن خلال أسبوعين؟ وإذا صحت التكهنات بأنه تم عرقلتها، فهذا يعني أنه ما زال هناك من يلعب بالبيضة والحجر. وتجار الحروب والخراب ما زالوا يتربصون بالبلد وهم من كانوا بالأمس يدّعون إنهم يريدون دولة نظام وقانون وعدل ومساواة، واليوم يفتعلون الخراب وإثارة القلاقل والنعرات الطائفية إلى جانب النظام السابق، ويلوحون بخراب مالطا مرة ثانية. ومع تسلم هادي السلطة من قبل الشعب، كان يتطلب مؤازرته لا محاربته، لقد اجتمع "المتهبشون" مع أصحاب النفوس المريضة الحاقدة على وطنها لا لشيء غير العبث ومزيد من الدمار، لإبقاء الشارع متهيجاً وإرباك المرحلة الانتقالية، ما يتطلب وعي المجتمع في بلد تنهشه الفوضى في ظل غياب الدولة.