تخيّلوا معي أن تنويهًا صغيرًا في أسفل الصفحة الأخيرة من جريدة الثورة يخرج لسانه قائلاً " ترقبوا غدًا صدور العدد الأول من جريدة الثورة المسائية" ، على غرار جريدة الأهرام المسائية في مصر ، وصحف المساء الصادرة في أغلب دول العالم ... !! القارئ اليمني سيندهش من هذا التنويه وسيترقبه لحظةً بلحظة لقتل الشغف الذي يمتطيه على الدوام .. ! بعكس القارئ العربي أو الغربي الذي سيتبسّم ساخرًا ولسان حاله يقول : شر البلية مايضحك .. !! ؛ لأنه يعرف جيّدًا أن الصحافة المسائية في العالم العربي والغربي قد أكل عليها الدهر وشرب ونام أيضًا ، وأضحت أطلالاً في ظل التطورات الضخمة التي شهدها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإنترنت ، والتي لم تعد تفرق بين فترة صباحية أو مسائية ، وأصبحت الريادة لمن يُطبّق عبارة "من سبق صدَقْ" ، مع تحفظي قليلاً على هذه العبارة !! ؛؛ أتذكّر وأنا أدرس في كلية الإعلام بجامعة صنعاء أنني كنتُ في أحايين ليست قليلة أترقّب وصول جريدة الثورة حتى العاشرة صباحًا ، ولا أدري هل يعلم القائمون على الجريدة أن الصحف المسائية في مصر مثلاً تصدر قبل هذا الموعد بساعة أي في التاسعة صباحًا ، والصحف الصباحية تُصدِر ليلاً طبعتها الأولى والطبعة الثانية بعدها بفترة قصيرة مع تغييرات بسيطة إن طرأ مايستدعي هذا التغيير ، وإن كانت هناك طبعة ثالثة فإنها تصدر في الساعات الأولى من الصباح ..!! هذا فيما يخص الصحف اليومية ؛ الصحف الأسبوعية من جهتها تصدر قبل يوم من موعد صدورها الرسمي مثل جريدة الدستور وجريدة صوت الأمة ، أو قبل يومين إلى ثلاثة أيام ، كما هو حال جريدة الفجر التي تصدر يوم الإثنين رسميًا وتجدها في الأكشاك يوم الجمعة أو السبت .. !! ؛؛ مايثير الدهشة هنا هو تأخر الصحف اليمنية اليومية عن موعد الصدور مع أنها لاتحوي في دفتيّها مضمونًا يشفع لها هذا التأخير وخصوصًا الصحف الحكومية التي لاتعتمد على طاقمها في إمدادها بالمواد الصحفية اللازمة لولادة العدد ، بل تركن إلى مايأتيها من وكالات الأنباء المحلية والعربية والعالمية ، تسندها بمجموعة من الإعلانات والمناقصات وبعضًا من جهد طاقمها الذاتي ، أي أنها في اعتقادي تصدر لمجرد الصدور فقط مع إهمال شبه تام للسبق الصحفي والبحث عن المعلومة عن طريق المصادر التي تعتبر العمود الفقري لأي صحيفة يهمها التميّز وممارسة العمل الصحفي كما ينبغي له أن يمارس . ؛؛ إذن لماذا لاتتحول الصحف الصباحية إلى صحف مسائية بدلًا من العشوائية التي تعيشها ؟؟ ولو ابتغينا الإنصاف لقلنا أن مؤسسة مثل الثورة يمكنها إصدار ثلاث نسخ يومية وليس اثنتين ، نظرًا للإمكانات التي تتمتع بها ، وعدم وجود مايوحي بأن هناك جهدًا مبذولاً في إصدار النسخة الاعتيادية، وكذلك جريدة 26 سبتمبر التي تخوّلها إمكاناتها الضخمة إصدار نسخة صباحية ونسخة مسائية ، وليس نسخة أسبوعية مكتظة بمواد روتينية تفتقد لأسلوب إخراجي ينجدها من الاختناق . ؛؛ نافلة القول ؛ متى نشهد ولادة جريدة مسائية منضبظة في اليمن ؟؟ ومتى ستدخل صحفنا الحكومية مرحلة الشباب والاحتراف متخليّة عن مرحلة المراهقة التي مازالت تتخبط فيها ؟!