ما تزال الأوضاع متوترة في مديرية الرضمة بمحافظة إب وسط اليمن بين مسلحين محسوبين على جماعة الحوثيين ومسلحي القبائل من تلك المنطقة بعد معارك متقطعة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين. واندلعت المواجهات في الأيام الأخيرة من رمضان، لكن وساطة قبلية، قادها شيخ «خبان» أحمد صلاح المقبلي، نجحت في تهدئة الأوضاع وعقد هدنة هشة قصيرة لمدة عشرة أيام، لكنها انتهت خلال إجازة العيد.
وعقد زعماء قبائل ووجهاء المنطقة الوسطى يوم الجمعة الماضية لقاءً موسعاً، واتفقوا على تفويض الشيخ أحمد صلاح المقبلي بمقابلة محافظ إب أحمد الحجري، واللقاء بالرئيس عبد ربه منصور هادي وإطلاعه على القضية. حسب ما أفادت مصادر محلية «المصدر أونلاين».
كما اتفق المجتمعون على أن يطلب المقبلي من الرئيس هادي تعزيز مديرية الرضمة بقوات عسكرية لحفظ الأمن، وضرورة إنهاء التمترس من قبل المسلحين من كلا الطرفين، ومنع المسلحين المتوافدين من خارج المديرية من دخولها.
وبدأت المواجهات عندما نصب الحوثيين نقاط تفتيش في المنطقة لتأمين مهرجان بمناسبة ذكرى استشهاد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- سبباً في تفجير المواجهات بينهم وقبائل المنطقة الرافضة لإقامة النقاط، والتي ترى منها سيطرة للحوثيين أكثر منها تأميناً للمهرجان.
أسفرت المواجهات، التي خففت من حدتها هدنة هشة، عن ستة قتلى، وإصابة 12 شخصاً من الطرفين، منهم خمسة قتلى وثلاثة جرحى سقطوا من الحوثيين، بينما قتل مسلح قبلي وأصيب تسعة بجروح متفاوتة من قبيلة «آل الدعام»، حسب آخر إحصائية حصل عليها «المصدر أونلاين» من مصادر محلية.
الزعيم القبلي والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام بمديرية الرضمة عبد الواحد هزام الشلالي الدعام أبرز الرافضين لنقاط الحوثيين العسكرية قال في حديث سابق ل«المصدر أونلاين»: إن «الحوثيين اعتدوا على أصحابنا وأطلقوا عليهم النار عندما جاءوهم يطلبون منهم إزالة نقاط التفتيش التي ضايقت الأهالي». حسب قوله.
مواجهات اليوم الأول في منطقة «المنجر» بمديرية الرضمة، نجم عنها قتيلين من الحوثيين –حسب وكالة إخبارية مقربة منهم-، وتسعة جرحى من رجال القبائل، وإصابة طفل بجراح خطرة أسعف على إثرها إلى أحد مستشفيات العاصمة.
وقالت رواية المصادر الحوثية إن مسلحين وصفتهم ب«المتشددين» بقيادة من رمزت له ب«ع. ه. ش»، في إشارة إلى عبد الواحد هزام الشلالي، «حاولوا منع مواطنين ينتمون لجماعة أنصار الله من الوصول إلى منطقة المنجر، للمشاركة في احتفال بذكرى مقتل الإمام علي بن أبي طالب كان الحوثيون يعتزمون إقامته في المكان». و«أنصار الله» هو الاسم الجديد لجماعة الحوثيين.
وقالت وكالة اليمن الإخبارية إن الاشتباكات اندلعت بعد أن رفض المسلحون إفساح المجال للمشاركين بالوصول إلى منطقة المنجرة، وأطلقوا النار باتجاههم ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين.
وأوردت حينها أسماء القتيلين، وهما: «طارق السراجي ويحيى السراجي».
وأقامت جماعة الحوثي أمسيات ومهرجانات في ال«18، 19، 20، 21» من شهر رمضان، تحتضنها مدن مختلفة تسيطر عليها الجماعة، تزامناً مع ذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب، ويبذل الحوثيون، كعادتهم في احتفالاتهم الدينية، أقصى جهودهم في الاستعداد والتنظيم لهذه الفعاليات.
جماعة الحوثيين المسلحة التي تتخذ من محافظة صعدة مركزاً رئيسياً لها، وتقتصر محاولات سيطرتها على مناطق في شمال اليمن، لم يُكتب لها أن عملت على بسط نفوذها في محافظات أخرى، عدا هذه المحاولة في محافظة إب، والتي يبدو أنها أجهضت.
وتستميت الجماعة في الانتصار في مديرية الرضمة بمحافظة إب، ودفعت مسلحين لها من محافظة صعدة للقتال هناك، حسب الشيخ الشلالي.
وقال في اتصال هاتفي مع «المصدر أونلاين» إنه يحتجز 13 مسلحاً منهم (11) من محافظات صعدة، مناشداً الحكومة بسط نفوذها وطرد المسلحين الذي قال إنهم «أتوا من مناطق مختلفة ويمدهم الحوثي من صعدة بكافة أنواع الأسلحة».
وأضاف «واجهنا الحوثيين الذين ينادون بشعار كاذب هو الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، مضطرين بعد أن اعتدوا على منازلنا وأهلنا، ورأينا غياب الدولة»، متهماً المسلحين الحوثيين بنقض أكثر من صلح.
وهدد الشلالي، وهو ضابط متقاعد برتبة لواء، بعدم تسليم المنطقة لهم مهما كلف الأمر، وقال «منطقتنا جمهورية، ولن يفرضوا علينا الخُمُس مثلما يفرضوه في صعدة، وسنواجههم بكل ما أوتينا من قوة» في إشارة إلى مزاعم بفرض الحوثيين أموالٍ على سكان صعدة.
ويتخوّف الأهالي من أن يغتنم الحوثيون الانفلات الأمني السائد في البلاد، ويسيطرون بالقوّة على مناطق في إب، لتكون موطئ القدم التي ينطلقون منها لبسط نفوذهم في المحافظات اليمنية الوسطى والجنوبية التي تخلو من أي تواجد لهم.