الفاشية التي ترتدي قناع المدنية والليبرالية أفدح وأسوأ! ما يحدث حالياً لجماعة الإخوان في مصر أسوأ عملية انتقام من جماعة سياسية، لقد كشرت الفاشية العسكرية وفاشية الدولة العميقة عن أنيابها ببجاحة، وهي تفعل ما تفعل بالإخوان للفتك بالتغيير الذي حدث في مصر وليس فقط لاستئصال أحد المكوّنات الرئيسية لثورة يناير.
قولوا ما شئتم عن "الإخوان" واسردوا ما شئتم من الملاحظات عن أدائهم فلن يجردهم ذلك من كونهم "ضحايا" جرائم حكم جديد هو الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، وسيكتب لهم التاريخ أنهم في أسوأ أخطائهم لم يتورطوا في هكذا جرائم وهكذا انتهاكات.
كنا ولا زلنا ضد استخدام "جماعة الإخوان" و"الأحزاب والجماعات السلفية " للجملة الدينية والفتاوى والتكفير في العمل السياسي، وبالمثل سنكون ضد استخدام الأطراف الأخرى الأدوات ذاتها في صراعها السياسي مع "جماعة الإخوان".
ما يصدر عن "الأزهر" و"شخصيات دينية" مؤيدة لسلطة 3 يوليو من فتاوى وتكفير وتشريع لعمليات القتل والانتهاكات أمر سيئ ومُدان وسقوط أخلاقي مريع لا يمكن قبوله أو تبريره أو تفهمه.
ترتكب القوى التي رفعت شعار التغيير في اليمن الأخطاء ذاتها التي مارستها القوى التي رفعت شعار التغيير في مصر، ومثلما تتشابه المقدّمات ستتشابه النتائج في مضمونها، وإن كان هناك اختلافات في الشكل ما لم تحدث مراجعات جادة ومسؤولة.
تحدث "علي عبد الله صالح" على قناة "اليمن اليوم" كداعية عدالة حصرياً في حدود قضية جامع الرئاسة باعتبار "الدم" الذي أريق في تلك الجريمة، لكنه يتناسى دماء آلاف الضحايا الذين سقطوا برصاص وقذائف أجهزته لسنوات، العدالة يا "صالح" لا تتجزأ، ويجب أن تطال كل من ساهم في إزهاق نفس في هذه البلد.
لم يحدث أي تقدم فعلي في أوضاع اليمن خلال الأشهر الماضية من المرحلة الانتقالية رغم أن الوضع تحت نظر المجتمع الدولي ورقابته خلالها، بل ازداد الوضع تدهوراً وسوءاً.
مرد ذلك - فيما يبدو - أن هناك قراراً لدى مديري دفة هذه المرحلة (دوليين وإقليميين ومحليين) بإهدار الجهود والأوقات والإمكانيات والفرص في إنجازات "دفترية" ستُضاف إلى مكتبات النّخب وقيادات الأطراف اليمنية التي تزخر - منذ عقود- بالمطبوعات حول الديمقراطية والعدالة ومبادئ الحكم الرشيد والتعايش وسيادة القانون.
الاعتذار الحكومي فيما يخص حرب 94 وحرب صعدة رديء وينطوي على خفة واستهتار بملفات حساسة تهدد الأمن القومي للبلاد، وهو هروب لإنجاز شكلي عن واجبات السلطات تجاه الملفين الحساسين.
كان يمكن للحكومة القيام بخطوات وإجراءات جادة ومحترمة خلال الفترة الماضية من عُمرها تجاه ضحايا وآثار تلك الحروب، فلو فعلت الحكومة ذلك التزاماً بواجبها ومسؤوليتها لسجلت انجازاً تاريخياً ولساهمت في ترميم الشروخ في جدار الهوية الوطنية التي أحدثتها تلك الحروب ولسجلت حضوراً نبيلاً في حياة ضحاياها، ولما احتاجت لهذه الخطوة الشكلية التي ستتحول لطرفة سمجة.