يخوض فريق القضية الجنوبية المصغر (لجنة ال16) بمؤتمر الحوار الوطني خلافات ومخاضاً عسيراً حول تفاصيل جوهرية تتصل بالحلول والضمانات المناسبة للقضية. فيما أعلن الحزب الاشتراكي تراجعه عن قراره السابق، الذي كان أتخذه الخميس الماضي، بشأن تعليق مشاركته في اللجنة. طبقا لما ورد في موقعه الرسمي «الاشتراكي نت» يوم أمس. وأمس السبت واصلت اللجنة المصغرة، لجنة ال(8+8)، اجتماعاتها خلال الفترتين الصباحية والمسائية، عكفت خلالها على مواصلة نقاشاتها حول «مشروع المسودة» الخاصة بالمخرجات التي كان تم التوافق عليها في الاجتماعات السابقة، خلال الأيام الخمسة الماضية، والمتضمنة مجموعة من الرؤى والأفكار المقدمة من مختلف الأطراف المشاركة.
تخوض اللجنة نقاشات شديدة في مشروع «مسودة» مخرجات مكون من أربعة أبواب ويتوزع «مشروع المسودة» على أربعة أبواب: الأول يتعلق ب«معالجة مظالم الماضي في الجنوب»، والثاني ب«المبادئ الدستورية العامة للدولة الاتحادية» وصياغة العقد الاجتماعي الجديد، بينما خصص الباب الثالث ل«هيكلة الدولة الاتحادية» المزمعة، أما الباب الرابع والأخير فيتعرض ل«مهام وترتيبات المرحلة الانتقالية وآلية تنفيذها».
وبحسب مصادر خاصة، فإن معظم الخلافات بين ممثلي الحراك الجنوبي وأعضاء آخرين يمثلون أطراف سياسية أخرى داخل اللجنة المصغرة تتركز أكثر حول تفاصيل جوهرية تتعلق ب«شكل الدولة» وعدد أقاليمها وطبيعة «الفترة الانتقالية» المفترضة خلال المرحلة القادمة.
ومن الواضح أن ثمة اتفاقا أوليا على مبدأين، هما: أن تكون الدولة القادمة «اتحادية» (فدرالية)، على أن يتم الدخول في «فترة انتقالية». وهذا الأمر يمكن تأكيده من خلال تضمين «مشروع المسودة» لهذين المبدأين في الأبواب (الثاني والثالث والرابع). غير أن الخلافات بين الطرفين تبرز في التفاصيل التي يجب أن تكون عليها هذه «الدولة الاتحادية»، وبشكل خاص من حيث مكوناتها أو «عدد الأقاليم»، وكذا طبيعة ومحتوى وترتيبات «الفترة الانتقالية».
وتفيد المصادر أن ممثلي الحراك الجنوبي يؤكدون في نقاشاتهم على دولة «اتحادية» ثنائية تتكون من إقليمين فقط (شمالي وجنوبي)، في مقابل الطرف الأخر الذي يتحدث عن دولة «اتحادية» من عدة أقاليم.
وفي هذا السياق نُسب إلى القيادي الجنوبي محمد علي أحمد، رئيس فريق القضية الجنوبية ورئيس ممثلي الحراك الجنوبي في الحوار ولجنة ال(16) المصغرة، قوله إن «هناك خيارين يجري مناقشتهما هما: النظام الاتحادي الفيدرالي على إقليمين، والنظام الفيدرالي في أكثر من إقليمين..».
ممثلو الحراك الجنوبي يطالبون بدولة اتحادية ثنائية من إقليمين جنوبي وشمالي تمر بمرحلة انتقالية تنتهي إلى استفتاء لتقرير المصير جاء ذلك في سياق إشادته بممثلي الحراك الجنوبي في الحوار الوطني، ونجاحهم من خلال اعتماد التفاوض الندي «من تقليص الرؤى والمشاريع المطروحة والتي سقط منها مشروع الدولة المركزية والوحدة الاندماجية». طبقا لما نسب له من تصريحات تناقلتها على لسانه أمس مواقع إخبارية مختلفة، عطفا على بيان صادر عن الاجتماع الموسع للجنوبيين المشاركين في مؤتمر الحوار عقد أمس السبت بصنعاء بقيادة بن علي لمناقشة اخر التطورات والمستجدات في مؤتمر الحوار وما تم انجازه من مطالب للجنوبيين. فيما أشار البيان أيضا أن القيادي الجنوبي أكد «استمرار تمسك الحراك الجنوبي بحق شعب الجنوب بتقرير مصيره».
وتنسحب تلك الخلافات إلى بقية التفاصيل الأخرى: «المبادئ الدستورية العامة للدولة، وهيكلة الدولة الاتحادية، ومهام وترتيبات المرحلة الانتقالية وآلية تنفيذها»، التي تضمنتها أبواب «مشروع المسودة» المشار إليها.
حيث تفيد مصادر «المصدر أونلاين» أن ممثلين عن الأطراف السياسية الأخرى، يرون أن الحل الأنسب لتجاوز الخلاف بشأن عدد الأقاليم في الدولة الاتحادية، يكون عبر ضرورة أن تمر هذه الدولة أولا في «مرحلة انتقالية» بحيث يتضمن دستور الدولة الانتقالية الإشارة إلى أن تحديد شكل «الدولة الاتحادية» ومكوناتها يكون بعد الانتهاء من «المرحلة الانتقالية»، التي ما زالت فترتها هي الأخرى محل خلاف أيضا.
إلا أن ممثلي الحراك – بحسب المصادر – يصرون على أن يتم أولا تحديد شكل الدولة الاتحادية الثنائية من إقليمين (شمالي وجنوبي) بعدها تخضع هذه الدولة ل«فترة انتقالية»، تنتهي بحق الجنوبيين في تقرير المصير.
الطرف المقابل للحراك يشدد على دولة متعددة الأقاليم والدخول أولا في فترة انتقالية قبل تحديد عدد وشكل الأقاليم وتأكيدا لذلك، نسبت تصريحات للأستاذ الجامعي محمد حسين حلبوب، وهو أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة عدن وعضو مؤتمر الحوار الوطني عن الحراك السلمي الجنوبي، أشار فيها إلى أن الحل الأمثل للقضية الجنوبية في الوقت الراهن يتمثل في «اعلان دولة يمنية فيدرالية تتكون من إقليمين (شمال وجنوب) وعلى أن تنتهي باستفتاء شعب الجنوب حول تقرير مصيره والعودة إلى الدولتين». طبقا لما نسب له من تصريحات على لسان منظمة حديثة تطلق على نفسها «مراقبون للإعلام المستقل».
وكانت اللجنة المصغرة توافقت في جلسة الأربعاء الماضي – التي حضرها جمال بنعمر - على ترك خياري فك الارتباط والدولة المركزية البسيطة جانبا مؤقتا. وركزت في نقاشاتها على المنهجية التي يجب اتباعها للوصول إلى الدولة الاتحادية وما إذا كان من الواجب البدء بتحديد عدد الأقاليم أم الاتفاق أولا على المبادئ والأسس العلمية لتحديد عدد الأقاليم ومن ثم توزيع السلطات بينها وبين المركز.
وفيما لم يتسن الحصول على تفاصيل أخرى بشأن نتيجة اجتماعات يوم أمس للجنة ال(8+8)، حتى وقت متأخر من مساء أمس، كان الناطق الرسمي باسم اللجنة محمد قحطان أكد في تصريحات أطلقها – عقب اجتماعات الجمعة الماضية- إن هناك تطورا إيجابيا في نقاشات الفريق. وأضاف: «أستطيع القول إن الفريق يواصل نقاشه بمسؤولية وطنية عالية، وهناك ما يمكن وصفه بالتزام من جميع أعضاء الفريق بمواصلة النقاش بهذه الروح البناءة والمسؤولة للوصول إلى حلول ترضي كل أبناء اليمن وفي مقدمتهم أبناء الجنوب».
وبدوره أيضا أعلن مساعد أمين عام الأممالمتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر أن النقاشات في اللجنة المصغرة للحلول والضمانات في فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني الشامل (لجنة 8+8) تطورت بشكل جدي. طبقا لتصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) على لسانه الجمعة الماضية. والتي شدد فيها على «إن هذه المرحلة بالغة الدقة والأهمية بالنسبة إلى وثيقة المخرجات النهائية لمؤتمر الحوار الوطني، نظراً لما ستحمله من توافق وتوجه مستقبلي لمعالجة القضية الجنوبية». فيما أشاد بطبيعة النقاشات والمداخلات المسؤولة والبناءة التي تسود اجتماعات لجنة 8+8، موضحا أنه يتابع تقدم العمل في باقي فرق العمل، رغم التركيز بشكل خاص على القضية الجنوبية.
تجدر الإشارة إلى أن الحزب الاشتراكي اليمني تراجع عن قرار تعليقه مشاركته في لجنة الستة عشر الخاصة بالقضية الجنوبية والذي كان اعلنه الخميس الماضي احتجاجا على ما قال انه «الأسلوب الانتقائي الذي مورس في اختيار ممثلي الشباب المستقل ومنظمات المجتمع المدني والمرأة في هذه اللجنة».