أقيم مساء اليوم الأحد حفل كبير في دار الرئاسة بصنعاء لإطلاق صندوق مالي خاص بالتعويضات لأبناء المحافظات الجنوبية بحضور قيادات الحكومة اليمنية وسياسيين من مختلف التيارات السياسية. وشارك في الحفل وزير الخارجية القطري الدكتور خالد العطية الذي زار صنعاء لساعات من أجل توقيع اتفاقية تقديم منحة قدرها 350 مليون دولار امريكي دعماً للصندوق.
وحضر الحفل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة ورئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي ورئيس مجلس الشورى عبدالرحمن محمد علي عثمان ووزراء وبرلمانيون وأعضاء في مؤتمر الحوار الوطني.
وأقام الرئيس هادي حفل غداء على شرف وزير الخارجية القطري وألقى كلمة اعتبر فيها ان تدشين صندوق التعويضات للمحافظات الجنوبية بمثابة «وضع لبنة اخرى من لبنات بناء الثقة وتصحيح الاختلالات ومعالجة المظالم».
وأشار إلى ان توقيع الاتفاقية مع قطر والتي «تحدد أوجه وطريقة صرف المنحة القطرية السخية لمواجهة قضايا الفصل التعسفي لمنتسبي الخدمة المدنية والعسكرية وقضايا مصادرة الأراضي في المحافظات الجنوبية».
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، قال هادي «نلتقي اليوم لنبين بالملموس للجميع اننا إذا عاهدنا أوفينا وإن التزمنا إزاء الحل العادل والشامل للقضية الجنوبية - باعتبارها مدخلاً لحل قضايا الوطن عموماً – هو التزام مبدأي لا تراجع عنه».
وأضاف في كلمته أمام الحضور «وهذا الاجتماع هو رسالة لأهلنا في المحافظات الجنوبية ومن خلالهم لكل اليمنيين ولأشقائنا ولأصدقائنا في الجوار وفي العالم رسالة مفادها بأننا ماضون بحزم لا يلين على درب معالجة مظالم الماضي وإعادة الحقوق لأصحابها وتحصين اليمن الواحد الموحد من العودة الى اساليب الماضي التي أسست للتعسف وهدر الحقوق وأساءت لليمن مواطنين ودولة».
وأشار هادي إلى أن إدارة صندوق التعويضات ستكون مستقلة وتتبنى معايير الحوكمة وتخضع لمبدأ المحاسبة والمساءلة.
وتحدث عن إجراءات بناء الثقة التي اتخذها وآخرها إصداره قرارات جمهورية بشأن الأراضي المنهوبة في الجنوب، بإعادة مئات الضباط الجنوبيين المسرحين، مشيراً إلى أنه سيصدر قريباً قرارات بمعالجة أوضاع أكثر من 4000 ضابط في مؤسستي الجيش والأمن.
وأكد هادي قائلاً: «القضية الجنوبية قضية عادلة، وقد أجمع اليمنيون على إيلائها المعالجات المنصفة لها». وأضاف: «لذلك فإننا لن نقبل أي مزايدة او متاجرة بها من أي طرف كان، وبوسعنا أن نقول بكل ثقة اليوم حتى قبل أن ينهي مؤتمر الحوار اعماله أن ما سيتحقق للمحافظات الجنوبية يتجاوز بمراحل ما تضمنه اتفاق الوحدة عام 90 أو وثيقة العهد والاتفاق الموقعة عام 94 م والوثائق موجودة ويمكن للعاقل ان يقارن ويميز وأن يختار بين المساهمة في بناء يمن جديد واحد موحد يتسع لكل ابناءه في كل المحافظات وبين ملاحقة سراب الواهمين وشعاراتهم التي اكل عليها الدهر وشرب».
والقى وزير الخارجية القطري خالد العطية كلمة أكد موقف بلاده الداعم لليمن في مواجهات التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال العطية «إن الشعب اليمني وبعد انتصار ثورته العظيمة اتجه لخوض مرحلة التحول لبناء دولته الحديثة على الرغم من المصاعب والتحديات التي تزامن عادة مراحل التحول بعد الثورات الكبرى، إلا أن إصرار الشعب اليمني عبر الحوار الوطني على بناء دولته الحديثة وحماية مكتسبات الثورة قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك حرصه وتمسكه على إنجاح ثورته».
وتابع «نأمل أن تكون مخرجات الحوار الوطني أساساً جيدًا للبناء عليه لتحقيق تطلعات الشعب اليمني»، مجدداً موقف قطر الداعم لتطلعات الشعب اليمني منذ اندلاع الثورة حتى الآن، أملا أن تتحقق للشعب كافة تطلعاته وطموحاته من الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة وبناء دولته الحديثة.
وألقى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر كلمة بدأ فيه بتجديد إدانة حادثة اغتيال عضو مجلس النواب وعضو مؤتمر الحوار الدكتور عبدالكريم جدبان.
وامتدح المبعوث الأممي خطوة تعويض آلاف الموظفين الجنوبيين المبعدين قسراً أو من صودرت أراضيهم، وقال «لقد تعر�'ض الجنوب في ظل النظام السابق للتهميش والتمييز بحق أبنائه ولنهب ثرواته من دون رادع، وتلقى الجنوبيون كثيراً من الوعود الفارغة. لكن، للمرة الأولى، نرى تحركاً جدياً لتعويضهم، نرى ضوءً في نهاية النفق».
وأشار بنعمر في سياق كلمته الى أنه سيقدم بعد أيام قليلة، تقريراً جديداً إلى مجلس الأمن الدولي، يبلغه فيه أن مؤتمر الحوار الأكثر شفافية وتشاركية في تاريخ اليمن والمنطقة، ما يزال ينتظر حسم قضيتين رئيستين ومصيريتين، هما القضية الجنوبية وشكل الدولة، مؤكدا في هذا الصدد أن الحسم لن يتم بوضع العصي في الدواليب، بل يتطلب إرادة سياسية جدية ترسم شكل يمن جديد كما يشتهيه أبناؤه، ومطالبا الجميع بأن يستثمروا دعم المجتمع الدولي وثقته في قدرتهم، قدرتهم وحدهم، على إيجاد حلول للقضايا العالقة وإنجاح الحوار.
وقال: «لقد آن أوان التقدم بمسؤولية وثبات وسرعة نحو وضع وثيقة مخرجات توافقية، تكون ثمرة جهود فرق العمل التسعة في مؤتمر الحوار، وثيقة تشكل خارطة طريق للمرحلة المقبلة، تؤسس لمصالحة وطنية وعقد اجتماعي جديد، وتطلق ميثاقاً وطنياً تهديه إلى جميع اليمنيين الذين نشدوا التغيير والتنمية والمساواة، إلى أولئك الذين ظلموا طيلة عقود، إلى المتضررين من الحروب والنزاعات والفوضى والفساد، إلى آباء وأمهات يحلمون بمستقبل أفضل لأطفالهم».