بعد مضي عام على قرار محافظة تعز نقل 17سوقاً من داخل المدينة إلى خارجها، انتقلت "المصدر أونلاين" إلى الأسواق الجديدة واستطلعت أحوال الناس هناك. في هذا التقرير نتناول "بقية القصة" لمعاناة مئات المواطنين في تعز، سبق أن تناولتها "المصدر " قبل عام كامل عقب قرار قيادة المحافظة نقل الأسواق إلى خارج المدينة. في زيارتنا الأولى، عقب صدور قرار نقل الأسواق ببضعة أيام، عبّر هؤلاء المواطنون عن استنكارهم واستيائهم الشديد من ذلك القرار الذي حولهم إلى معسرين وعاطلين عن العمل، وفي الوقت ذاته كان بعضهم لا زال يعمل في ظل ضآلة العمل وقلة إقبال الزبائن عليهم، وكانت بعض المحلات لازالت فاتحةً أبوابها "لطلبة الله"، إلا أننا عند زيارتنا الأخيرة للأسواق التي تم إغلاقها الخميس الماضي وجدنا محلات كثيرة قد أغلقت أبوابها، ونزح عمالها وهجرها أصحابها، عدا محلات قليلة خاوية إلا من أصحابها الذين يقفون على أبوابها بانتظار زبون.
بجوار سوق ديلوكس الذي أغلق وجدنا عدة محلات موصدة الأبواب بعد أن كانت تكتظ بالزبائن قبل قرار إغلاقها. أمام محل حلويات كان يجلس الشاب خليل عبد الله محمد بانتظار أن يدخل المحل زبون، يقول: أصبح العمل لدينا شبه معدوم، حتى أننا لا نستطيع أن نوفر احتياجاتنا الأساسية وحق إيجار المحل، فبعد أن كنا نشتغل يومياً ب40- 50 ألف ريال أصبح شغلنا اليوم لا يتجاوز 2000 ريال.
محل الحلويات هو الوحيد لا زال مفتوحاً على ناصية الشارع، فيما عدد من المحلات بجواره (اتصالات ومطاعم) أقفلت بعد نقل السوق وتحول أصحابها وعمالها إلى رصيف البطالة، حسب خليل.
تسريح العمال بالقرب من السوق، عند زيارتنا الأولى كان هناك مطعم كبير لازال يعمل بالرغم من تسريح 11 عاملاً من عماله بعد إغلاق السوق، إلا أننا وجدناه -في زيارتنا الأخيرة- قد أغلق وهجره صاحبه بعد تراكم الإيجارات والديون عليه نتيجة ضعف الإقبال عليه. *نقل الأسواق وصفه المواطنون بالكارثة التي حلت بالمئات منهم وأسرهم لا سيما أنه لم يتم إيجاد البديل لمن نقلوا قسراً من محلاتهم وأعمالهم، وكذا العاملين في الأسواق، كما لم توفر لهم فرص عمل قبل وبعد اتخاذ القرار من قيادة المحافظة.
*عبد الله العزعزي، صاحب مطعم بالقرب من سوق ديلوكس يقول إنه يعاني بعد إغلاق السوق، فقد تراكمت عليه الديون حتى وصلت إلى أكثر من مليون ريال إيجارات المطعم. يضيف:" والله بعنا البقر والغنم وكل ما لدينا حتى نغطي الديون". ويؤكد العزعزي أنه اضطر إلى تسريح 15 عاملاً في المطعم بعد إغلاق السوق وضآلة العمل، وبقي يعمل هو ونجله فقط، مؤكداً بذات الوقت " أن اثنين من عماله أصبحوا "مجانين" بعد تعطلهم ولم يجدوا أي عمل".
ويضيف ل" المصدرأونلاين": مدينة تعز كلها شُلت حركتها بسبب نقل الأسواق، وبجوارها عشرات المحلات، حتى أنك تدخل الشوارع وكأنك في رمضان "رقّدوا المدينة إلى أبعد حدود". وفي وسط السوق وجدنا محلاً لبيع الشعير الذي بقي مفتوحاً وإلى جواره عدة محلات مغلقة، حدثنا الشاب الواقف في المحل أنه لا يستطيع البيع حتى بمقابل أجرته، بل وصل به الأمر إلى العجز عن رد بقية 500 ريال قدمناها له بعد تناول الشعير في محله.
وفي محل فواكه وجدنا شاباً جالساً ويداه على خديه، وعند وصولنا إليه سألناه عن العمل، فأجاب الشاب محمد الزبيدي: زي ما أنت شايف؛ العمل بارد وما فيش حتى زبون. نجلس الساعات حتى يأتينا الزبون.. ويواصل" ما ندخله لا يكفي للقمة العيش ومن قبل كنا نشتغل بأكثر من 20 ألف باليوم مع وجود السوق". مالك سوق ديلوكس: القرار ألحق بي أضراراً كبيرة من جهته اعتبر مالك سوق ديلوكس مهيوب الزغروري، قرار قيادة المحافظة مجحفاً، وقد ألحق به أضراراً كبيرة وكبده مبالغ طائلة في تجهيز السوق بكامل البنية الأساسية، وشراء الساحة وتسويرها (كلفه ذلك 40 مليون ريال)، إضافة إلى قيامه بعمل مظلة حديثة للسوق كلفته أكثر من 50 مليون ريال، وكذا إنشاء مسجد السوق ومرفقاته وعمل الإنارات من جميع الاتجاهات. وأشار إلى أنه رفع دعوى قضائية لدى المحكمة التجارية الابتدائية ضد المجلس المحلي وصندوق النظافة والتحسين بمديرية القاهرة لمنعها إياه من ممارسة نشاطه الأساسي في السوق التابع له.. رغم أن لديه ترخيصاً بالعمل من مكتب الأشغال بتعز، إضافةً إلى عقد اتفاق بينه والمجلس المحلي بمديرية القاهرة في العام 2005م (زوّد الصحيفة بنسخة الوثائق) وقام بتسديد الرسوم المفروضة عليه، مما يؤكد أن السوق مرخص له. سوق عصيفرة خال من الخدمات الأساسية وفي حين كان محافظ تعز حمود الصوفي أكد في تصريح سابق ل"المصدر أونلاين" أن قرار نقل الأسواق صائب وإيجابي، إذ خف ازدحام المدينة بعد نقل 17 سوقاً من داخل المدينة إلى خارجها في سوق واحد، لكن المواطنين اعتبروه مجحفاً بحقهم وزاد من معاناتهم. سوق عصيفره احتوى كل الأسواق لكنه يفتقر إلى الخدمات الأساسية، كما كانت عليه الأسواق السابقة: مصلى، حمامات، سقيفة. ورغم أن المحافظ كان قد أكد لنا في وقت سابق أنه سيتم العمل على توفير تلك الخدمات في السوق، لكن وبعد مرور عام على تأكيده، لازال السوق وعند زيارتنا الأخيرة على ما هو عليه.