وصل الحوار إلى أيامه الأخيرة متجاوزاً الفترة المحددة له بأكثر من مائة يوم تقريباً، النهاية تبدو غير واضحة والنتائج لا أعتقد أنها ستكون مقبولة بحسب اعتقاد الجميع حتى ممن شاركوا في هذا المؤتمر لأن أرضيته تبدو رخوة للغاية، وبالتالي لا شك ان ركائزه الآيلة للسقوط يمكن ان تتحطم في أقرب لحظة وبدون سبق إنذار. على كل حال إذا كان لهذا الحوار أن يحقق نجاحات ملموسة على أرض الواقع تفضي إلى حلحلة الوضع وإخراج هذا الوطن من الأزمة الراهنة كان لابد من بداية صحيحة تضمن لهذا المؤتمر الاستمرارية والنجاح هذا ما كان يجب أن يكون، لكن للأسف الشديد انحرف الحوار عن مساره الحقيقي متحولا الى حوار سياسي بدرجة امتياز حيث تصدرت القضايا السياسية قائمة المهام بدلاً من القضايا الوطنية ذات الاهتمام البالغ التي تهم الوطن والمواطن على حد سواء.
في ظل هذه الأجواء الغائمة بالمكايدات باتت مجمل القضايا الوطنية مجرد شعارات للمتاجرة والاستثمار بها على الطاولات وفي الغرف المغلقة، في الوقت الذي أصبح الحديث عن تلك القضايا ظاهرة كلامية قابلة للاستهلاك لا أكثر، في ظل غياب واضح لروح المسؤولية ومحاولة حلها بمنأى عن أصحابها المعنيين بهذا الشأن وغياب الحلول المناسبة، ولهذا بحسب تقديري لا يمكن حلها مطلقاً بهذه الشكلية مادام الممثلون الحقيقون لتلك القضايا مغيبين عن المشهد.
فعلى سبيل المثال غُيبت فئة الشباب تماماً وأهملت قضية الشهداء والجرحى ناهيك عن إهمال واضح لكثير من القضايا المهمة، الأمر الذي أثار جملة من التساؤلات عن مآلات هذا المؤتمر ومصيره المحتمل والحكم عليه منذ الوهلة الأولى بالتردي والقصور، بعد ان أزيح الستار عن هويته الشكلية، وبالتالي نستطيع القول ان كل الأطراف المشاركة في المؤتمر دون استثناء لم تكن هي المعنية بالمشاركة لا من قريب ولا من بعيد، بل هي أساس كل أزمة حلت بالوطن سواء على المدى المتوسط او البعيد، وما نعانيه اليوم ما هو الا امتداد لأزمات متعاقبة يقف خلفها أولئك المتحاورون في موفنبيك من فرقاء وقوى نفوذ واجندة داخلية واقليمية ودولية.
على أية حال لقد وصل الفرقاء ومراكز القوى المختلفة الى اتفاق مبرم يخدم مصالحهم الخاصة دون مصالح الشعب المتعثر بأزماتهم المفتعلة، هكذا تم تقاسم تركة الرجل المريض ولكن هذه المرة على طاولة الحوار تحت اشراف دولي واقليمي.
عموماً ما حدث في موفنبيك من أعمال يمكن وصفها بالمسرحية الهزيلة ذات الطابع العبثي، أشعر الكثير منا انما حدث ليس أقل من مجرد خدعة والتفاف واضح على مكتسبات ثورة الشباب 11فبراير، وان حقيقة وصف هذا المؤتمر بالوطني وانه نتاج ثوري أكذوبة ان لم يكن استخفافاً بعقولنا.