عقب ان يطوي مؤتمر الحوار أيامه الأخيرة ويبلغ أعتاب محطته الاحتفائية التي من المقرر إجراؤها في الخامس والعشرين من يناير بحفل مهيب، ستكون الأطراف السياسية المشاركة في المحفل الحواري على موعد مرتقب مع محادثات بينية ذات طابع ماراثوني لطي صفحة الحكومة الوفاقية الراهنة. حكومة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ستكون هي العنوان العريض لحوارات وتفاهمات القوى السياسية بهدف الشروع في تنفيذ خارطة الطريق اللاحقة لمرحلة ما بعد انفضاض المولد الحواري.
ومع ان الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية قد حصحصت الحكومة الوفاقية ذات الولاية المنتهية بالمناصفة ما بين القوى السياسية الرئيسية، ومنحت قوى الثورة في المشترك والمجلس الوطني امتياز رئاستها، إلا ان واقع الحصحصة إياه قد لا يسري بالحرف على الحكومة الوشيكة التي من المنتظر ان تشهد وفود قوى جديدة إليها وبالأخص تلك التي دلفت مؤتمر الحوار دون ان يكون لديها امتياز الحضور على طاولة الإمضاء في القصر الملكي السعودي إبان التوقيع على المبادرة الخليجية.
وبما ان معظم الوجوه في الحكومة الوفاقية لم تعد تتمتع بقابلية الاستمرار لدى قطاع واسع من الرأي العام بموازاة محدودية قدرات البعض في التعاطي المثمر والجاد والخلاق مع مرحلة تنفيذ المخرجات الحوارية، فإن العديد من المهتمين بالكواليس الحوارية يعتقدون أن ثمة مسميات في الفعل الحواري يمكن ان تتصدر قوائم الانتقاء في عضوية الحكومة المنتظرة.
واقع الأمر ان ثمة مسميات استطاعت ان تحقق لها حضوراً لافتاً خلال يوميات الحوار بموازاة القدرة على إجراء التربيطات اللازمة لنيل شرف العضوية في الحكومة اللائحة لدرجة ان البعض بات يصفهم بعبارة: المحظيون في الحوار على أعتاب الحكومة الجديدة.
ومع ان تطلعات محظيي الحوار مرتبطة بتفاهمات القوى السياسية خلف الكواليس، إلا ان ثمة تساؤلات مازالت تُطرح بشأن نسب المحاصصة وتقطيع الكعكة الحكومية لاسيما اذا ما علمنا ان نظرية المحاصصة بين الشمال والجنوب التي كرستها وثيقة بنعمر او ما باتت تعرف ب "وثيقة ضمانات وحلول القضية الجنوبية" يمكن لها ان تحل كبديل افتراضي لنظام المحاصصة المفروض بفعل المبادرة الخليجية بين المشترك وشركائه من جهة والمؤتمر الشعبي وحلفاءه من جهة اخرى.
حتى وان كانت الترجيحات تذهب في اتجاه التأكيد على نظرية المحاصصة الجغرافية بين الجنوب المتوثب والشمال المتداعي، فإن ذلك لا يُغيّب حقيقة وجود آمال عريضة يعلقها الكثيرون على مستويات الفعل والانجاز في أداءات الحكومة القادمة التي ينتظر منها الرأي العام ان تبدد نُذُر الإخفاق وخيبات الأمل سواءً تلك التي اراد صانعو الازمات لها ان تلازم الحكومة الوفاقية كظلها او تلك التي اسهمت الحكومة في تخليقها بتقاعسها واستكانتها عن قضايا لا تحتمل تأجيل الحسم!