أراني هذا المساء أقلّب صفحات الثورة وأصواتها ووعود شبابها وخرافات ساستها لأتخيل صباح الخامس والعشرين من يناير تاريخ أمل، ففيه نَبَضَ القلب بالحياة، وقال لي في ربيعه العربي إن الحياة قد تتعثر، ولكنها لا تتوقف، والأمل قد يختفي لبعض الوقت ولكنه لا يموت، والفرص قد تمضي ولكنها لا تنتهي، فعدت لتلك الفرصة التي حلمنا بها وقلنا يومها انه لا حوار الا بعد إطلاق المعتقلين، فها هي الأيام تعيد ذلك التاريخ (25 يناير) ليكون يوم انتصار الحوار الوطني، وأرى فيه إبراهيم ورفاقه في زنزانة الظلم القارسة يقبعون في مكان يملؤه الهدوء والوحشة، إلا من أصوات قادمة من بعيد، إنها أصوات السجان وهو يقترب من تلك الزنزانه ليبدأ يوم عمل جديد. يأتي هذا التاريخ مهما كانت إنجازاته التي حققها الا أنها ستسطر على تلك القلوب فضاء من الضيق ومساحة تكاد تخلو من الأفق الفسيح، وهم قابعون داخل هذه الزنزانه التي تذكرهم ببني جنسهم رفاق الثورة، لينتهي هدوء الصباح بصخب يزيد من وجع القلب ولوعته، وبين الحيرة والتردد كتبت كثيراً وتوقفت أكثر مع سلسلة الذكريات وتلك المقاطع المكتظة بالوعود، تراكمت الأحداث وتناثرت الصور ليبقى الخريف الذي تتساقط فيه كل الآمال ويصبح اليأس أقرب الينا من الأمل.
لم يعد الحمادي ورفاقه يهتمون لصراخ الناشطين وباتت كلماتهم تثير الاشمئزاز، فتلك الأبواق هدأ زعيقها وكل مضى لتحقيق ما تبقى له من حلم ليظل من ضحى مجرد اسم يذكر في ذكرى معينه شهيداً كان او معتقل تنقسم اليمن الى اقاليم وتظل مقبرة الشهداء شاهدة بان من فيها هم خيرة أبنائها، لا يفرقهم إقليم ولا طائفة ولا حزب ولا انتماء وكذلك هم شجعان المعتقل يقبعون في زنزانةلم يطلها الحوار بإنصاف، ولم يلتفت اليها بعدل فهل العداله تثقل! والحقيقه موجعة ولماذ كل هذا الصمت والتعتيم واين هو الإنسان! في عالم السياسة، وتلك الطفلة التي تحلم بالاستقرار هي زهرة سكنت قلب ابيها (الحمادي) تنتظر شمس تحيل الظلام الى نور، وانتِ يا "ولاء" لك من اسمك نصيب، أتذكر عندما صرختِ ألماً في عيد الأضحى قائلة للشباب: اي تفاؤل جئتم به الى السجن، وعن اي عدالة تتحدثون؟ اننا من يعاني الويلات، كنتِ محقة وهَأَنتَ ايها الأمل كسراب تلوح للناظرين من بعيد ويتمناه الجميع فيحسبوه ماء ولكنه سراب الخذلان.
انه السلطان القاهر حكم عليكم دون محكمة شرعية وبلا جرم سوى جرم الثورة، كم انت قاس أيها الالم وكم أنت بارد أيها العالم! حياتكم توقفت وفي كل توقف وجع لكن علينا ان ندرك قوانين السياسة، فالحياة هي مسافة بين ما نريد وما نستطيع ها نحن نبكيكم على صفحات الذهن المشوشة ولكن رغم مرارة الألم يبقى الأمل .