قد نتعب كثيراً في تربية أبنائنا ونبذل جهداً شاقاً كي نحصل على نتيجة طيبة. ومع هذا كله قد ترتكب أخطاء تجعل كل ما قمنا به يذهب في مهب الرياح. ومن الأخطاء المرتكبة في حق أبنائنا ضربهم وإهانتهم أمام الآخرين. الضرب عقوبة وردت في الشرع ولكنها شرعت لغيرها لا لذاتها.. فكثيراً ما نرى ونسمع عن الضرب بحجة التربية.
هل الضرب ينفع؟ في الغالب تلك صور نعيشها في حياتنا: رغم انقضاء الأيام ومرور السنين إلا أن المواقف الدامية وتلك الذكريات المحرقة لا تزال تعلق بمجتمعنا مثقفين وأميين.
تأبى السقوط وكأنها كائن طفيلي يتغذى من سعادتنا وهنائنا. قد أكون ضعيفة بعض الشيء حين ألجأ إلى القلم والورقة في مواجهتي.
ولكن دعوني أدعوكم إلى وقفة جادة ونظرة متأنية في مفهوم التربية ومقوماتها الدنيا.. رغم أن العنف التربوي الحاصل في بيوتنا اليوم وما أكثره يقع في الغالب من الفئة الكبيرة والمتوسطة في السن الذين هم تربية جيل سابق ولا شك أن هذا الجيل سيفنى قريباً. يقول الشهيد سيد قطب في رسالته رقم (995): "إنني أؤمن بقوة المعرفة، وأؤمن بقوة الثقافة، ولكن أؤمن أكثر بقوة التربية".
ويقول الإمام الغزالي: "الطفل أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كل ما يحال به إليه".
فمدوا إليهم اليد الحانية المملوء بالعطاء دون مقابل.. وبعثوا إليهم الحب والمشاعر الدافئة التي تنبع من القلب.. ووجهوا إليهم النظرات التي ترقبهم بحب وإعجاب وتؤمل عليهم الآمال. هذا لا يعني أنني أعترض على عملية التأديب للطفل، ولكن أعترض على استخدام الضرب كوسيلة أساسية للتعليم والتربية.
هناك عشرات الأساليب يمكن لنا استخدامها، منها الإشارة إلى الخطأ بالتوجيه أو بالملاحقة أو بالإشارة أو بالتوبيخ أو بالهجر.
ورغم هذا العنف المستشري في المجتمع أتساءل بلسان هؤلاء: ألا يحق لهؤلاء الأبناء الذين ولدوا لهؤلاء الآباء المتوشحين بوشاح العنف أن يبدعوا وأن ينتجوا؟ ويعيشوا عيشة هنيئة؟
الأبناء بحاجة إلى عقاب بسيط إذا ارتكبوا أي غلط أو خطأ في أي أمر. لكن هذا العلاج البسيط يحتاج إلى هدوء وثبات.
فمعاقبه الطفل وضربة أمام الغير تؤذيه كثيراً ولا تهذب سلوكه أبداً وتزيد الطين بله.
أطالب الآباء والأمهات بأسمى وأزكى صفة جاء بها نبينا الكريم الوسطية والاعتدال.