لأن الكتكوت الفصيح يولد من البيضة يصيح؛ كناية عن أن النبوغ يبدأ مبكراً عند صاحبه.. على حد قول المثل المشهور؛ فإنه يمكن عكس المعنى والقول بثقة: إن مخططات بقايا نظام المخلوع لإثارة الفوضى فبي البلاد محكومة بالفشل والإخفاق، وتؤكد أنها كتاكيت ولدت معوّقة من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ طالما أن فيها زعامات تقبل أن تتحرك في الشارع اليمني؛ وفي تعز خاصة؛ وهي ترفع شعاراً لثورتها يقول: "الراعي رئيساً".. أو تشارك في مسيرات واعتصامات جبناً لجنب مع رموز نظام علي صالح والحوثيين! والراعي يحيى الموضوع اسمه في شعار مسيرة تعز (النانو) كما وصفت وظهر حجمها في وسائل الإعلام؛ هو العميد الشيخ يحيى الراعي رئيس محلس النواب.. وهو الشخص الذي كان مكلفاً منذ منتصف التسعينيات بمهتمين؛ الثانية هي تطفيش اليمنيين وتبغيضهم في شيء اسمه برلمان وسلطة تشريعية ورقابية على علاتها المعروفة عنها! أما المهمة الأولى فقد سمعتها في مستهل جلسات برلمان 1997 الذي صار الراعي فيه نائباً للرئيس؛ من زميل صحفي كان متخصصاً بمتابعة جلسات مجلس النواب منذ بداية الوحدة، وهو معروف بأنه حاد اللسان عميق السخرية حتى الآن في عموده الأسبوعي، ويومها كنا وحيدين في شرفة الصحفيين نتابع جلسة، فمال برأسه عليّ وهو يقول: جابوا يحيى الراعي بجوار الشيخ عبد الله حسين الأحمر علشان.. يقتله! فلما أدرت رأسي إليه مستغرباً ومستزيداً شيئاً من التوضيح أضاف مبتسماً: يقتله بال...!
قد يكون الراعي نجح في إدارة مجلس النواب لأنه تعامل معه وكأنه كتيبة عسكر وأعضاءه مرافقون يتبعونه بالأمر العسكري المباشر، وفي رواية كأنه مدير مدرسة من مخلفات السبعينيات في قرية نائية.. أو لأن الأغلبية المؤتمرية فيه سهلت له المهمة فلم تضره حتى أخطاؤه وتصرفاته الهمجية في حق بعض النواب التي كانت مثار استهجان الناس بسبب تعامله الفج معهم.. وقد عرف عنه الدأب في العمل والحضور المبكر إلى الثكنة أو المجلس.. وقد أجاد للأمانة دوره إعلامياً وخاصة عندما كان يستقبل وفوداً أجنبية متعددة المهام بما فيها ذات الصفة الاقتصادية، وينهمك كما يقول الخبر الرسمي في شرح التجربة الديمقراطية في اليمن، والأوضاع العامة والتطورات والمستجدات في اليمن حسب تخصص الوفد الموجود أمامه واهتماماته: علمية أو اقتصادية أو سياسية أو حقوقية.. إلخ!
ومع هذا السجل السيء للراعي في تاريخ إدارته لمجلس النواب؛ إلا أنه كان مصدراً لإشاعة نوع من البهجة في الشارع اليمني من خلال تعليقاته العفوية بلهجته العامية التلقائية المعروفة على مجريات الأمور في المجلس التي تحولت مادة للنكتة، وخففت على الأقل من كآبة الناس وهم يرون البرلمان الذي كانوا يعولون عليه الكثير مطلع الوحدة وقد تكرست حقيقة أنه مدرسة المشاغبين.. قبل أن يصير مجلس النواق.. وحتى صار بفضل الراعي: معلامة في قرية في أعماق الريف اليمني يديرها فقيه بعصا طويلة تقرع كل متمرد عليه! ••• من الوارد جداً أن رافعي شعار "الراعي رئيساً" في مسيرة تعز في 11 فبراير الماضي بنوا فكرتهم على أساس أن المطالبة به رئيساً كونه رئيساً لمجلس النواب، ومن الطبيعي أن يحل محل الرئيس هادي بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي تعني نهاية حكمه وشرعيته وفق زعم مخطط بقايا نظام المخلوع لإثارة الفوضى خلال الأيام الماضية!
لدينا ملاحظات سريعة على شعار الراعي رئيساً؛ فأولاً نسي أصحاب الشعار أن وجود هادي وغيره من قيادات الدولة في مناصبهم محكوم بالمبادرة الخليجية وليس الدستور، والمبادرة قائمة على أساس التوافق في كل شيء فما بالنا في منصب رئيس الجمهورية! ومن غير المنطقي أن يحل الراعي (أحد المتهمين بالتحريض على قتل الشباب في أحداث ثورة 11فبراير) محل رئيس الجمهورية لأن المخلوع وأتباعه يريدون ذلك، أو لأنهم يظنون أنه أمر بدهي كما هو منصوص عليه في الدستور وكما يحدث في بعض البلدان عندما يحل رئيس البرلمان محل الرئيس في حالة موته أو عزله.. إلخ متجاهلين كل تلك التغييرات والتطورات التي شهدتها اليمن منذ خرج الشعب مطالباً بإسقاط صالح!
وثانياً؛ فقد أخطأ أصحاب الشعار عندما طالبوا بأن يكون الراعي رئيساً.. هكذا حاف.. وليس رئيساً مؤقتاً أو قائماً مقام الرئيس أو حتى: رئيساً متعاقداً؛ فحينها كان يمكن تفهم الموضوع بأنه لجوء لحل على أساس معروف عالمياً! أما الخطأ الثالث فيمكن استنتاجه من خلال تاريخه العملي في مجلس النواب المذكور سابقاً.. فلا شك أنه كانت هناك لعبة شيطانية في المطالبة بالراعي رئيساً لليمن؛ فمع تلك التفاصيل المعروفة عن تاريخه فقد كان من المتوقع أنها تجعل من يقرأ شعار: الراعي رئيساً يرفضه فوراً وبدون تفكير.. وربما يقال: قد علي صالح.. أهون! والراجح أن ذلك كان هو.. المطلوب!
والحمد لله فقد جاءت النتيجة سليمة.. وفشل مخطط الراعي رئيساً لكل الأسباب السابقة.. وأيضاً لأن البلاد ما يزال فيها رقابة على المواصفات والمعايير التي كانت زمان تسمى: رقابة.. تموينية كانت تقوم بها وزارة التموين وبديلتها الراهنة: وزارة التجارة والاقتصاد، وما زلنا حتى الآن نسمع عن نشاطات لها ومكاتبها وخاصة في ملاحقة السلع المغشوشة ومنتهية الصلاحية!