تحضر قضيتا تسليم السلاح والتحول لحزب سياسي كأكثر القضايا حساسية وحرجاً لدى جماعة الحوثي التي تفرض سيطرتها على محافظة صعدة وأجزاء واسعة من محافظات أخرى مجاورة، وتعتبر الخوض في هذا الشأن من قبل أعضائها أمراً غير مُلزم لها، باعتباره قراراً سيادياً تفصل فيه قيادتها العليا وحدها. ودفع تصريح للناشط في إطار جماعة الحوثي، علي البخيتي، تناقلته وسائل الإعلام أمس، وأبدى فيه استعداد الجماعة لتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة للدولة والتحول لحزب سياسي، قيادة الجماعة لتحديد الجهات المخوّلة بإصدار المواقف الرسمية باسمها.
تصريح البخيتي باستعداد الحوثيين لتسليم أسلحتهم يثير حفيظة قيادتهم ويدفعهم لتحديد مصادرهم الرسمية وحصرت جماعة الحوثي، أمس، مواقفها الرسمية في البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي لزعيمها عبدالملك الحوثي أو المجلس السياسي، والناطق الرسمي محمد عبدالسلام.
وقال بيان صدر، أمس، عن المكتب الإعلامي لعبدالملك الحوثي، وحصل «المصدر أونلاين» على نسخة منه، إن المواقف التي تعبّر عنها هي البيانات التي تُصدر عن المكتب الإعلامي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أو بيانات المجلس السياسي أو تصريحات الناطق الرسمي باسمها محمد عبدالسلام.
واعتبر المكتب الاعلامي للحوثي أن ما دون ذلك ليس ملزماً لها ولا يعبِّر عن الجماعة، داعياً وسائل الإعلام إلى التفاعل مع ذلك التوضيح بإيجابية.
جماعة الحوثي تحصر مواقفها بمكتبيها الإعلامي والسياسي وتصريحات ناطقها وما دونه ليس ملزماً وأشار البيان إلى أنه لا يعنيهم «أي تعاطٍ إعلامي سواء بحسن نية أو بسُوء نية مع أطراف تُلصق بهم صفات ذات طابع قيادي أو ما شابه، وهم ليسوا في موقع من أنيط بهم ذلك».
وعزا البيان هذا التنويه إلى حرص الجماعة، التي تطلق على نفسها تسمية «أنصار الله»، على إيصال موقفها الرسمي حول مُجمل الأحداث والتطورات الداخلية والخارجية بشكل واضح وغير ملتبس، ونظراً لما يترتب على ذلك الكثير من المسؤوليات السياسية والأخلاقية والقانونية.
ويشير التوضيح السريع، الذي أصدره مكتب الحوثي بتحديد المصادر المعبِّرة عن مواقفها الرسمية، إلى حساسية قضية تسليم السلاح وأن الحديث عنها يعتبر أمراً سيادياً تفصل فيه القيادة العليا للجماعة.
وأدلى الناشط في إطار جماعة الحوثي، علي البخيتي، بتصريح لجريدة «السياسة» الكويتية ونشرتها، الاثنين، أعلن فيه استعداد جماعة الحوثي تسليم أسلحتها المتوسِّطة والثقيلة للدولة «بعد أن كانت ترفض الحديث بشأن ذلك الموضوع من قبل».
المكتب الإعلامي: أي تعاطٍ إعلامي مع أطراف تُلصق بهم صفات قيادية لا تعنينا وانخرط البخيتي في مؤتمر الحوار الوطني كعضو ضمن قائمة مكوِّن جماعة الحوثي، وكان يتحدث باسم المكوّن، ويعقد مؤتمرات صحفية لايضاح موقفه من مستجدات المؤتمر والقضايا الأخرى ذات الصلة به.
ولم يصدر توضيح كهذا تبعاً لكثير من المقابلات الإعلامية والتصريحات الصحفية التي يدلي بها البخيتي، وناشطون آخرون في إطار الجماعة يتحدثون عن قضايا أخرى غير حساسة، رغم أنهم يعرفون أنفسهم كقيادات في جماعة الحوثي، باستثناء توضيح مماثل أعلنته الجماعة خلال إحدى جولات الحرب، لنفي صلة قائدها عبدالملك الحوثي بتصريحات أطلقها شقيقه يحيى.
وقال البخيتي، الذي عرفته الجريدة بأنه قيادي في جماعة الحوثي: «مستعدون لتسليم أسلحتنا للدولة وفقاً لقرارات فريق قضية صعدة بمؤتمر الحوار الوطني التي عالجت مشكلة السلاح كمشكلة يمنية وليست حوثية».
ونفى البخيتي صحة ما تردد عن تشكيل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لجنة حكومية تضم ثلاثة وزراء للتفاوض معهم لتسليم أسلحتهم وإقناعهم بالتحول إلى حزب سياسي.
البخيتي: مستعدون لتسليم أسلحتنا للدولة وفقاً لمخرجات الحوار.. وعلى الآخرين أن يحذون حذونا وأضاف: «لو كان هذا الأمر صحيحاً لأعلن عبر وسائل الإعلام الرسمية, لكننا مستعدون لتسليم أسلحتنا لدولة الشراكة الوطنية التي يفترض أن تنشأ بعد مؤتمر الحوار ومن دون شروط أخرى».
وتشكل مطالبات جماعة الحوثي بالتخلِّي عن السلاح والتحول لحزب سياسي عُقدة لدى الجماعة التي ما يتصدر مطالبها بناء الدولة المدنية، وتقرن تحولها لحزب سياسي بقيام دولة مدنية، ما يشكك في جديتها في التحول لحزب سياسي، خصوصاً في ظل استمرار توسعها الجغرافي ومواجهة خصومها بالقوّة.
وتنشط جماعة الحوثي، التي ارتبطت نشأتها باستخدام السلاح في مواجهة الدولة خلال جولات حروب صعدة، بجناح سياسي خاضت به مؤتمر الحوار ويرأس مكتبها السياسي القيادي في الجماعة صالح هبرة الذي كانت تنتدبه خلال فترة الحروب كمفاوض باسمها مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح سواء في الداخل والخارج.
وسبق أن التقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر عبدالملك الحوثي بصعدة أواخر عام 2011، وطرح عليه التحول لحزب سياسي، فوعد الحوثي بذلك بعد توفّر الظروف الملائمة.
البخيتي: تحولنا لحزب سياسي سابق لأوانه ويمكن تدارس الأمر بعد بناء دولة الشراكة واعتبر البخيتي في تصريحاته، أمس، ل«السياسة» الكويتية أن الحديث عن تحولهم إلى حزب سياسي في الوقت الحالي هو حديث سابق لأوانه، مبيناً أن «هذا الخيار يمكن تدارسه بعد بناء دولة الشراكة الوطنية المتفق على آليتها في فريق قضية صعدة».
ودعا البخيتي الجماعات الأخرى، ومن بينها أحزاب سياسية، إلى أن تحذو حذوهم وتعلن استعدادها لتسيلم الأسلحة وفقاً للآلية المقرّة في فريق قضية صعدة، مشيراً بذلك إلى حزب «الإصلاح» الذي قال إنه «يمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة بينها دبابات وعربات مدرّعة وأسلحة رشاشة، وأن الإصلاح يقاتل بها الحوثيين في الوقت الحالي، وسيقاتلون أي طرف آخر مستقبلاً قد يختلفون معه».