هل حبة الأرز لها قيمة؟.. سؤال وجهته معلمة صينية لطلابها في الصف الأول الابتدائي، وكان جواب طلابها بالنفي.. قالت المعلمة: كيف ذلك؟ فرد عليها أحد التلاميذ «حبة الأرز لا تشبعني وعندما آكل يقع العديد منها على الأرض».. فقالت المعلمة «نحن الصينيون أكثر من مليار، ولو أن كل شخص أسقط حبة أرز على الأرض لكان مجموع ما نهدره في اليوم مليار حبة أرز وهذه كارثة». في اليمن تتجاوز حبات الأرز المتناثرة على أطراف الموائد وفي بقايا الصحون آلاف الأطنان ما يعني ضياع ملايين الدولارات ورمي ما يكفي لإطعام الآلاف من الأسر الفقيرة كل يوم!!
في مجتمع فقير كاليمن تشكل مثل هذه الأرقام أهمية كبيرة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة لغالبية المواطنين، خاصة إذا ما تذكرنا أن أكثر من 10 ملايين مواطن يمني يعيشون حالة فقر بينهم 5 ملايين ونصف في وضع حرج "تحت خط الفقر" - حسب بيانات برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة، وهو البرنامج الذي أطلق خطة الاستجابة الإنسانية لمساعدتهم.
تقول الأرقام إنه بإمكاننا توفير أكثر من 5% من قيمة هذه الخطة الإنسانية من خلال رفع الوعي الاستهلاكي والحد من إهدار مادة الأرز يوميا.
ويعتبر الأرز إحدى الوجبات الرئيسة في المائدة اليمنية، إذ لا يكاد يخلو بيت يمني من هذه الوجبة، في الوقت الذي لا تخلو أية سفرة من عديد حبات أرز متناثرة تصل إلى 11% من المأكول.
وإذا كانت هناك أسرة واحدة من بين كل ثلاث أسر يمنية، لا يدخل الأرز ضمن وجباتها الرئيسية، فإن حوالي مليون 780 ألفاً و304 أسرة تتناول الأرز بشكل يومي من إجمالي عدد الأسر اليمنية (2 مليون و670 ألفاً و457 أسرة حسب مسح ميزانية الأسرة لعام 2006).
وقدر المسح متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة 7,5 فرد، وبحسب الاستطلاع فإن هذه الأسرة تستهلك ما يقارب 500 جرام (نصف كجم) من الأرز يومياً، وهو ما يعني أن 50 جراماً تسقط على الأرض (حسب النسبة المقدرة سابقاً 10- 11%) في اليوم الواحد، وهي نسبة قد تبدو متفائلة في كثيرٍ من البيوت، حسب عيِنة الاستطلاع.
نتائج المسح كشفت أن معدل الاستهلاك اليومي يصل إلى 890 طناً، أي أن المهدر منه 89 طناً قيمتها 13,700 مليون ريال، إذا ما تم احتساب سعر الطن ب145 ألف ريال (حسب التسعيرة الرسمية من مصلحة الجمارك)، وبالتالي فإن معدل الاستهلاك السنوي للأسر اليمنية من الأرز 320,454 طناً، بقيمة 46 ملياراً و465 مليوناً و830 ألف ريال، يهدر منه 32,040 طنا بقيمة 4,943 مليار ريال (تشكل 11% من إجمالي كمية الأرز المستوردة خلال 2012).
أما على الجانب الآخر فتمثل نسبة ما تهدره المطاعم "الشعبية والراقية" أرقاماً مُخيفة، فبحسب المسح النهائي للجهاز المركزي للإحصاء للمطاعم والفنادق للعام 2009، حوالي 16,251 منشأة تعمل في مجال أنشطة المطاعم وتشغل حوالي 65,323 عاملاً.
139 طناً من الأرز يهدره اليمنيون يومياً و50 ألف طن سنوياً بقيمة 7 مليارات و700 مليون ريال وتقدر كمية استهلاك المطاعم من الأرز بشكل يومي حوالي 325 طناً (20 كجم لكل مطعم)، أي 117 ألف طن بقيمة 16,966 مليار ريال, فيما يقدر متوسط حجم إهدار الأرز في المطاعم بحوالي 15%، وهي نسبة قابلة للزيادة في المناسبات، حيث تبلغ حينها سقف ال20% من كمية الأرز المطبوخ وفقاً لبعض العاملين في هذه المطاعم؛ لتصبح الكمية المُهدرة 50 طناً يومياً بقيمة 7,700 مليون ريال, وبمعدل إهدار سنوي يصل 18 ألف طن بقيمة 2,772 مليار ريال.
"نبيل محمد" عامل تنظيف في أحد المطاعم الشعبية أوضح ل"الإعلام الاقتصادي" أن ما يبقى في الصحون وما يتم مسحه من الطاولات يصل إلى 15% من إجمالي ما يتم طبخه، مؤكداً أن هذه الكمية تُرمى للأغنام، فيما يتم توزيع كميات أخرى من الأرز النظيف على الفقراء عبر الجمعيات الخيرية؛ مثل جمعية "إكرام النعمة" - حسب نبيل.
ويوافقه "محمد ناجي" عامل تنظيف في أحد المطاعم الراقية والكبيرة بصنعاء أن عمليات المسح والتنظيف للطاولات أو للصحون تسفر عن جمع بقايا أرز تصل إلى 10 - 15% من إجمالي الكمية التي يطبخها المطعم بشكل يومي، يوضع النظيف منها "5%" في باكتات أو أكياس وتوزع للمساكين أو الجمعيات الخيرية، فيما يتم تجميع الكميات التالفة من الأرز سواء من بقايا الحبات المتناثرة على الطاولات أو من بقايا الصحون نحو 10% وتعطى للأغنام، وتزداد الكمية المهدرة في حالة العزائم والأعراس لتصل إلى 20% - حسب قوله.
من خلال مقاربة بسيطة قامت بها "الإعلام الاقتصادي" ضمن استطلاع أُجري على عينة عشوائية من المستهلكين (مطاعم شعبية وبيوت ومطاعم سياحية) عن حجم وكميات الأرز التي تهدر بشكل يومي فإن حوالي 11% هو مقدار ما يتساقط على الموائد بالمتوسط من إجمالي ما يستهلك من مادة الأرز.
نتائج الاستطلاع كشفت أن حوالي 6 مليارات و950 مليون حبة أرز يهدرها اليمنيون في اليوم الواحد، ما يعني أن حوالي 2 تريليون و502 مليار حبة أرز سنوياً مصيرها أكياس القمامة.
يبلغ وزن حبة الأرز الواحدة 0.02 جرام، بمعنى أن الجرام الواحد يزن 50 حبة أرز، وبالتالي فإن الكيلو جراماً يزن 50 ألف حبة أرز، فيما يعادل الطن الواحد نحو 50 مليون حبة أرز.
بحسبة بسيطة يتبين أن مقدار ما يهدره اليمنيون يومياً من الأرز في البيوت والمطاعم يقدر بحوالي 139 طناً بقيمة 21 مليوناً و406 آلاف ريال، أي 50 ألف طن سنوياً، بقيمة 7 مليارات و700 مليون ريال بما نسبته 11% من واردات اليمن من مادة الأرز خلال 2012، والبالغة نحو 456 ألف طن حسب بيانات مصلحة الجمارك.
ولضمان حساب الكميات المُهدرة بشكل دقيق تم التصنيف وفقاً لكمية الاستهلاك: استهلاك أسري، واستهلاك المطاعم.