التقى الرئيس عبدربه منصور هادي أمس الأحد القيادي البارز في الحراك الجنوبي ناصر النوبة في نجاح جديد للرئيس الانتقالي في اجتذاب قادة الحراك إلى صفه وإقناع الجنوبيين بجدوى حلوله للقضية الجنوبية. وقاد النوبة منذ 2007 احتجاجات مئات العسكريين الجنوبيين ممن سرحهم نظام الرئيس علي عبدالله صالح من الخدمة قبل أن تشكل احجتاجات جمعية المتقاعدين العسكريين التي كان يديرها نواة لانتفاضة شعبية عمت المحافظات الجنوبية رفضاً للسياسات التمييزية ضد الجنوب بفعل حرب 1994.
لكن النوبة فقد موقعه القيادي في الحراك الجنوبي على نحو تدريجي منذ 2009 حين انخرط قادة سياسيون سابقون بينهم آخر زعيم للدولة الجنوبية علي سالم البيض في نشاط الحراك وتزعموا فصائل أخذت تتنافس على قيادة الشارع الجنوبي.
مزيد من قادة الحراك ومنظريه أعلنوا دعمهم للرئيس مؤخراً والنوبة نفسه يتزعم فصيلاً في الحراك يطلق عليه "الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب" لكن فصيله غير مؤثر كثيراً في الساحة الجنوبية.
وأبدى النوبة الذي يحمل رتبة عميد انطباعاً جيداً في أعقاب لقائه بالرئيس هادي, قائلاً إنهما اتفقا على "الكثير من الخطوط والعمل بصورة نوعية من أجل المضي صوب المستقبل بصورة واضحة".
ونقلت وكالة سبأ الحكومية عنه قوله "سمعت من الأخ الرئيس شرحاً حول استمرارية المعالجات والعمل الاستراتيجي ونحن نؤكد أننا سنبذل قصارى جهدنا من اجل التعاون مع الأخ الرئيس في كل ما يهم القضايا الوطنية وسنعمل برؤية تخدم التطلعات نحو المستقبل الجديد وما يحمله من آمال عريضة من أجل الحرية والعدالة والمساواة".
وينتمي النوبة الذي كان قائداً للواء في الجيش الجنوبي السابق إلى محافظة شبوة كما نال عضوية اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي اليمني عام 2005, إلا أنه تخلى عن عضويته وقدم استقالته من الاشتراكي متأثراً بموجة عداء للنشاط الحزبي رافقت صعود شعبية الحراك الذي رأى قادته في العمل السياسي على أساس حزبي داخل الجنوب مؤامرة على القضية الجنوبية وتشتيتاً لجهود استعادة الدولة الجنوبية.
مازال أمام هادي كي يضمن تهدئة الساحة الجنوبية أن يخطب ود نائب الرئيس السابق علي سالم البيض وذكرت الوكالة أن هادي أشاد ب "نضالات" النوبة وتعهد بالعمل على إنجاز معالجات واسعة للقضية الجنوبية.
وقال هادي "الآمال والتطلعات مبنية على أساس التطبيق وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل وفي مقدمتها دستور اليمن الاتحادي والذي سيؤسس لمنظومة حكم جديدة وفقا لمعطيات مخرجات الحوار الوطني الشامل وبما يرسم مستقبلاً جديداً على أساس حفظ الحقوق والحرية والمساواة من خلال قيام الدولة المدنية الحديثة".
ولم يتمكن "المصدر أونلاين" من الحصول على تعليق من النوبة بشأن اللقاء ومدى استعداده لمساعدة الرئيس هادي في تهدئة الساحة الجنوبية لأن هاتفه كان مغلقاً مساء الأحد.
يأتي لقاء الرئيس بناصر النوبة في إطار مساعيه لاستقطاب ولاء الحراك الجنوبي وإقناعه بالحلول التي صاغها مؤتمر الحوار للقضية الجنوبية.
ونجح هادي إلى حد كبير في اختراق الحراك منذ 2012 حين استدعى حليفه القديم محمد علي أحمد من منفاه في الخارج وسخر له دعماً كبيراً لتأسيس مؤتمر شعب الجنوب الذي برز في فترة قصيرة واحداً من الفصائل ذات الشعبية الكبيرة لدى الحراك.
لكن محمد علي أحمد لم يلبث أن انشق عن هادي خلال أشهر الحوار الوطني، معلناً رفضه لفرض حلول مسبقة للقضية الجنوبية غير أن هادي أزاح أحمد ودعم قيادة بديلة لمؤتمر شعب الجنوب، أكملت جلسات الحوار ووافقت على مجمل الصيغ التي طرحها الرئيس بشأن القضية الجنوبية وأقاليم الدولة الاتحادية.
وتوالت خلال الآونة الأخيرة تصريحات لقادة ونشطاء في الحراك الجنوبي بشأن دعمهم للرئيس هادي فيما انحسرت موجة الاحتجاجات التي كان ينظمها الحراك في المدن الجنوبية الكبرى وخرجت عن السيطرة مراراً لتتحول إلى أعمال عنف.
"البيض" ينقلب إلى شخص حاد وعدائي حين يتصل الأمر بالزعامة وهادي لا يبدو أنه يحمل مشاعر ودية تجاه البيض بل يراه لاعباً سياسياً هداماً ومن شأن هذا العامل تعقيد أي إمكانية للتقارب بينهما كان أبرز دعم تلقاه هادي من قادة الحراك جاء على لسان رئيس حكومة الوحدة حيدر أبوبكر العطاس الذي صرح في وقت سابق من أبريل الماضي حين وصف نتائج مؤتمر الحوار بأنها ضمن "الممكن المتاح".
كذلك خفت صوت القيادي البارز في الحراك حسن باعوم الرافض لأي حلول للقضية الجنوبية لا تضمن للجنوبيين حق استعادة دولتهم السابقة.
ومع ذلك مازال أمام هادي كي يضمن هدوءاً كاملاً في الجنوب أن يخطب ود نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الذي يحظى بشعبية لدى فصائل الحراك المطالب باستعادة الدولة الجنوبية, كما يحوز إمكانات مادية وعلاقات نافذة يستطيع بهما الإبقاء على جزء من الاحتجاجات الجنوبية مشتعلا.
وينقلب "البيض" إلى شخص حاد وعدائي حين يتصل الأمر بالزعامة، إذ أنه مايزال يحتفظ لنفسه بلقب الرئيس ويرى أنه الرئيس الشرعي للدولة الجنوبية التي يتمسك بالعمل على استعادتها.
ومن شأن هذا العامل أن يصعب من إمكانية أي تقارب بين هادي والبيض كالذي جرى مع بقية قادة الحراك والمعارضة الجنوبية المقيمين في الخارج، كما لا يبدو أن هادي يحمل مشاعر ودية تجاه البيض ويرى فيه لاعباً سياسياً هداماً مثلما بدا ذلك في قرارات دولية أقنع الرئيس المجتمع الدولي بوضع البيض في صدارة معيقي العملية السياسية الانتقالية.