في حادثة استشهاد العميد حميد القشيبي ومذبحة اللواء 310 في عمران لا يمكن القول سوى ان الدولة قد تعرضت لضربة قاصمة لوجودها السيادي وكيانها الوجودي وحتى دلائل رمزيتها. ظل القشيبي مع ضباطه والأفراد يعانون حصاراً خانقاً ويواجهون تطويقاً منهجياً لشهور خلت دون ان يحظوا بذلك الإسناد الاستراتيجي الذي يكفل تعزيز حضور الدولة في مدينة عمران بموازاة الحفاظ على ترسانة الأسلحة التي تحويها مخازن اللواء باعتباره يضم عشرات الدبابات والعربات والآليات العسكرية.
في دهاليز صنعاء، ربما لم يكن هنالك ثمة رضا عن الصمود اللافت ومتواليات الجسارة التي أبداها قائد اللواء وضباطه وجنوده في مواجهة التمدد غير المبرر لمليشيات الحوثي، غير ان ما دار في الدهاليز (ان صحت التسريبات بشأن مآلات اللواء وقائده) لا يبرر على الإطلاق التضحية بعتاد عسكري لا شك في انه سيشكل عبئاً ثقيلاً على العاصمة صنعاء حين يتخذ أمراء الحرب والتوسع قرارات باتجاه التوغل صوب عاصمة الوطن.
اللافت في شأن استشهاد القشيبي ومذبحة اللواء 310 في عمران يكمن في إصرار مسلحي الحوثي على تحاشي تنفيذ توافقات ما قبل اجتياح اللواء التي نصت على وقف إطلاق النار وخروج اللواء 310 من عمران خلال أيام وإعادة قائد اللواء الى صنعاء.
مستويات الغيظ من قائد اللواء وتصريحات منسوبة اليه لم يكن في تقديري الشخصي التعليل الوحيد لذلك التصميم المثير على اجتياح اللواء.
بالنسبة للحوثي، ثمة مرامٍ تقترب كثيراً من الوصول الى طموحات تطال العاصمة صنعاء بسوء ربما يبلغ حد المساس بالنظام الجمهوري، وهي غاية تتطلب التفكير في تعزيز الترسانة العسكرية لمليشيا الحوثي التي تقاتل دونما غاية او غطاء او مظلمة ذات أبعاد واقعية.
الحاجة الى إسناد اللواء مثلت ضرورة قصوى ان لم يكن بهدف الحفاظ على حياة منتسبي اللواء ومقاتليه فعلى اقل تقدير الحيلولة دون سقوط ترسانته العسكرية من الدبابات والآليات العسكرية ومضادات الطيران التي قطعاً ستمثل قلقاً بالغاً على استقرار العاصمة في حال ما اذا أقدم أمراء الحرب على مغامرات تطال العاصمة صنعاء.
سقوط اللواء 310 لا يعد سقوطاً للشهيد القشيبي او ضربة للقوى التي يعلل البعض استهداف اللواء بدعمها، انه دون ريب سقوط للدولة ولهيبتها ورمزيتها ومكانتها وحضورها الاستراتيجي والعسكري في عمران.. ليس هذا فحسب، انه المقدمة وبوابة العبور نحو تحقيق التطلعات والغايات المفروضة قسراً على غالبية الرافضين لمشروع توسعي يتغيا في معظم خطوطه العريضة غير الوطنية إعادة اليمنيين الى تموضعات قبلوا الأرض بين يدي أمراء الحروب!